شهدت السعودية كارثة جديدة بفعل السيول التي اجتاحت مدينتي جدة والرياض، ما أسفر عن أضرار جسيمة في الممتلكات العامة والخاصة بدلاً من معالجة الأزمة، أصدرت السلطات السعودية تعميماً ضمنياً يحظر أي انتقاد علني للدمار الناتج عن هذه الكوارث الطبيعية،
كذلك يركز على إسكات الأصوات التي تتحدث عن فشل الحكومة في التعامل مع الأمر، انتشرت مقاطع فيديو وصور على منصات التواصل الاجتماعي تُظهر سيارات ومبانٍ تغمرها المياه، بينما تزداد شكاوى المواطنين الذين يُمنعون من التعبير عن غضبهم.
من جهة أخرى، علق عبد الله العودة، الأمين العام لحزب التجمع الوطني، أشار إلى أن النظام السعودي يتبع نهج التعتيم في مثل هذه الأزمات بدلاً من مواجهة الشعب بالحقائق.
كما اعتبر العودة أن إخفاء تبعات السيول يُعد وسيلة لتجنب الاعتراف بالقصور الحكومي والفساد المنتشر الذي يعرقل تحسين البنية التحتية. عوضًا عن محاسبة المسؤولين ومعالجة جذور المشكلة، يتم استهداف كل من يفضح هذا الفساد عبر التهديد أو الاعتقال.. فكيف يتحمل محمد بن سلمان المسؤولية كاملة؟
فساد متجذر وهدر الأموال العامة
تكرر كارثة السيول كل عام دون أي تحرك جدي من السلطات لمعالجة الفساد الإداري. على الرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على بداية عهد الملك سلمان، تظل البنية التحتية في المدن الكبرى مثل جدة والرياض هشة وغير قادرة على تحمل الأمطار الموسمية.
يُنفق النظام السعودي مليارات الدولارات على مشاريع ضخمة مثل مدينة “نيوم” ومدن أخرى تصفها السلطات بأنها مدن الأحلام، إلا أن هذه المشاريع لا تعكس أي اهتمام بتحسين الأساسيات، مثل شبكات الصرف الصحي والبنية التحتية.
أحداث الرياض تذكر بقول الداعية السعودي سلمان العودة، الذي وصف الأمطار بأنها “المفتش النزيه عن فساد البنية التحتية”، في إشارة إلى أن كل هطول للأمطار يكشف الفساد المستشري في مؤسسات الدولة.
من جهة أخرى، أشار ناصر العربي، عضو حزب التجمع الوطني، إلى أن تحذيرات السلطات بشأن سوء الأحوال الجوية لا تكفي، حيث أن المدن السعودية، خصوصاً في الحجاز، تفتقر إلى أي خطط جادة للتعامل مع الكوارث الطبيعية. وأوضح أن السلطات لديها تاريخ طويل في قمع كل من ينشر أدلة على فشل الحكومة، مما يجعل المواطنين يخشون التعليق أو مشاركة معاناتهم عبر الإنترنت خوفاً من الملاحقة القانونية.
غياب الحلول واستمرار المعاناة
المأساة ليست جديدة. ففي عام 2010، أودت السيول في جدة بحياة أكثر من 150 شخصاً ودمرت ممتلكات لا تُحصى. في ذلك الوقت، شُكلت لجنة لتقصي الحقائق وأكد تقريرها مسؤولية الحكومة عن الكارثة بسبب الفساد. لكن بدلاً من محاسبة المسؤولين، تم استخدام تجار العقارات كشماعة بديلة لتحميلهم المسؤولية، وانتهت الأزمة بتسوية بين الدولة وهؤلاء التجار.
فيما أوضح مراقبون أن النظام السعودي غير قادر على تقديم حلول جذرية للمشاكل المتكررة، لأن الفساد متجذر في مؤسسات الدولة بدءاً من الديوان الملكي. وأضاف أن السلطات السعودية قامت بتهجير الآلاف من سكان جدة قسرياً في إطار مشاريعها “التطويرية”، مما يعكس انعدام الاهتمام بمصالح المواطنين. كما استبعد العربي أن تقوم الحكومة بتعويض المتضررين، مشيراً إلى أن السلطة القمعية لا يمكنها تقديم أي حل حقيقي.
الخلاصة أن كارثة السيول في جدة والرياض ليست مجرد كارثة طبيعية، بل هي شهادة متجددة على فشل النظام السعودي في حماية مواطنيه من الأزمات المتكررة. الهدر الكبير للأموال على مشاريع دعائية لا يعالج المشكلات الأساسية، بل يزيد من معاناة الشعب. القمع المستمر للأصوات المعارضة يكشف عن خوف النظام من مواجهة الحقيقة، مما يجعل الحاجة إلى تغيير شامل أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
اقرأ أيضًا : أسلحة إماراتية في مدينة ود مدني.. متى يحاسب بن زايد على جرائمها في حق الشعب السوداني؟
اضف تعليقا