العدسة – ياسين وجدي:

برامج تجسس تحمل شعار صنع في تل أبيب ، تستخدمها دولة الاحتلال الصهيوني للاختراق الممنهج والمدروس في أنحاء العالم ، خاصة المنطقة العربية ، ولكن ما زاد الطين بلة التعاون العربي الرسمي مع الكيان الصهيوني في استخدام تلك البرامج.

لازالت السعودية والإمارات والبحرين أسماء بارزة في هذا التعاون طبقا لما رصدناه ، وهو ما يلقي بظلاله القاتمة على معدل سباق الهرولة العربية نحو الكيان الصهيوني وتوابعه المجرمة قانونا، والتي تشكل عدوانا صريحا على الحقوق والحريات بحسب المراقبين.

تخصص صهيوني بامتياز

رصدت شركات عالمية ومنها شركات آبل الأمريكية المعروفة التقدم اللافت الذي حققته الشركات الصهيونية المتخصصة في التجسس والاختراق ، خاصة شركة  ‘إن إس أو غروب’، ومقرها هرتسيليا المعروفة بـ’وادي السيليكون’ الصهيوني شمال تل أبيب، والتي تطلق على نفسها لقب “أمة الشركات الناشئة”.

منظمة “برايفيسي إنترناشونال “البريطانية غير الحكومية، تقدر أن هناك 27 شركة صهيونية على الأقل، ناشطة في هذا المجال، وتؤكد أن ذلك الرقم يضع دولة الاحتلال في طليعة التصنيف العالمي للشركات في هذا المجال.

الشركات لها إطار آخر ممنهج في التوظيف ، كشفه الخبير في معهد دراسات الأمن القومي الصهيوني  دانيال كوهين في العام 2016 حينما أكد أن التقدم الصهيوني في هذا المجال يأتي أساسا من ديناميكية عناصر سابقين من وحدات النخبة في الجيش الصهيوني مثل الوحدة 8200 المتخصصة في مجال الحرب الإلكترونية موضحا أنه بعد ترك الجيش، يستخدم هؤلاء الخبراء مهارتهم في تأسيس شركات ناشئة أو الحصول على وظائف بأجور باهظة لدى شركات قائمة، يصل عددهم بحسب كوهين إلى أكثر من 300 شركة.

استهداف الأجيال الشابة كان هدفا واضحا لبرامج التجسس ، وهو ما كشفه باحثون متخصصون في الأمن الرقمي عندما  أعلنوا مؤخرا عن وجود سلالة من برامج التجسس بنظام “أندرويد”  على هيئة تطبيق إباحي باسم “تراي آوت” ، يمكنه تسجيل المكالمات الهاتفية والرسائل النصية الواردة سرًا والتقاط الصور وجمع بيانات نظام تحديد المواقع العالمي، وبالمتابعة ، تم العثور على البرنامج في روسيا والكيان الصهيوني.

مدى الانتشار لتلك البرامج التجسسية وصل بحسب التقديرات الحديثة الصادرة في الشهر الماضي إلى إمكانية اختراق هواتف  45 دولة ، وبحسب صحيفة واشنطن تايمز فإن باحثين بمعمل سيتزن لاب بجامعة تورنتو الكندية يربطون بين برنامج “بيغاسوس” الصهيوني للتجسس و45 دولة بينها الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا بالإضافة إلى عشرات الدول الأخرى ديمقراطية وغيرها، واستُهدف بالبرنامج أعداد كبيرة منهم صحفيون في المكسيك وأحمد منصور الناشط البارز في مجال حقوق الإنسان بالإمارات .

صحيفة “يديعوت” الصهيونية  كشفت أيضا عن اسم تطبيق تجسسي صهيوني مؤخرا هو “كريسور Chrysaor”، مرتبط ببرنامج بيغاسوس الصهيوني سيء السمعة   ، ويتميز تطبيق كريسور بخاصية التدمير الذاتي؛ مما يساعده على تجنب محاولات اكتشافه ورصده، وهو ما رصده مايكل سلومان، الباحث في مجال الأمن في شركة لوكاوت، قائلا : “إنه يستشعر إذا ما كان على وشك أن يكتشف، فيحذف نفسه، ولهذا استغرقنا الكثير من الوقت لإيجاد العينات التي وجدناها”.

ثلاثي عربي متورط !

وتورط بحسب التقارير المتواترة والمعلومات الموثقة في استخدام برامج التجسس الصهيونية بشكل كبير ثلاث دول عربية هي السعودية والإمارات والبحرين .

