يُعد جهاز أمن الدولة في الإمارات أحد أبرز الأدوات التي يستخدمها نظام محمد بن زايد لترسيخ قبضته الحديدية على الحكم، حيث يجسد مظاهر القمع والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان. 

فيما يتمتع الجهاز بصلاحيات غير محدودة تجعله سلطة فوق القانون، مما أسفر عن واقع قاتم يعيشه المواطنون والمقيمون تحت وطأة هذا النظام الأمني الذي وضعه محمد بن زايد

تأسس جهاز أمن الدولة في الإمارات في عام 1974 بأمر من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وكان في البداية جزءًا من وزارة الداخلية. إلا أن تعديلات لاحقة في عام 1976 جعلت الجهاز مستقلاً عن الوزارة وخاضعاً بشكل مباشر لرئيس الدولة. 

هذه الخطوة كانت بداية التحول الذي مكن الجهاز من التوسع في نفوذه ليصبح أداة قمع تُستخدم لضمان السيطرة المطلقة لنظام الحكم.

تاريخ من الاستبداد

بفضل التعديلات القانونية، تم دمج أجهزة المخابرات وشُعب الأمن تحت مظلة الجهاز، مع إنشاء فروع له في جميع إمارات الدولة. توسعت صلاحيات الجهاز بشكل كبير لتشمل حماية كبار الشخصيات ومراقبة الحياة العامة، إلا أن هذه الصلاحيات تم استخدامها لقمع الحريات واستهداف المعارضة.

أصبح جهاز أمن الدولة في الإمارات مرادفاً للانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان. وبحسب مركز مناصرة معتقلي الإمارات، فإن الجهاز يستغل صلاحياته في الاعتقالات التعسفية ومراقبة النشطاء والتضييق على عائلاتهم.

واحدة من أبرز الحالات الموثقة كانت حالة عائشة إبراهيم الزعابي، التي اعتُقلت بشكل تعسفي في عام 2014 واحتُجزت في الحبس الانفرادي لمدة خمسة أيام دون توجيه أي اتهامات. كما مُنعت لاحقًا من السفر، في انتهاك واضح للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

قوانين مفصلة للقمع

القوانين التي تُنظم عمل الجهاز، مثل قانون 2003، منحت الجهاز سلطات شمولية تسمح له بالاعتقال دون أمر قضائي، وتفتيش المنازل دون إذن قانوني، وحتى استخدام السلاح ضد المتظاهرين السلميين. هذه الصلاحيات تنتهك بوضوح المعايير الدولية، بما في ذلك المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تحظر الاعتقال التعسفي والمادة 17 التي تحمي الخصوصية.

الأمر لا يقتصر على الاعتقالات التعسفية فقط، بل يمتد إلى الإخفاء القسري والتعذيب في السجون السرية التي يديرها الجهاز خارج إطار القانون. كما يتم استهداف الأجانب بالإبعاد القسري لأسباب مبهمة، ما يعكس سياسة الترهيب التي يتبناها النظام لإسكات أي أصوات معارضة.

لا يكتفي جهاز أمن الدولة بالصلاحيات القانونية الواسعة، بل يمتد نفوذه إلى جميع مؤسسات الدولة، مما يقوض مبادئ العدالة واستقلالية المؤسسات. في مجال القضاء، يتدخل الجهاز في تعيين القضاة وترقياتهم، مما يجعل استقلالية القضاء مجرد وهم. أما في مجال العمل والتعليم، فإن اشتراط الحصول على الموافقة الأمنية للتوظيف أو الدراسة أصبح أداة لاضطهاد المعارضين وعائلاتهم.

التدخل في حياة المواطنين اليومية يعكس استراتيجية ممنهجة للسيطرة الكاملة على المجتمع الإماراتي. يتم ذلك عبر مراقبة الأفراد والتضييق عليهم باستخدام أدوات مثل قوانين الجرائم الإلكترونية وقوانين أمن الدولة، التي صُممت لإغلاق أي مساحة للنقد أو المعارضة السلمية.

السجون السرية التي يديرها الجهاز هي واحدة من أكثر مظاهر القمع بشاعة، حيث يتعرض المعتقلون للتعذيب الجسدي والنفسي في ظل غياب أي رقابة أو مساءلة. هذه الممارسات تتنافى مع جميع المواثيق الدولية، مما يُبرز الوجه الحقيقي لنظام يدّعي الانفتاح في الخارج بينما يُمارس الاستبداد في الداخل.

الخلاصة يمثل جهاز أمن الدولة في الإمارات مثالاً صارخاً على كيفية استغلال الأنظمة القمعية للمؤسسات الأمنية لقمع الحريات وترهيب المواطنين. من خلال الصلاحيات المطلقة التي يتمتع بها الجهاز، استطاع نظام محمد بن زايد تحويل الإمارات إلى دولة بوليسية تخضع فيها كل جوانب الحياة لرقابة صارمة.

اقرأ أيضًا : استعان بالصهاينة وتواصل مع الأمريكان.. السيسي يخشى مصير بشار بعد انتصار الثورة السورية