في الشرق الأوسط: دول قادرة على احتواء الوباء، ودول مُصدرة له، ودول أخرى غير قادرة على المواجهة بعد أن دمرتها الأزمات
لقد أصاب فيروس كورونا منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وقت كانت فيه المنطقة مثقلة بالفعل بمشاكل متعددة، بما في ذلك سلسلة من الصراعات العسكرية الطويلة الأمد، والتوتر الطائفي، والأزمات الاقتصادية، والاضطرابات السياسية واسعة النطاق.
في هذا التقرير، يحلل الخبراء في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية التأثير الحالي لوباء Covid-19 على المنطقة والآثار المحتملة له.
إيران
أصبحت إيران الآن بؤرة لانتشار فيروس Covid-19 في منطقة الشرق الأوسط، حيث حتى الآن، أن أكثر من 18400 شخص أثبتت إصابتهم بالفيروس، وتوفي 1284 بسبب المرض – على الرغم من أن الأرقام الحقيقية من المرجح أن تكون أعلى بكثير.
كافحت السلطات الإيرانية لاحتواء الوباء والحد من انتشاره، وخضعت لانتقادات واسعة النطاق في الداخل والخارج بسبب تأخر استجابتها ونقص الشفافية في التعامل مع الأخبار والحالات.
يقول مسؤولو الصحة إنه “يتم الكشف عن 50 حالة إصابة جديدة كل ساعة وتسجيل حالة وفاة كل 10 دقائق”.
سلطت الأزمة الضوء أيضًا على العواقب الإنسانية المدمرة للعقوبات الأمريكية على إيران، والتي أعاقت تدفق المعدات الطبية والسلع الإنسانية التي تعد البلاد الآن في ظل الظروف الراهنة في أمس الحاجة إليها.
هذا الأسبوع على سبيل المثال، ومع ارتفاع حصيلة القتلى، فرضت الإدارة الأمريكية المزيد من العقوبات على الرغم من أن الحكومات الأوروبية طالبت البيت الأبيض بتخفيف هذه الإجراءات.
بلاد الشام
تُعد بلاد الشام من الدول التي أصابتها الشلل بالفعل بسبب الأزمات المتلاحقة في الشرق الأوسط، وكذلك بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية، والتي أدت بطبيعة الحال إلى تشريد ملايين الأشخاص، الذين يعيشون حالياً في مخيمات اللاجئين المكتظة وغير الصحية.
هذه البلاد من المرجح أن تكونها مواجهتها شرسة مع فيروس كورونا في حال تفشيه بداخلها، على الرغم من أن عدد الحالات المؤكدة لا يزال منخفضًا في الوقت الحالي، إلا انه من المؤكد أن ينتشر الفيروس على نطاق واسع في المنطقة، بسبب الروابط القوية بين سوريا والعراق ولبنان مع إيران، ولأن هذه الدول تفتقر إلى قدرة الدولة على احتواء المرض، او اتخاذ ذات التدابير التي تتخذها الدول الأخرى لمواجهة الفيروس.
مع إغلاق الحكومات معظم المرافق العامة والخاصة، ووقف الرحلات الجوية الدولية، فإن التوقعات تبدو خطيرة بشكل خاص بسبب سلسلة من الأزمات العميقة الطويلة الأمد عبر بلاد الشام والتي أدت بالفعل إلى إضعاف قدرات حكومات تلك الدول.
لقد أدت الحرب الأهلية في سوريا وفشل الدولة الفعلي في الجارتين العراق ولبنان إلى إفراغ هذه البلدان من القيادة السياسية القوية والمشروعة، فضلاً عن الهياكل المؤسسية اللازمة للتعامل مع التهديد الذي يمثله الوباء العالمي – مثل أنظمة الرعاية الصحية العاملة في سوريا والعراق.
دول مجلس التعاون الخليجي واليمن
مع وجود أكثر من 1000 حالة مؤكدة لـ Covid-19 داخل دول الخليج العربي، بدأت ممالك مجلس التعاون الخليجي في تطبيق تدابير صارمة لاحتواء انتشار الوباء.
يمكن للدول الاعتماد على أنظمتها للرعاية الصحية – التي تعد من أكثر الأنظمة كفاءة في المنطقة، ويمكن الوصول إليها بسهولة ويسر من قبل جميع المواطنين.
على هذا النحو، من المرجح أن تتمكن دول الخليج من إدارة Covid-19 من منظور الرعاية الصحية، في ضوء تدابير التباعد الاجتماعي الصارمة التي طبقتها خلال الأزمة.
ومع ذلك، فإن خطر العدوى أعلى بكثير في مجتمعات العمال الأجانب، وكثير منهم يفتقرون إلى الرعاية الصحية ويعيشون في ظروف لا يكون فيها الابتعاد عن التجمعات خياراً مطروحاً.
شمال أفريقيا
حتى الآن، كان لفيروس كورونا تأثير محدود إلى حد ما على بلدان شمال أفريقيا ، التي نفذ معظمها بسرعة التدابير الاحترازية لاحتواء الوباء والحد من انتشاره.
ومع ذلك، فإن هذه البلدان لديها بشكل عام أنظمة رعاية صحية هشة قد تجد صعوبة في التعامل مع انتشار الفيروس، لذلك، على المدى الطويل، من المرجح أن تكون آثار Covid-19 الأكثر خطورة على شمال إفريقيا اقتصادية، بالنظر إلى أن المنطقة تعتمد على التجارة والسياحة، وتعاني بالفعل من انتشار البطالة بين الشباب.
كانت مصر الدولة الأكثر تضررا في شمال أفريقيا ، حيث أبلغت عن العديد من الحالات المرتبطة برحلات نيلية، اعتبارًا من 19 مارس / آذار ، أعلنت الدولة رسمياً عن إصابة 210 شخصاً بفيروس Covid-19 (نصفهم من المواطنين المصريين)، توفي منهم 6 أشخاص (مصريين وأجانب) لكن الأرقام الحقيقية يمكن أن تكون أعلى بكثير وفقاً لآراء المحللين والخبراء.
ليبيا، البلد الأكثر سُكانا ً في المنطقة، التي كانت محمية بسبب النقص النسبي للأجانب الذين يدخلون البلاد، لم تبلغ عن أي حالات لـ Covid-19. ومع ذلك، بعد تسع سنوات من تدهور الدولة، وبعد فترة طويلة من الصراع بين الحكومات، ، فإن الناس في ليبيا معرضون بشدة لتفشي الوباء بينهم.
ينطبق هذا بشكل خاص على أولئك الذين يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر في البلاد، بما في ذلك مئات الآلاف من النازحين داخليًا الذين يقيمون في ملاجئ مؤقتة، وغير مجهزة لاحتواء تلك الظروف، وما يقدر بنحو 700000 مهاجر ولاجئ ، معظمهم من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
في تونس، يعد فيروس كورونا أول اختبار رئيسي للحكومة الجدية التي وصلت إلى السلطة في فبراير/شباط المنصرم، بعد الانتخابات التي جرت أواخر عام 2019.
وسيتعرض المغرب أيضًا لضربة اقتصادية كبيرة بسبب الفيروس، وبالتالي قد يؤدي إلى حدوث اضطرابات سياسية واجتماعية داخل البلاد التي تعاني بالفعل من تفاوتات إقليمية.
أما الجزائر، فقد حددتها منظمة الصحة العالمية على أنها معرضة بشكل غير عادي لخطر الإصابة بفيروس كورونا، بسبب روابطها الواسعة مع الصين، ومع ذلك، تم الإبلاغ عن بضع عشرات فقط من الحالات في البلد.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا