العدسة _ إبراهيم سمعان

استسلم أخيرا خالد علي، آخر المرشحين تقريبا لانتخابات الرئاسية المصرية، الذي فضّل الانسحاب من هذه الانتخابات في 24 يناير، حيث أعرب، المدافع عن حقوق الإنسان، عن أسفه لأنه عندما أعلن ترشحه في نوفمبر الماضي، استهدفت موجة من الاعتقالات عددا كبيرا من مؤيديه.

خلال الجدول الزمني للانتخابات – فترة الـ 21 يوما التي تسمح للمرشحين بالإعلان عن دخولهم السباق وحصولهم على 25 ألف توكيل من المواطنين- لم يُسمح لهم بانتخابات “حرة ونزيهة”، إذ انتصرت الاستراتيجية التي ينتهجها الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي تمكن من خلال الاعتقالات والضغوط، فتح الطريق أمامه للفوز.

الكاتبة الفرنسية آن كلير- بونيفيل، المحاضر في تاريخ العالم العربي المعاصر بمعهد اللغات والحضارات الشرقية بباريس (Inalco)، أكدت في حوار مع صحيفة “لوبوان أفريك” الفرنسية أنه في عهد الرئيس السابق حسني مبارك كان يوجد “حرية أكثر”، محاولة شرح استراتيجية السيسي التي يهدف من خلالها أن يكون وحيدًا على الساحة.

-ما هي رؤيتك لمشهد الانتخابات الرئاسية؟

في ظل الضغوط الحالية، لا أتوقع رؤية مرشحين آخرين، خاصة أن الموعد النهائي لتقديم الطلبات هو 29 يناير، وفي هذا السياق، لا شك في إعادة انتخاب السيسي، هذا يتناقض إلى حد ما مع الجو الذي ساد في البلد قبل بضعة أشهر.

-كيف من الممكن أن يتدهور الوضع في الأسابيع القليلة المقبلة؟

الكثير من المواطنين المؤيدين للسيسي قلقون، ما بين الأزمة الاقتصادية، ومشكلة الأمن والحرمان من الحريات، الانتخابات لن تكون فوزا وفقا لمؤيدي الرئيس.

-لماذا لا يمكننا سماع صوت المعارضة؟

المعارضة لا يمكنها التحرك، فهي ضحية للقمع الحقيقي، ومكانتها في المشهد السياسي باتت محدودة، إن المجال السياسي ككل يخضع لسيطرة شديدة. ويمكن القول إن هناك تعددية معينة، تمكنت من التعبير عن نفسها أثناء الانتخابات التشريعية، لكن الرئاسة هي مسألة ذكورية، للناس، السيسي فهم هذا ويستخدم كل الضغوط ليكون السيد الوحيد.

-في الأساس هل السيسي مدعوما شعبيا؟

في بداية ولايته، دعمه الكثيرون، لقد مثّل شكلا من الحل لوسط لطريقة الحكم التي عرفها الشعب بالفعل، لقد كانت مريحة، من خلال الأمل في حكم أكثر “مدنية”، وهو مصطلح سمعناه كثيرا خلال الثورة عام 2011.

لكن منذ 2014، كان هناك انعكاس كامل لهذا المثل الأعلى، أصبح الخطاب أكثر راديكالية، وأعتقد أنه يتعلق بالحالة الأمنية في مصر.
إن العديد من الهجمات التي تستهدف المدنيين، والجيش أيضا، كانت حججا يستخدمها السيسي بحماسة لإضفاء الشرعية على خطابه، للدافع عن استقرار البلاد ضد الإرهاب، وفي مواجهة الإخوان المسلمين، وأيضا المظاهرات.

-هل أثر الوضع الإقليمي على تشديد سياسته؟

إن الوضع السائد حول حدود مصر له تأثير بالضرورة على حكم السيسي، فبطريقة خبيثة، كان يهدد بشبح الفوضى الليبية، وبعبارة أخرى، يستخدم فكرة أنه إذا سمح للمواطنين بالتعبير عن أنفسهم والتحدث، وإذا استجاب لمطالب الشعب، فإن استقرار مصر سيكون مهددا.

-هل هذه الحجة يستخدمها أيضا المجتمع الدولي، الصامت تجاه ما يحدث في هذه الفترة قبل الانتخابات الرئاسية؟

من الواضح أن هناك خوفا من زعزعة الاستقرار، المجتمع الدولي لا يريد “سوريا ثانية”، إذا ساء الوضع في البلاد، سيجعل أكثر من 100 مليون مصري يحاولون الهجرة إلى أوروبا. ولا ينبغي نسيان أن مصر أيضا بلد يسيطر على طريق اقتصادي رئيسي “قناة السويس”.
وأخيرا، فإن الخوف من قيام “داعش”، بعد طرده من سوريا، يجبر أيضا الدول الأجنبية على التزام الصمت، إن الجهاديين الراسخين بالفعل في سيناء، بالنسبة للمجتمع الدولي، يمكنهم الاستفادة من سلطة مهتزة لبدء التوسع.