فرضت قوات الأمن المصرية، إجراءات أمنية غير مسبوقة في عدة مدن مصرية، وأغلقت عشرات الطرق وبعض محطات المترو، إلى جانب إغلاق مواقف النقل الرئيسية بين القاهرة والمحافظات، في محاولة لمنع الاحتجاجات المطالبة بإسقاط رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي.

وقال شهود عيان، إن قوات الأمن أغلقت الشوارع المؤدية إلى ميدان التحرير، وأحكمت قبضتها بشكل كامل على حركة المرور، وقامت باعتقال عدد من المتظاهرين، مؤكدين أن الإجراءات الأمنية استهدفت عزل القاهرة عن باقي المحافظات في محاولة لمنع الاحتجاجات بـ “جمعة الخلاص”.

وأطلقت قوات الأمن المصري، الخرطوش، والغاز المسيل للدموع، لتفريق المتظاهرين في محافظة الجيزة، ما أسفر عن سقوط عدد من المصابين، كما اعتقلت عددا من المتظاهرين.

وعقب صلاة الجمعة، انطلقت تظاهرات احتجاجية في عدة محافظات مصرية، تطالب بإسقاط النظام الحاكم، ورحيل السيسي، مرددين هتافات منها: “إرحل يا بلحة”، و”الشعب يريد إسقاط النظام”، و”عيش حرية.. عدالة اجتماعية”، و”سلمية.. سلمية”، “يسقط يسقط حكم العسكر”.

وشهدت بعض المدن والأحياء في محافظات الأقصر، وقنا، والمنيا، والجيزة، حتى الآن، مظاهرات احتجاجية شارك فيها المئات، وذلك ضمن فعاليات ما يُعرف بـ”جمعة الخلاص”.

وفضت قوات الأمن المصرية تظاهرة تطالب برحيل السيسي، في مركز الصف بالجيزة وحلوان وتعتقل عددا من المحتجين.

ومن جهتها، أدانت الجبهة المصرية الإجراءات التعسفية الموسعة التي قامت بها السلطات والأجهزة الأمنية المصرية، والتي طالت أعدادا كبيرة من المواطنين، وذلك في إطار دعوات بالتظاهر طالبت برحيل رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي عن حكم البلاد.

وأشارت، في بيان لها، الجمعة، وصل “عربي21” نسخة منه، إلى أن الإجراءات الأخيرة هي “تطبيق غير مسبوق لحالة الطوارئ المستمرة من نيسان/ أبريل 2017، وكأن البلاد مُقبلة على حرب أو كارثة طبيعية وليس مجرد تظاهرات سلمية”.

ورأت الجبهة أن “السلطات المصرية في تعاملها مع المطالب السياسية تبدو كأنها لا تفرق بين النظام والدولة، وتعتبر بأن أي دعوات لرحيل رأس النظام هو تهديد للدولة، وهو ما يمكن أن يفسر هذه الحالة من التأهب القصوى والاستعدادات الأمنية المشددة، بما صاحبها من انتهاك واسع للحقوق والحريات الشخصية”.

وأشارت الجبهة المصرية إلى أن السلطات تطبق حالة الطوارئ المعتادة، وهي الحالة التي تعطي صلاحيات استثنائية للسلطة التنفيذية لمواجهة حالة غير عادية، لكن بشكل أكثر صرامة، حيث تستعملها السلطات عندما ترى أن القوانين والإجراءات العادية عاجزة عن مواجهتها”. 

وتابعت: “بممارستها هذه الإجراءات الاستثنائية المتوسعة تخالف السلطات المصرية الحقوق المنصوص عليها في دستور 2014 المعدل، والفقرة 1 من المادة 4 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والتي توجب عدم تعطيل الحقوق والحريات الأساسية حتى في ظل حالة الطوارئ”.

وأردف بيان الجبهة المصرية: “كما عمدت السلطات على خلفية المظاهرات إلى الاستيقاف والقبض العشوائي على مئات المواطنين، تقدرهم مؤشرات حقوقية بما يقترب من الألفي شخص، فيما تم التحقيق خلال أربعة أيام سابقة لما يصل إلى 900 شخص”.

وأشار إلى “تعرض المعتقلون لأنواع مختلفة من الانتهاكات تخل بحقوقهم المكفولة بالقانون والمواثيق الدولية، حيث احتجازهم في معسكرات قوات الأمن في ظل أوضاع احتجاز سيئة مثل التكدس، وسوء أوضاع التغذية والرعاية الطبية، وعدم تمكينهم من التواصل مع ذويهم”.

وأكد أن “هذه الحالة المتصاعدة للإجراءات الاستثنائية تفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات عدة، مثل ماهية المعيار الذي على أساسه قررت السلطات المصرية رفع حالة الطوارئ للدرجة القصوى، لدرجة إرهاب المواطنين، وبث الفزع والرعب في نفوسهم، وتخويفهم من انتهاك حقوقهم وحرياتهم في أي وقت؟، وإلى متى يمكن أن تستمر الأجهزة الأمنية في هذه الحملة الأمنية المشددة، خاصة مع اتساع دائرة الاشتباه هذه المرة لتشمل عموم الناس؟”.

وطالبت الجبهة المصرية السلطات بالتوقف فورا عن “التطبيق غير المسبوق لحالة الطوارئ في مصر، والتي انتهكت على خلفيتها حقوق وحريات المئات، إن لم يكن الآلاف من عموم المواطنين، فضلا عن إطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية هذه الأحداث”.

وشدّدت الجبهة على أنه “كان من الواجب على السلطات، بديلا عن القمع الافتراضي لحراك عفوي، العمل على الإنصات الكامل لهذه الدعوات، وما تحمله من مطالب ودلالات سياسية، واحترام حقوق المواطنين وحقهم في التظاهر والتعبير عن الرأي والتجمع السلمي، بل وضمان حمايتها”.