العدسة – ربى الطاهر

إنهم محترفو السرقة، ومن التصنيف الأعلى، حيث لا تخصص، ولكن كما الجراد يسعون نحو الأخضر واليابس، فالصهاينة لم يكتفوا بسرقة أرض فلسطين عام 1948، بل استمرت وعبر سبعين عاما، ممارسات السرقة التي يستهدفون منها بشكل رئيسي مسخ الثقافة العربية والفلسطينية، ونسبتها إليهم، واستغلالها في المحافل الدولية، لإيهام العالم بأحقيتهم فيها.

محاولات لقنص رموز بسيطة في المأكل والملبس والفن لتكون رمزا لشعب خرج إلى العالم بشكل شيطاني دون أصل، ومن ثم بحث له عن أصل فسرق تاريخ وموروثات أصحاب الدار.

فكل ما يفعلونه يذكر بشعارهم البذىء في مؤتمر “بازل” وهو المؤتمر الأول للحركة الصهيونية العالمية في 1897:  “فلسطين .. أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”.

 

المأكولات

“السلطة البلدي ـ الطعمية ـ الكشري ـ الشكشوكة ـ العدس”، لعل هذه الأكلات الشعبية المصرية الأصيلة هي أهم ما استهدف الكيان الصهيوني سرقته، فيرددون أن من اخترع تلك الأكلات هم “يهود مصر”، ومن ثم تصبح تراثا إسرائيلي خالصا، ليس هذا فقط، بل حاولوا تدشين حملات عالمية ودفع رشاوى من أجل تسجيل “أكبر طبق كشري إسرائيلي” في موسوعات “جينيس العالمية” للأرقام القياسية، وبشكل رسمي عبر منظمة اليونسكو للثقافة والفنون، على كل المستويات .

واللافت للنظر والكاشف لخداعهم، هو أن مثل هذه الأكلات يتم تسجيلها وفق النطق العربي بالعامية المصرية، ولكن بحروف عبرية مما يظهر كذب روايتهم.

 

الملابس

شهد هذا العام أكثر هذه المحاولات بشاعة، عند ظهور وزيرة الثقافة بالكيان الصهيوني، خلال مهرجان “كان”  السينمائي مايو الماضي، بفستان يحمل صورة البلدة القديمة في القدس المحتلة.

مشهد آخر شغل العالم قبل عامين، تحديدا في أبريل عام 2015، حين أقيم عرض أزياء لمصمم الأزياء الإسرائيلي يارون مينكوفسكي، خلال ما أطلق عليه تسمية “أسبوع تل أبيب للموضة”، حيث ظهرت العارضات يرتدين فساتين مصنوعة من الكوفية الفلسطينية بلونيها الأسود والأبيض، والأحمر والأبيض.

ويتكرر المشهد بشكل دائم عبر شركات الطيران الصهيونية، فترتدي المضيفات الزي الفلسطيني الفلكلوري الشهير، باعتباره إسرائيليا.

 

الورود بالموسوعات العالمية

ولا زالت الموسوعات العالمية بالفعل هدفا رئيسيا ليس فقط عبر أكبر طبق كشري، ولكن أيضا في الدوريات العلمية الخاصة بالورود والزراعات النادرة، فيقوم باحثون صهاينة بعمل أبحاث على زهور اللوز، على سبيل المثال، وكذلك على الصبار الفلسطيني الشهير، ومحاولة تطوير خصائصه؛ ومن ثم تسجيله باسم دولتهم المصطنعة داخل الدوريات العلمية، دون أدنى إشارة لنشأته الفلسطينية، وإبداع أهلها في زراعة تلك الأنواع النادرة.

وفي محاولة للمواجهة عبر الفن، قام شاب فلسطيني بإطلاق حملة لرسم الرموز الفلسطينية (وجوه ـ مفتاح ـ حجر) على لوحات الصبار المنتشرة بالأرض الفلسطينية.

 

الكتب  والآثار

ومن داخلهم جاءت إدانة أحد الأكاديميين الصهاينة رسالة دكتوراه في علم التوثيق والمكتبات أشار فيها إلى سرقة ما يزيد عن 8000 من الكتب النفيسة من البيوت الفلسطينية التي تم نهبها وطرد أهلها منها عام 1948.

فأكدت أطروحة الدكتوراه سرقة ونهب عشرات آلاف الكتب الفلسطينية النفيسة والفريدة من بيوت الفلسطينيين، وتمت أعمال النهب والسرقة هذه  تحت حماية جنود العصابات اليهودية والجيش الإسرائيلي، وبمراقبة ومساعدة أمناء المكتبة الوطنية الإسرائيلية، فقد تمت سرقة مكتبات كاملة لعائلات وكتاب وأدباء فلسطينيين، مثل المكتبة الخاصة لخليل السكاكيني، ومكتبة آل نشاشيبي بعيدا عن مكتبات ووثائق الهيئات الفلسطينية العامة، والمدارس والكنائس.

كشف الباحث أيضا وثائق رسمية، وقرارات حكومية بشأن كيفية التصرف بهذه المسروقات، وهذا الكنز الثقافي الهائل، وتحت أي بند يجب تخزينها، فكتب: ” يوجد في مخازن المكتبة الوطنية في القدس كنز مكون من 8000 كتاب، وضع عليها الحرفان(AP)، اختصارا لعبارة “ممتلكات متروكة” (Abandoned Pproperty)، لكن الدعاية السائدة في المكتبة الوطنية تشير إلى أن المقصود بالحرفين المذكورين هو “القيم”، في إشارة إلى أن ” القيِّم على أملاك الغائبين” هو المسئول عن هذه الكتب.

وبنفس الاتجاه لا تزال المواقع الأثرية الفلسطينية تتعرض للتدمير والسلب ومحاولة انتزاع لما تبقى من قبل الإسرائيليين، خاصة في مدينتي القدس والخليل المحتلّتين، حيث تقع حوالي 60% من مواقع التراث الثقافي تحت سيطرة الاحتلال.

إنهم يسرقون، ولن يوقفهم إلا انتصار يسترد الأرض أولاً.