يعرف بأنه الإنجاز الأهم الذي سينقل الحضارة البشرية إلى المستقبل، ولقدرته على إنجاز عمليات حسابية معقدة في وقت أقل بكثير من الوقت الحالي شبه البعض الكوانتم كمبيوتر بـ “تفاحة آينشتاين”.

الكوانتم كمبيوتر أو الحاسب الكمومي كما يطلق عليه البعض نظرا لقدرته على إجراء مجموعات ضخمة من العمليات الحسابية في وقت واحد وسرعة فائقة.

هذا الاكتشاف كما يراه خبراء في تقنية المعلومات سيحدث نقلة نوعية في عالم الحاسبات إذ أن أجهزة “كوانتم” لديها القدرة على فك شفرات وتصحيح الملايين من رموز أي برنامج في ثوان معدودة.

الاكتشاف الجديد ربما يكون أبطأ من الأجهزة الأخرى العادية إلا أن مجموع العمليات الحسابية التي يتطلبها الكوانتم للوصول إلى نفس النتيجة بالمقارنة مع الكمبيوتر العادي أقل بكثير نظرا لأن التحسن ليس في العملية الحسابية الواحدة بل في عدد العمليات المطلوب الوصول إلى نتيجتها في نفس الوقت.

يقول البروفيسور أندريا موريلا من جامعة نيو ساوث وايلز في ما يتعلق بأهمية الكوانتم كمبيوتر، “أن هذا النوع من العمليات الحسابية لا يحتاج إليه سوى نوع معين من الخوارزميات التي لا تستعمل من قبل المستخدم العادي للحاسوب”.

لذلك يرى أن هذه الحواسيب لن تحل محل مثيلاتها المنزلية لأنها لن تقدم أداء مبهرا في الأمور اليومية، إلا أن التعامل معها سيتركز على بعض المراكز البحثية بهدف القيام بعمليات الحوسبة المتوازية وإنشاء الخوارزميات المحددة والخاصة.

ويعول الكثير من العلماء على حواسيب “الكوانتم” التي ستساعدهم على القيام بأمور تعجز عنها الأجهزة الكلاسيكية مثل المحاكات الكمومية بحيث سيستطيعون عندها محاكات طريقة عمل الذرات في ظروف غير اعتيادية.

كما أن تلك الحواسيب لديها قدرات هائلة في العمل على البيانات الضخمة والبحث بداخل ملايين البيانات في وقت قياسي، على خلاف الأجهزة العادية التي قد تحتاج إلى شهور وسنين لإجراء هذه العملية.

 

وحدة القياس

تعتبر أصغر وحدة قياس في الحاسب العادي أو المنزلي هي “بيت” وتكون قيمتها إما صفرا أو واحدا، وفي هذه العملية يحتمل أن يكون كل “بيت” أحد الرقمين وتخزن كل المعلومات على الكمبيوتر على هذا النحو، أما في أجهزة “كوانتم” فإن الأمور أكثر تعقيدا.

فأجهزة كوانتم تعمل بوحدات قياس تسمى “كيوبيت” اختصارا لـ “كوانتم بيت” وقيمتها هنا صفر وواحد في الوقت ذاته، إلى أن يتم قياسها فتكون النتيجة إحدى الاثنتين، وفي كل مرة يتم احتسابها تأتي بقيمة مختلفة عن سابقتها، وهنا يكمن التحدي الأكبر، إذ لا يوجد حتى الآن أي طريقة للتنبّؤ بما ستكون عليه قيمة الكيوبيت النهائية بعد قياسه.

استخدام كوانتم

تعمل العديد من الشركات والمؤسسات العالمية على تقنية “الكوانتم” أبرزها التعاون بين وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” وشركة جوجل اللذين باشرا الإعداد لإطلاق كمبيوتر كمومي منذ عام 2013 من خلال شركة “دي ويف سيستم” الكندية التي قامت بتصنيع الجهاز وتركيبه في مركز ناسا للأبحاث في ولاية كاليفورنيا

كما يؤكد موقع “zdnet” قيام شركة “دي ويف” ببيع وحدات “كوانتم” من إنتاجها على نطاق محدود في الفترة الحالية بالمخالفة لما يشاعر عن أن تلك الأنظمة لا تزال تحت الاختبار والتصنيع.

التوقعات المستقبلية لكوانتم

يتوقع أن تحقق تقنيات “كوانتم” نتائج مبهرة خلال وقت قريب في العديد من المجالات، وبحسب مجلة “تايم” الأمريكية تتلخص أهم هذه النتائج في:

– طائرات أكثر أماناً: حيث تخطط شركة “لوكهيد مارتن” لاستخدام أجهزة شركة “دي ويف سيستم” بشكل تجريبي لأنظمة البرمجيات بطائراتها النفاثة، التي تعد حالياً معقدة للغاية بالنسبة لأجهزة الكمبيوتر التقليدية.

– استكشاف الكواكب البعيدة: سوف تكون أجهزة “كوانتم” قادرة على تحليل كمية هائلة من البيانات، التي جمعتها التلسكوبات والمراصد الفضائية، للبحث عن كواكب تشبه الأرض، ومما يعزز الاعتماد على هذه الأجهزة قدرتها على العمل في درجات حرارة منخفضة تصل إلى سالب 273 درجة مئوية، وهي درجة حرارة أكثر برودة بكثير من الفضاء بين النجوم وهو ما يساعد في إمكانية العمل خارج المحطات الفضائية على سطح الكواكب البعيدة.

– الكشف عن احتمالات الإصابة بالسرطان في وقت مبكر: المساعدة في التعرف على كيفية تطور الأمراض ومراحلها المختلفة الأمر الذي يسهل التشخيص المبكر للإصابة بالمرض أو احتمالات الإصابة “خاصة السرطان”، وبالتالي يسهل القضاء عليه في المهد.

– إنتاج أدوية ذات فعالية أكثر: فمن خلال الكوانتم يمكن رسم خرائط الأحماض الأمينية، أو تحليل البيانات لتسلسل الحمض النووي، وسوف يتوصل الأطباء إلى تصميم وابتكار وسائل علاجية ناجحة على أساس الأدوية المتطورة.

– دعم السيارات ذاتية القيادة: حيث تستخدم “جوجل” أنظمة “كوانتم” لتصميم البرمجيات التي يمكن أن تميز بين السيارات الأخرى وباقي المعالم على الطريق.

– الحد من الوفيات المرتبطة بالطقس: سيعطي التنبؤ الدقيق لحالات الطقس الفرصة لسكان أي منطقة، لاتخاذ الاحتياطات اللازمة حسب الظروف الجوية المتوقعة.

تخفيض ساعات السفر: من خلال دراسات متطورة وتحليل دقيق لأنماط المرور جوا وبرا سوف يمكن تلافي الاختناقات ورسم خرائط لأسهل وأسرع الطرق.