إبراهيم سمعان

على الرغم من تعدد الأزمات في الشرق الأوسط، يشير الخبير السياسي جيل كيبيل، إلى تراجع التوتر في المنطقة، وذلك لأن المتحاربون لم يعد لديهم الوسائل أو الدعم لمواصلة القتال، فهل تضع الحرب أوزارها؟

 

في كتابه الأخير “الخروج من الفوضى”، يتتبع جيل كيبيل أربعين عاما من الأزمة في العالم العربي من عام 1973، مسلطا الضوء على ظهور الحركات الإسلامية المتطرفة في المنطقة، وفترة ما قبل وبعد الثورات العربية وآثارها على الهجرة التي أصبحت هاجسا للأوروبيين اليوم.

 

ووفقا لصحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، فقبل كل شيء، يقول الخبير السياسي إن المنطقة تعبت من الحرب، حيث يبدو أن الجميع يسعى لتهيئة الظروف لإنهاء مختلف الصراعات الجارية، سواء في اليمن أو سوريا.

 

ويوضح كيبيل: أنا أميل إلى مقارنة الشرق الأوسط الحالي بأوروبا عام 1918، بعدما أراد الجميع الذهاب للحرب والفوز، نحن اليوم في استراتيجية ما بعد الصراع حيث يحاول الجميع التأكيد على مزاياه الخاصة، الجميع يستعد للتحولات وإعادة تنظيم صفوفه للاستفادة من الوضع الراهن أو إيجاد مخرج للأزمة.

 

أعتقد أن هناك تحركا عالميا تجاه اليمن وكذلك بالنسبة لسوريا وليبيا، لإيجاد حلول، لقد استنفدت جميع الأطراف المتحاربة، إذا تحدثنا عن داعش، في مختلف تطوراتها، فإن العديد من الأحزاب كان لها مصلحة في ازدهار داعش.

 

أولاً، بشار الأسد، لأن نظامه لم يعد الأسوأ، الإيرانيون لأنهم ليسوا الأشرار، دول الخليج ، لأنها تحمل الإيرانيين المسئولية، قادة في تركيا، لأنهم استفادوا من تهريب النفط.

 

لكن الآن لم يعد اللاعبون الإقليميون (المملكة العربية السعودية وإيران) يملكان الوسائل لفرض أرائهم، الرعاة الرئيسيون لا يشجعونهم على هذا الخيار، لم يعد لديهم حرية التصرف ويجب عليهم إبلاغ حلفائهم في موسكو أو واشنطن قبل أي خطوة.

 

فيما يتعلق باليمن ، يبدو أن قضية خاشقجي تعجل الخروج من الأزمة؟

كان دونالد ترامب يود الاستمرار في دعم المملكة العربية السعودية ، ولكن بعد قضية خاشقجي، أصبح الأمر صعباً،  العلاقة القوية جدا بين محمد بن سلمان آل سعود، ولي عهد السعودية ، وجاريد كوشنر صهر ترامب لم تعد كافية،  حتى أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين لن يظلوا صامتين  بعد الآن، مقتل خاشقجي أيقظ المشاعر القديمة المناهضة للسعودية، ونتيجة لهذه القضية، هناك ضغط قوي على السعودية لوقف هجومها في اليمن، وتخفيف الحصار المفروض على قطر.

بالنسبة لليمن، ما هو الحل؟

السعوديون في نفس الحالة التي عاشها المصريون في اليمن تحت حكم جمال عبد الناصر في الستينات من القرن الماضي، حيث يواجهون السعودية،  ثم تحدثنا عن “فيتنام مصر”، فمن ناحية، تتبع دولة الإمارات العربية المتحدة، شريك الرياض في اليمن ، منطقها الخاص من خلال دعم الانفصاليين في الجنوب.

إنهم يستفيدون الآن من مرض السلطان قابوس وإضعاف عمان لتوسيع هيمنتهم على الساحل، أصبحت جزيرة سقطرى عمليا قاعدة عسكرية إماراتية،  اشترت الإمارات أرض الصومال التي بنت موانئ لأفريقيا،  فقط في جيبوتي هم غير مرحب بهم، إنهم يبنون إمبراطورية بحرية للسيطرة على مضيق باب المندب بأكمله وبالتالي على طريق النفط.

 

وهل السعوديون يعيشون في فيتنام؟

السعوديون متورطون في حرب لا نفهم غرضها. يجب ألا ننسى أن الحوثيين هم نتاج للسلفية المتطرفة، تسبب التفاقم الذي خلقه السلفيون في حزب حوثي كجبهة مقاومة للزيديين، أما بالنسبة للدعم الذي تقدمه طهران أقل مما يدعي السعوديون والإماراتيون مقارنته مع ما تقدمه إيران لحزب الله في لبنان.

 

إن السعوديين عالقين في وضع معقد لأن الحوثيين لديهم منطقة يصعب الوصول إليها،  صنعاء هي واحدة من أعلى العواصم المرتفعة في العالم، من الصعب جدا إرسال الدبابات والكثير من الأسلحة الحديثة جدا التي قدمها الغرب لا طائل منها، باستثناء القصف الجوي الهائل الذي لا يمكن أن يؤدي إلا إلى كوارث.

 

حتى لو كان هناك نقص في اهتمام المجتمع الدولي بهذا الصراع، فإن العرب هم فقط من يقتلون أقرانهم، لكن وصل الأمر إلى أنه بات من الصعب الاستمرار، في اليمن  كما هو الحال في سوريا، نحن في فترة الاستعداد لما بعد الحرب، حتى لو لم يكن السلام قد حل بعد.