“آمن وقليل التكلفة وجاهز للسياح”… هذا هو شعار حملة جديدة للترويج لسوريا كوجهة للاستجمام وقضاء العطلات، على الرغم من تقرير حقوق الإنسان الأخير الذي خلص إلى أن حكومة الأسد كانت مسؤولة عن “جرائم ضد الإنسانية” ولا تزال مكانًا غير مناسب لاستقبال الرحلات الخارجية.
في محاولة لإحياء صناعة السياحة في سوريا، والتي كانت شديدة الازدهار قبل الحرب الأهلية المدمرة التي قتلت الآلاف ودمرت المدن وأجبرت 13 مليون شخص على ترك منازلهم، بدأت الحكومة حملة منظمة لإقناع المستثمرين -والمصطافين- بأن سوريا لديها الكثير لتقدمه للزوار الأجانب.
في وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت وزارة السياحة السورية عن 25 مشروعًا سياحيًا في مؤتمر استثماري في دمشق، بما في ذلك احتمال إنشاء شواطئ خاصة بعد الإعلان عن صفقة مدعومة من روسيا بقيمة 60 مليون دولار (52 مليون جنيه إسترليني) لبناء مجمع فندقي في مدينة اللاذقية الساحلية.
الأمر متوقف الآن على استجابة السياح ومدى نجاح هذه الدعايات في إقناعهم بالقدوم إلى بلد قُتل فيه الآلاف من المدنيين خلال العقد الماضي، ولا يزال خطر اندلاع أعمال عنف في المنطقة مرتفعًا.
في سياق متصل، أمضى عدد من مدوني الفيديو البارزين العام الماضي في الترويج لتجربتهم في زيارة سوريا لملايين المشاهدين عبر الإنترنت تحت شعار “سوريا التي لا تظهر لك في وسائل الإعلام”، في محاولة للتأكيد على أن البلاد تُعد وجهة ممتازة لأي شخص يود الاستمتاع بوقته.
قال مدون السفر الإسباني خوان توريس، الذي ينظم أيضًا الرحلات الاستكشافية إلى سوريا مقابل 1590 يورو (1380 جنيهًا إسترلينيًا)، إنه كان قادرًا على السفر بمفرده في المرة الأولى التي زار فيها البلاد عام 2018، على الرغم من أن الحكومة طلبت في وقت لاحق أن يسافر السياح بصحبة مرشد.
أثار توريس غضب السوريين في الخارج برحلته الأولى، لا سيما بعد وصفه لحلب بأنها “تحررت” على يد قوات الأسد.
وعلى الرغم من ترويج توريس لسوريا كوجهة سياحية وإشادته بجهود الأسد وقواته في “إعادة” المحافظات المختلفة لسيطرتهم، وهو أمر يراه إيجابيًا، إلا أنه أكد أن البلاد تعاني من قمع حريات واضح ولن يخاطر بانتقاد الحكومة كي لا يقع فريسة الاعتقال.
توريس لم يكن المدون الوحيد الذي زار سوريا وروج لها، مشاهير “يوتيوب” الآخرين مثل درو بينسكي وإيفا زو بيك وتوماس براغ حققوا ملايين المشاهدات بعد نشرهم فيديوهات زياراتهم إلى سوريا.
تعليقَا على هذا تقول صوفي فوليرتون- باحثة في مجال المعلومات المضللة: “سيذهب مدونو الفيديو إلى سوريا لأنك تحتاج إلى القيام بشيء مختلف لتبرز على الساحة وتكتسب مشاهدات جديدة… للأسف يوجد نمط من المدونين الذين يحققون نجاحًا واسعًا بهذه الطريقة، على سبيل المثال يوجد شخص ارتفع عدد متابعيه من حوالي 700 إلى 50000 بعد أن ذهب إلى سوريا.”
وأضافت “إن وسائل الإعلام الموالية للحكومة السورية تستخدم السياح للترويج لروايتهم التي تقول إن سوريا تحظى بحياة طبيعية ولا مجال للصراعات والحرب الآن”.
وأكدت صوفي فوليرتون أن الزيادة في السفر إلى سوريا تثير تساؤلات حول أخلاقيات صناعة محتوى السفر على الانترنت، مضيفة أنه يجب أن يكون الناس قادرين على السفر إلى حيث يريدون، لكنك تحتاج إلى عدم التخلي عن أخلاقيات معينة كما يجب أن يدرك صانع المحتوى ما يحدث حوله قبل نقل أي صورة، “الأشخاص الذين يسافرون لسوريا ويعيدون كتابة السنوات العشر الأخيرة من التاريخ يلحقون الضرر بالسوريين الذين لا يستطيعون العودة إلى ديارهم”.
من جانبهم، يقول ناشطون سوريون إن المؤثرين قدموا صورة غير دقيقة عن البلاد- سواء عن قصد أو بغير علم- لم ينقلوا سوى حياة مؤيدي النظام، ناسين أو متناسين أوضاع الملايين الآخرين الذي يعيشون تحت الحصار أو في المنفى.
يقول فريد المحلول، الصحفي والباحث المقيم في إدلب والذي نزح من منزله، إنه غاضب من التفاوت بين ما يظهر في المحتوى الذي يُروج له على الانترنت وبين حقيقة الواقع المرير.
وأكد أن سوريا لن تكون آمنة ما دام الأسد يسيطر على السلطة، مشيرًا إلى وجود آلاف المعتقلين في سجون الأسد مع انتشار الفقر والبطالة بين طبقات الشعب المختلفة، مؤكدًا أن “كل من يقول إن سوريا آمنة فهو كاذب”.
ويرى محلول أنه بعد عقد من الحرب، تحاول الحكومة تطبيع علاقاتها مع الخارج وتلميع صورتها من خلال تشجيع المؤثرين والفنانين على الزيارة، مشيرًا إلى تصريح للمطرب المصري هاني شاكر قال فيه إنه تلقى دعوة من وزارة السياحة السورية.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا