كشفت وسائل إعلام دولية، ومنها وكالة “بلومبرغ” الأمريكية، عن تورط الإمارات في التوسط لتوفير ممر آمن لرئيس النظام السوري بشار الأسد من دمشق بعد انهيار نظامه بفعل تقدم المعارضة المسلحة.
هذا الدور يفتح الباب للتساؤل حول العلاقات المشبوهة بين نظام بن زايد في أبوظبي والنظام السوري، ودعم الإمارات المتكرر لأنظمة استبدادية على حساب إرادة الشعوب.
في الأيام الأخيرة لحكم الأسد، ومع اقتراب المعارضة المسلحة من دمشق بعد سلسلة انتصارات في حلب وحماة وحمص، لجأ الأسد إلى أبوظبي كوسيط دولي.
بحسب “بلومبرغ”، قدم الأسد عرضًا للولايات المتحدة عبر الإمارات يقضي بقطع علاقاته مع الجماعات المدعومة من إيران، مقابل تدخل القوى الغربية لوقف القتال أو تأمين خروجه الآمن إلى المنفى.
تُظهر هذه التحركات التنسيق الإماراتي مع نظام قمعي مثل نظام الأسد لإنقاذه، وهو ما تحقق بفضل الوساطة الإماراتية التي ساعدت في تهريبه، لتثبت الإمارات مجددًا ولاءها لأنظمة قمعية على حساب إرادة الشعوب الثائرة.
حماية الأسد
رغم سقوط النظام السوري بعد دخول المعارضة المسلحة إلى دمشق، إلا أن الإمارات ظلت وفية لخططها الداعمة لنظام الأسد. قادت أبوظبي جهودًا سياسية ودبلوماسية تهدف لتخفيف عزلته الدولية منذ إعادة فتح سفارتها في دمشق في ديسمبر 2018.
هذه الجهود تأتي في سياق سياسة إماراتية أوسع تهدف إلى إحياء الأنظمة الاستبدادية والتقليل من تأثير الثورات العربية. الإمارات لم تكتف بالتطبيع الدبلوماسي، بل وجهت دعوات للأسد لزيارتها في مناسبات مختلفة، مما يعطي انطباعًا بأنها لم تتوقف عن دعمه حتى في أضعف لحظاته.
مع تصاعد وتيرة الأحداث وسقوط نظام الأسد، حاولت الإمارات التنصل من دورها في دعم النظام، في تصريحات مثيرة للجدل، ألقى أنور قرقاش، مستشار الرئيس الإماراتي، باللوم على الأسد، متهمًا إياه بالفشل السياسي وعدم استغلال “شريان الحياة” الذي قدمته له دول عربية، بما فيها الإمارات.
قرقاش زعم أن الإمارات حاولت منذ 2011 دعم الحوار والنقاش في سوريا، إلا أن هذا الادعاء يتناقض مع الحقائق التي تؤكد دعم أبوظبي المستمر للأسد حتى النهاية. حديث قرقاش عن ضرورة قيادة السوريين لمستقبلهم يأتي متأخرًا وغير متسق مع سياسات بلاده التي عززت قبضة الأسد على السلطة وأسهمت في إطالة معاناة الشعب السوري.
دور الإمارات الخبيث
يأتي الدور الإماراتي في سوريا ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى ترسيخ نفوذها في المنطقة، ودعم الأنظمة القمعية لضمان استقرار مشاريعها السياسية والاقتصادية. هذا التوجه يعكس أولويات أبوظبي التي تفضل التحالف مع أنظمة مستبدة على حساب مطالب الشعوب بالحرية والكرامة.
تظهر الوساطة الإماراتية لإنقاذ الأسد مدى استعداد أبوظبي لتجاوز القيم الأخلاقية والسياسية لدعم حلفائها مهما كانت الظروف. سياسة التطبيع مع أنظمة استبدادية كهذه تضع الإمارات في موقف منافٍ لحقوق الإنسان وتطلعات الشعوب العربية للتحرر.
الخلاصة أن هذا التقرير يُبرز الدور المريب الذي لعبته الإمارات في سوريا، من تسهيل هروب الأسد إلى دعم بقائه في السلطة من خلال التطبيع السياسي والدبلوماسي. هذه السياسات تتناقض مع طموحات الشعب السوري الذي دفع ثمنًا باهظًا في صراعه ضد الاستبداد.
اقرأ أيضًا : لحظة انتصار تاريخية.. السوريون يسقطون نظام بشار الأسد
اضف تعليقا