العدسة – معتز أشرف:                                  

فتحت سقطة دعم السعودية لأمريكا على حساب المغرب في مونديال 2026 ملف تقديم الأمير السعودي المراهق محمد بن سلمان المصالح الأمريكية أولًا على واجب التضامن العربي، وحتى على المصالح السعودية المفترضة.

نرصد أبرز المواقف التي رفع فيها بن سلمان شعار أمريكا أولًا منذ صعوده لولاية للعهد.

 شهادة ترامب!

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يترك فرصة لمراقب، بل أكد بوضوح أن العلاقات بين واشنطن والرياض أفضل من أي وقت مضى، وذلك لدى استقباله ولي العهد السعودي في البيت الأبيض في مارس الماضي، وقال: “نسعى إلى تحسين علاقاتنا الثنائية عن طريق وضع خطط للاستثمارات في الولايات المتحدة، مما يعني خلق فرص عمل كبيرة للأمريكيين، وأضاف: “ناقشنا الوضع في مجال الدفاع، ونؤسِّس لهيكلية دفاعية لكل الشرق الأوسط، فنحن نعرف جيدًا ما يجري في المنطقة.. هناك متغيرات كثيرة”.

ترامب، كان واضحًا بصورة أكبر في حملته الانتخابية في العام 2016، حيث قال كلامًا خاليًا من الدبلوماسية، بحسب مراقبين عن السعودية، ولم يستبعد وقف شراء النفط منها ومن دول خليجية أخرى، إن هي لم ترسل قواتها لمحاربة “داعش”، أو لم تسدِّد فواتير حرب الولايات المتحدة ضد التنظيم!، كما طالبها وجميع الحلفاء بنظير الحماية والخدمات التي توفِّرها الولايات المتحدة لها، والتي وصفها بالهائلة، قائلًا في هذا الصدد:”هل تتخيلون أننا ندافع عن السعودية بكل الأموال التي لديها، نحن ندافع عنها، وهم لا يدفعون لنا شيئًا؟”، لافتا إلى أن المملكة لديها أموال طائلة، وهي تجني يوميًا نصف مليار دولار، وهم “لا يملكون شيئًا البتة.. إلا المال ولا شيء آخر”، وبرر هذا الموقف، الذي وضعه تحت شعار “الولايات المتحدة أولًا” و”لن نكون لقمة سائغة لأحد” بالقول إنّ بلاده لديها ديون تبلغ 20 ترليون دولار، وعلى اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية والسعودية أن يدفعوا للولايات المتحدة لأنها توفر “لهم خدمة هائلة ونخسر الثروات”.

شرطي أمريكا في المنطقة

هذه الوظيفة الأهم لمحمد بن سلمان والسعودية في المنطقة لدى ترامب، وهو ما تحدث عنه مراقبون مع زيارة مارس 2018  المثيرة للجدل؛ حيث يرون أنه لم يكن هدف التغيير في معادلة الحكم السعودية التي جاءت بابن سلمان وليًا للعهد مقتصرًا على تحقيق طموح أمير شاب في مقابل صفقات ترضي غرور رئيس شعبوي، يريد تحقيق إنجازات اقتصادية وعد بها؛ فالقضية أعمق وأعقد، وبحسب الكاتب أسامة أبو أرشيد في العربي الجديد اللندنية: أمريكا تريد السعودية- تحت بن سلمان- أن تلعب دور الشرطي الأمريكي في المنطقة، وليس الحديث هنا عن علاقات صداقة حقيقية، ولا حتى عن علاقات بناء على مصالح مشتركة بين الدولتين، بقدر ما أنه عن علاقات فيها شبهة ابتزاز وتواطؤ بين ترامب وكوشنر من ناحية، ومحمد بن سلمان، مسنودًا بوليِّ عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، من ناحية أخرى، وهذا الأمر محلّ نظر المحقق الأمريكي الخاص، روبرت مولر الآن”.

 اقتصاد أمريكا

ولعب محمد بن سلمان دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد الأمريكي لقى استحسان ترامب، وأشاد بالخطوة التي اتخذها الملك بتصعيد نجله محمد، وقال: ”رأيت أنَّ والدك اتخذ قرارًا حكيمًا للغاية”وذلك بعد أن قدم رسمًا توضيحيًا يظهر عمليات الشراء السعودية لمعدات عسكرية أمريكية تتراوح بين السفن وأنظمة الدفاع الصاروخي والطائرات والعربات القتالية.

وأضاف ترامب للصحفيين خلال جلسة التصوير الأخيرة مع ولي العهد ”العلاقة الآن ربما هي في أفضل أحوالها ولن تشهد على الأرجح سوى مزيدٍ من التحسن. هناك استثمارات هائلة في بلادنا وهذا يعني فرص عمل لعمّالنا“.

