تسعى السلطات التونسية، إلى السيطرة على جمعيات ومنظمات المجتمع المدني، للحد من فاعليتها ومراقبة تمويلها وإخضاعها لسلطة الإدارة.

ووفق تقرير نشرته مجلة “جون أفريك”، أمس الجمعة، فإن ناشطي الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني يخشون من أن يتم استهدافهم، بعد تغييب الأحزاب، لا سيما مع تجميد عمل البرلمان.

وتتهم أحزاب سياسية الرئيس التونسي قيس سعيد، بالعمل على إقصاء الأحزاب تمامًا من المشهد السياسي.

وأشار التقرير إلى مشروع مرسوم تنظيم الجمعيات، الذي تم تسريبه عبر قنوات رئاسة الحكومة، وأثار ضجة داخل المجتمع المدني في تونس.

ووفق المجلة، فإن النص الجديد يعطي للسلطات حرية كاملة لتعليق وإنهاء نشاط جمعية ما بناء على تحذير بسيط، دون السماح للجمعية المشتبه بها باللجوء إلى القضاء، ومنحها فرصة العودة إلى نشاطها.

ويهدف الإجراء من حيث المبدأ إلى مكافحة غسل الأموال والتمويل غير المشروع للأحزاب السياسية وتمويل الإرهاب، لكنه يثير مخاوف بشأن الإنجازات الديمقراطية حيث أدى سقوط نظام “زين العابدين بن علي” في عام 2011، إلى ظهور نسيج نشط من الجمعيات.

وهذا المشروع ينصّب الإدارة كشرطي وليس كميسر للقطاع التطوعي، ما يقلل بشكل كبير من مساحة المناورة للجمعيات، وفق تعبير المجلة.

واعتبر التقرير أنّ توجهات الحكومة اليوم تدفع نحو الحد من انتشار الجمعيات ومن اتساع دائرة عمل المجتمع المدني، مشيرًا إلى أن رئاسة الحكومة أبدت على امتداد أشهر تردّدا في الردّ على طلبات إنشاء جمعيات، ما يعيد إلى الأذهان الدور الذي كانت تقوم به الحكومة قبل 2011 في تنظيم عمل المجتمع المدني والعمل النقابي.

وكانت السلطات التونسية، قد أوقفت 3 جمعيات من بين 10 مشتبه في ارتكابها جرائم تبييض الأموال.

وترغب الحكومة في أن يكون لها حق أكبر في التدقيق على ما يقرب من 23 ألف جمعية تعمل في جميع القطاعات، وهي في بعض الأحيان تعوض عن أوجه قصور الدولة، على سبيل المثال في دعم أو توزيع المساعدات للسكان أثناء الكوارث الطبيعية، وفق قوله.

وبحسب مشروع المرسوم سيخضع التمويل الأجنبي من الآن فصاعدًا إلى تفويض خطي من اللجنة التونسية للتحاليل المالية، التي لا تتمثل مهمتها من حيث المبدأ في التحكم في التحركات المالية للجمعيات في المراحل الأولى.

ولكن عندما يتم الإبلاغ عنها من قبل البنوك، وهو تعقيد إضافي سيكون له تأثير قوي على أنشطة الجمعيات الأجنبية والمنظمات غير الحكومية المؤسسة في تونس، بحسب التقرير، الذي نقل عن موظف بمنظمة أجنبية قوله “إنها طريقة لقطع العلاقات مع المنظمات التي يمكن أن تزعج السلطات”، وفق قوله.

ويعتقد المراقبون أن هذا التغيير الشامل للمرسوم (88) الذي يقدم فكرة “المؤسسات الوطنية ذات النفع العام” يخدم المشروع الرئاسي للشركات المدنية التي تهدف إلى إدارة المبادرات المحلية بشكل جماعي بمشاركة الدولة، وفق قراءة “جون أفريك”.

ويذهب النص إلى أبعد من ذلك، ويستهدف أيضًا الحملات الانتخابية حيث لا يمكن لأعضاء مكاتب الجمعيات السعي إلى الحصول على تفويض إذا لم يتوقفوا عن نشاطهم النقابي أو الجمعياتي قبل 3 سنوات من الانتخابات التي يرغبون في المنافسة فيها.

وتعاني تونس أزمة سياسية، منذ فرض الرئيس قيس سعيد، في 25 يوليو الماضي، إجراءات استثنائية منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.