إعلان طامع جديد في حقوق تاريخية مقدسة ، كشف عن بعض فصوله صهر الرئيس الأمريكي المدلل جاريد كوشنر وسط تحركات يبدو أنها لم تسمن من جوع دونالد ترامب في ظل رفض البعض.

“العدسة” يسلط الضوء على الوضع الميداني والأفق الراجح بعد إعلان “كوشنر” ، وفصول المواجهة المحتملة ، والتي يذهب البعض أنها قد تشكل ربيعا عربيا جديدا بلون فلسطيني يرتكز على مسيرات العودة ويتمدد في باقي أنحاء المعمورة.

إعلان مواجهة 

شكلت ملامح صفقة القرن التي كشفها مستشار الرئيس الأميركي ومبعوثه للشرق الأوسط، جاريد كوشنر، عبر موقع إماراتي إعلان مواجهة جديدة بحسب البعض .

وفي لقاء مع “سكاي نيوز عربية” زعم “كوشنر” أن الصفقة تركز على “الحرية والاحترام والعيش الأفضل، و في سبيل ذلك قدم رشاوي اقتصادية واضحة قائلا :” لا أعتقد أن الأثر الاقتصادي للخطة سيقتصر على الإسرائيليين والفلسطينيين فقط، بل سيشمل المنطقة برمتها، بما في ذلك الأردن ومصر ولبنان”.

الأشد خطورة في حديث صهر الرئيس الأمريكي المدلل كما يوصف جاء في البعد السياسي للصفقة حيث كشف عنه أنه يركز على ترسيم الحدود وحل قضايا الوضع النهائي، قائلا: الهدف من حل قضية الحدود هو القضاء على هذه الحدود. وإذا تمكنا من إزالة الحدود وإحلال السلام بعيدا عن الترهيب، يمكن أن يضمن ذلك التدفق الحر للناس والسلع ويؤدي ذلك إلى إيجاد فرص جديدة”وفق زعمه”.

حديث “كوشنر” المبهم في التفاصيل ، أوضحه بشكل أكبر موقع “ميديل إيست آي” البريطاني، في نوفمبر 2017 نقلا عن مصدر دبلوماسي غربي ومسؤولين فلسطينيين، حيث كشف عن أن الاتفاق سيتضمن ما يلي: إقامة دولة فلسطينية تشمل حدودها قطاع غزة والمناطق (أ، وب) وأجزاء من المنطقة (ج) في الضفة الغربية ، و توفر الدول المانحة 10 مليارات دولار لإقامة الدولة وبنيتها التحتية بما في ذلك مطار وميناء بحري في غزة والإسكان والزراعة والمناطق الصناعية والمدن الجديدة، ووضع القدس وقضية عودة اللاجئين سيؤجلان لمفاوضات لاحقة بجانب إجراء مفاوضات حول محادثات سلام إقليمية بين الكيان الصهيوني والدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية، وبالتحديد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي قال الدبلوماسي: “إن بن سلمان متحمس جدا للخطة”.

ما يدور في الكواليس يعزز ما يريد “كوشنر” بحسب مراقبين ، خاصة بعد أن تم عقد  لقاء استخباراتي في الرياض قبل أسبوع من وصول صهر ترامب ناقش الورقة شبه النهائية لـ”صفقة القرن” لتحديد موعد انطلاقها، بحضور كل من رئيس جهاز الاستخبارات المصري اللواء عباس كامل، ورئيس الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج، ورئيس الاستخبارات السعودية خالد الحميدان.

اللقاء بحسب تقارير عربية كشف عن أنّ السعودية أدت دورًا كبيرًا في ممارسة ضغوط على كل من السلطة الفلسطينية والأردن لانتزاع موافقة مبدئية على إطلاق التسوية، مقابل حِزم اقتصادية للجانبين بشكل يعوض سلطة رام الله عن العقوبات الاقتصادية الأميركية الأخيرة بالتزامن مع ضغوط يجريها المسؤولين في جهاز الاستخبارات المصري على حركتي “الجهاد الإسلامي” و”حماس” لإقناعهما باستغلال الفرصة.

عقبات محتملة 

وبحسب تقدير استراتيجي نشره مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات حول الآفاق المستقبلية لـ”صفقة القرن” في منتصف فبراير 2019 ، فإن فرص نجاح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تطبيق “صفقة القرن” تبقى رهينة جملة من المتغيرات والمعوقات مع ضرورة التنبه إلى أن الإعلان عنها والانتقال لتطبيقها قد يفصلهما فترة زمنية طويلة (على غرار اتفاق أوسلو الذي مضى على توقيعه قرابة ربع قرن ولم يتم تنفيذه).