وأشاد ترامب بمبيعات السلاح الأمريكية للسعودية ووصفها بأنها تدعم الوظائف الأمريكية، وناقش وولي العهد السعودي في محادثات في البيت الأبيض اتفاقًا جرى التوصل إليه العام الماضي بشأن استثمارات سعودية مع الولايات المتحدة بقيمة 200 مليار دولار بما يشمل مشتريات عتاد عسكري ضخمة من الولايات المتحدة، وقال ترامب مفتخرًا: “إن المبيعات العسكرية أسهمت في توفير 40 ألف وظيفة للأمريكيين”.

رفع محمد بن سلمان شعار أمريكا أولا في الاقتصاد، انعكس بالسلب داخليًا في المملكة التي باتت تعاني من الفقر، حتى اعترفت السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، في أكثر من تقرير رسمي، بمعاناتها من ظاهرة الفقر؛ حيث كشفت تقارير غير رسمية عن أن نسبة الفقر تفاقمت لتتراوح ما بين 15 و25% من إجمالي عدد السعوديين البالغ 20.4 مليون نسمة، فيما أكدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، في تقرير سابق، تزايد معدلات البطالة والفقر، مشيرة إلى أن “ما بين مليونين وأربعة ملايين سعودي يعيشون على أقل من 530 دولارًا شهريًا أي (17 دولارًا يوميًا)، وأن الدولة تخفي نسب الفقر، وتعدّ برامج الدعم الحكومية أحد المؤشرات الرسمية لتفاقم الفقر.

ووفق محمد المنشاوي الكاتب المتخصّص في الشئون الأمريكية، فإنّ ترامب يتعامل مع بن سلمان ومع السعودية بعقلية رجل المبيعات أو رجل الأعمال الذى يريد أن يحقق أكبر منفعة مادية من خلال عقده صفقات مليارية سواء فى مجال الاستثمارات أو مجال المبيعات العسكرية والتجارية، خاصة أنه قال: إن «السعودية بقرة حلوب تدرّ ذهبًا ودولارات بحسب الطلب الأمريكى”.

الشئون الخارجية

المواقف الخارجية المتطابقة جعلت محمد بن سلمان موظفًا في وزارة الخارجية الأمريكية فيما يبدو، بحسب مراقبين ومعارضين لولي العهد السعودي، وهو ما ظهر في المواجهة السعودية المفتوحة مع إيران، والتطبيع الكامل غير المسبوق مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

في ملف إيران، كشف مسؤول في الإدارة الأمريكية في وقت سابق أن ترامب راعى آراء بن سلمان في قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، مؤكدًا أن ” نشاطات إيران الخبيثة يتم بحثها بين الرئيس ترامب وولي العهد السعودي”، وأن “الرئيس ترامب يأخذ في الاعتبار آراء ولي العهد السعودي وقادة آخرين في المنطقة عند اتخاذ قراره النهائي بشأن الاتفاق النووي مع إيران”.

وعلى النسق الترامبي المستهدف التصعيد مع إيران طالب ولي العهد السعودي بتصعيد الضغط على إيران، مشيرًا إلى أنَّ البديل عن العقوبات الاقتصادية والضغط السياسي هو المواجهة العسكرية المباشرة، وأضاف في تصريحات نشرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية: “يجب على المجتمع الدولي أن يواصل الضغط على إيران اقتصاديًا وسياسيًا، لتجنب اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة في المنطقة”، مضيفًا: “العقوبات ستكون أداة ضغط على النظام الإيراني”.

وعلى الجانب الآخر فيما يخص تل أبيب، فمنذ وصول بن سلمان لولاية العهد عقب الإطاحة بابن عمِّه محمد بن نايف، ارتبط اسمه بالتطبيع الصهيوني الكامل مع “إسرائيل”، ووفق شهادة الكاتب بصحيفة “معاريف” وثيق الصلة بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية” يوسي ميلمان “فإنَّ علاقة إسرائيل والسعودية تعززت في السنوات الأخيرة، مؤكدًا أن مصالح الرياض وتل أبيب بدت متشابهة، بل إنها تعاظمت حول المصلحة الأساسية المشتركة بمنع إيران من الحصول على السلاح النووي وكبح جهودها في السيطرة الإقليمية.

 حتى الرياضة!

ما زاد الطين بلة، بحسب مراقبين، أن محمد بن سلمان رفع شعار”أمريكا أولًا” حتي في الرياضة؛ حيث أعلنت السعودية أنها ستدعم الملف المشترك لأمريكا، المكسيك وكندا لاستضافة كأس العالم 2026، وذلك حرصًا على تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى حساب التضامن العربي مع المغرب الذي تقدّم لاستضافة المونديال.

وقال تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية، ومستشار ولي العهد السعودي في لقاء خاص مع وكالة “بلومبرج” الأمريكية، إن السعودية أعطت كلمتها لأمريكا رغم طلب المغرب في وقت سابق دعم الرياض لاستضافة مونديال 2026.

الدعم السعودي أثار استهجانًا واسعًا في الأوساط الرياضية والسياسية العربية، التي اعتبرت ما حدث سقطة مشينة تهدر حقوق التضامن العربي في سياق غريب على المملكة العربية السعودية منذ وصول بن سلمان لسدة القرار وفق ما قال المنتقدون.