ووثق  خبراء ونشطاء تداولوا وثائق ومعلومات على موقع التغريدات القصيرة تويتر تثبت تورط السعودية والإمارات في التعاون مع الكيان الصهيوني في استخدام هذه البرامج .

وأشار الخبراء إلى أن التجسس السعودي وصل كندا، وبالتعاون مع الكيان الصهيوني ، واستهدف الناشط الحقوقي السعودي المقيم في كندا عمر عبدالعزيز الزهراني ، ونجح في اختراق هاتفه الجوال عن طريق رسالة نصية مخادعة استهداف اختراق هاتفه عن طريقها باستخدام تقنيات التجسس الصهيونية المسماة “بيغاسوس” من ذات الشركة، واعتقلت السلطات السعودية أشقاء الناشط ومجموعة من أصدقائه في نفس الفترة الزمنية التي تم فيها اختراق جواله.

وأصدرت الجهة التي اكتشفت النشاط التجسسي السعودي/الصهيوني في كندا وهي “ستزن لاب”، المختبر التابع لجامعة تورونتو الكندية، تقريرا مفصلا حول ملابسات هذا الاختراق وكيفية اكتشافه وعلاقته باختراقات سابقة مشابهة، مثل التعاون الصهيوني الإماراتي، مؤكدة أن برامج التجسس الصهيونية قد شهد استخدامها  توسعا بارزا في السعودية والإمارات والبحرين، كما سقط المغرب في الشباك الصهيونية كذلك من أجل استهداف المجتمع المدني.

منظمة العفو الدولية وثقت الجريمة بعد أن أفلت أحد موظفيها من رسالة مفخخة من مسار سعودي، تحمل نفس البرنامج الصهيوني ، كما كشفت صحيفة نيويورك تايمز في تحقيق مطول كيف استخدمت الإمارات البرنامج التجسسي الصهيوني للتجسس على معارضيها في الداخل وخصومها في الخارج، وبينهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد والأمير السعودي متعب بن عبدالله.

وفي هذا الشأن أكد موقع “إمارات ليكس” المعارض أن تحالف الإمارات مع الكيان الصهيوني وقدرتها على الحصول على سلاح نوعي مثل “بيغاسوس” لتقنيات التجسس جرى بموافقة وزير الأمن الصهيوني موضحا أن المرة الأولى التي ارتبط فيها اسم الإمارات علنا ببرامج التجسس الصهيونية كان في أغسطس 2017، عندما تلقّى الناشط الحقوقي الإماراتي أحمد منصور رسالة مشبوهة على هاتفه تبين أنها مجرد فيروس يهدف إلى اختراق هاتفه، ومرتبط بالبرامج الصهيونية.

صحيفة “فورين بوليسي” ذكرت في تحقيق سابق أن الحكومة الإماراتية اشترت برمجية التجسس هذه من الكيان الصهيوني  بمبلغ يتراوح بين 10 و15 مليون دولار ، وهو ما ظهر مع بدء الحصار الرباعي الذي فرضته كل من الإمارات والسعودية والبحرين ومصر ضدّ قطر في الخامس من يونيو 2017، حيث اعتمد المسؤولون الإماراتيون خاصة خالد بن محمد، مدير جهاز الاستخبارات الإماراتي على ما حصدوه من عمليات التجسس في عدد من الدعاوى القضائية التي رفعوها ضد قطر.

ملاحقة قضائية

3 دعاوي قضائية على الأقل وثقت النشاط الصهيوني العربي في دوائر القضاء ،أحدهم عن طريق الناشط السعودي عمر بن عبدالعزيز عبر مقاضاة الجهات المسؤولة عن هذا النشاط التجسسي في السعودية والكيان الصهيوني .

وفي نفس الإطار استمرت الملاحقة القضائية ضد برامج التجسس الصهيونية من خلال دعوتين قضائيتين  تقدَّم بهما مواطن قطري وصحافيون ونشطاء مكسيكيون، ضد إسرائيل وقبرص، وتظهر المستندات المرفقة بهما أن الأجهزة الإماراتية استخدمت  برامج التجسس الصهيونية “بيغاسوس” للتجسُّس لمدة سنة على الأقل.

كما تقدم محاميان عربيان هما : علاء المحاجنة ومازن المصري بدعوى قضائية هدفها دفع القانون لمواكبة هذه التطورات التقنية الخطيرة وبيان أن مطوري هذه البرامج متورطون أيضاً في خروقات الخصوصية عبر التجسس.