ولفت التقدير إلى أن ترامب سيعمل على أن يحقق شيئًا ملموسًا قبل انتهاء فترته الرئاسية في نهاية 2020 ليستثمر ذلك في حملاته الانتخابية إذا نجا من التحقيقات المختلفة الحالية، كما رجح أن يتم الإعلان عن الصفقة قبل منتصف العام الحالي (2019)، لكن تطبيقها سيستغرق فترة طويلة ستعمل “إسرائيل” على تكييف مضامينها بأكبر قدر ممكن لصالحها، وهو ما قد يتعثر في حالة حدوث تحولات عميقة في دول الإقليم باتجاه مناهضة الوجود الصهيوني.

وبين التقدير أن شبه الإجماع الفلسطيني على رفض الصفقة سيظل عقبة كأداء في وجه الصفقة وفي وجه “شرعنتها” موضحا صعوبة قبول أي طرف فلسطيني بالمشاركة العلنية في التفاوض على هذا الأساس، بالإضافة إلى أن ثمة إجماع فلسطيني شعبي على رفضها.

عمليا ، استبق الإعلان أحدث تحرك فلسطيني ، وهو الحوار الفلسطيني في موسكو في 11 فبراير  2019 حيث أجمع المشاركين على رفض “صفقة القرن” وفق ما أكده عضو المجلس المركزي لحركة “فتح”، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عزام الأحمد.  لكن فؤجي المتابعون بعدها بإعلان السلطة الفلسطينية موافقتها على عقد لقاء بين رئيسها المنتهية ولايته محمود عباس ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو

ورغم التراشق الفلسطيني حول الصلة بالصفقة إلا أن المرصود حتى تاريخه رفض السلطة والمقاومة لصفقة القرن على المستوى العلني فيما توجه الاتهامات إلى السلطة بالتحرك سرا نحوها ، وهو ما قاله المتحدث باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع في تغريدة عبر (تويتر) قائلا : إن “إيهام شعبنا من قِبل قيادات فتح بأن رئيس السلطة، يتعرض لضغوط ويخوض معركة لمواجهة (صفقة القرن) تدليس وكذب لا ينطلي على أحد ، وهذه محاولة لتجميل موقفه المتساوق مع (صفقة القرن) وفصل قطاع غزة عن الضفة”.

وما زاد من صعوبة من مهمة “كوشنر” ما قام به وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، حيث ألقى بالكرة في ملعب ” كوشنر ” الذي التقاه في جولة إعلان صفقة القرن مؤكدا أن “قطر غير مهتمة بالموضوع طالما أنه لا يمثل حدود عام 1967، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، فضلًا عن تسمية مدينة القدس عاصمة فلسطين”.

ربيع المواجهة

ويعول مراقبون على دور الشعوب وحركات المقاومة في مواجهة أي محاولة محتملة لتمرير صفقة القرن، ويرجح البعض اشتعال موجة جديدة للربيع العربي في مواجهة أي تمرير متوقع للصفقة.

ويرى اللواء متقاعد عادل سليمان رئيس منتدى الحوار الاستراتيجى لدراسات الدفاع والعلاقات المدنية – العسكرية أنه في ظل ذلك المناخ السائد في المنطقة، يبدو الجو مُهيأ للمضي فى تنفيذ صفقة القرن، وتصفية القضية الفلسطينية ولكن، يبقى الأمل قائماً في الشعوب العربية، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني ومقاومته، والتي ليس أمامها سوى طريق واحد، وهو الخروج من حالة الإحباط التي تعيشها منذ انتكاسة الربيع العربي، وتواجه بحسم ما تحمله “صفقة القرن” من تحديات وجودية للأمة العربية والإسلامية.

حركة المقاومة الإسلامية “حماس” من جانبها أكدت رفضها المطلق لصفقة القرن واقترحت في مواجهة ذلك دعوة الدول العربية إلى التمسك بما أعلنته في قمة الظهران حول رفض الصفقة، وسط حشد لربيع فلسطيني جديد فيما يبدو وفق القيادي بحماس سامي أبو زهري الذي أكد أن الهدف الأساسي لمسيرات العودة هو إسقاط هذه الصفقة”.

وفي مشهد المواجهة يقف كذلك المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج  الذي يخاطب 6 مليون فلسطيني في الخارج ، وبدأ تحركاته من بيروت واسطنبول ، لبحث سبل التصدي لـ”صفقة القرن” ، وبحسب رئيس الهيئة العامة للمؤتمر ، سليمان أبو ستة، فإن المؤتمر يسعى للتشبيك مع حركة المقاطعة الدولية للكيان الصهيوني والتشبيك مع كل الجمعيات والمنظمات الصديقة لفلسطين والمدافعة عن القضية الفلسطينية مع رفع قضايا ضد الاحتلال في المحاكم الدولية وتكثيف المخاطبات الدولية.

أمین المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علی شمخانی، من جانبه توقع أن تقوم حركات المقاومة الفلسطينية والدول الواعیة فی المنطقة بمنع تمریر هذه الصفقة المقيتة وذلك بحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا” محذرا من أن تنفیذ هذا المشروع سيكون بمثابة ضربة قاضیة للقضیة الفلسطینیة، وهو ما يعني وجود رؤية مقاومة لن تمرر بسهولة المشروع المشبوه.