ربى الطاهر

كعادتهم.. الفلسطينيون دائمًا ما يبتكرون سبلًا جديدة للمقاومة ويبتكرون أسلحة استثنائية مثلما حدث مؤخرًا في غزة، بعدما حققوا نجاحًا باهرًا في تحريك طائرات ورقية وبالونات حارقة لإرسالها إلى الأراضي المحتلة، ثم قرّروا استغلال ما تَدْعمهم به بعض المؤسسات الدولية من “الواقيات الذكرية” بهدف تحديد النسل، ليس لهذه المهمة التي جاءت من أجلها، ولكن لاستغلالها في حرق المزيد من الدونمات من مزارع المستوطنات الكائنة على مشارف القطاع المُحاصر، ليتحول بذلك إلى وسيلة لمنع راحة الاحتلال وازعاجه.

وقد توصل الشباب الفلسطيني إلى هذه الوسيلة “الكوندوم” أثناء تجريبهم لبعض الوسائل البسيطة في المقاومة خلال مظاهرات مسيرات العودة الأخيرة، والتي بدأت في 30 مارس (يوم العودة الفلسطيني) حتى منتصف مايو الماضي، مع حلول ذكرى النكبة السبعين، وأثناء اعتراضاتهم على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

وعلى الرغم من بساطة هذه الأساليب التي يلجأ إليها الفلسطينيون في تحرير أراضيهم إلا أن هذه الوسائل البدائية مثلت تحديًا أمنيًا كبيرًا أمام الصهاينة، خاصة في ظل تصاعد اعتراضات المستوطنين أمام ما يتكبدونه من خسائر فادحة طالت محاصيلهم الزراعية.

وتظلّ هذه الوسائل البدائية تقض مضاجع الاحتلال وهي أبسط حقوق الفلسطينيين في المقاومة، لاسترداد كامل ترابهم، وهي أسمى الحقوق وأقدسها.. لتؤكد بما لا يدع مجالًا للنسيان بأن الشعب الفلسطيني لن يموت، وأن المقاومة مستمرة، وأن الحق يومًا لابدَّ أن يعود.

فقد اعتمد الفلسطينيون على إطلاق الطائرات الورقية المشتعلة وبالونات الأطفال الحارقة والكوندوم (المحمَّل بغاز الهيليوم) وتوجيهها في اتجاه الأراضي المحتلة في إسرائيل، حيث تحملها الرياح  فتشتعل النيران في الأراضي الزراعية والمزارع ويتكبد الإسرائيليون خسائر فادحة وتتعهد الحكومة الإسرائيلية بالتعويض.

الأمر الذي دفع الكثير من المزارعين الصهاينة لجمع محاصيلهم مبكرًا قبل موعد حصاده الطبيعي خوفًا عليه من الاحتراق بفعل الطائرات والبالونات الحارقة.

وقد حاول الجيش الإسرائيلي التصدي للبالونات والطائرات المشتعلة في محاولة لالتقاطها قبل إحداثها لخسائر، ولكن قدراتهم على التصدي لها أثبتت فشلها.

وهو ما جعل الكثير من المزارعين المتضررين يسخرون من عجز الجيش عن حمايتهم من الطائرات الورقية، ويقول أحدهم: نحن ننفق مليار يورو لبناء جدار عازل تحت الأرض يمنع الفلسطينيين من التسلل لداخل المستوطنات الإسرائيلية عبر الأنفاق، وفي نفس الوقت نعجز عن مواجهة تلك الأجسام الطائرة التي تحرق حقولنا ومزارعنا.

أول طائرة

فمع انطلاق المظاهرات الضخمة لمسيرة العودة في مارس الماضي انطلقت أول طائرة ورقية حارقة لتشعل المستوطنات الإسرائيلية، وقد أصدر الجيش الإسرائيلي بيانًا قال فيه: إنه سيرد بمنتهى الصرامة على ما أسمَاه بالأعمال الإرهابية.

كما قام الجيش بإطلاق النيران على مواقع قريبة من الأشخاص الذين يطلقون الطائرات الورقية، وتبذل إسرائيل جهودها للضغط على المسئولين في قطاع غزة، مطالبين إياهم ببذل الجهد لمنع إطلاق الطائرات الورقية.

وقد طالب غلاد إردان، وزير الأمن العام، هناك بضرورة العودة  لسياسة القتل المستهدف للشباب الذين يطلقون الطائرات الورقية.

وقد ناشد حاييم جلين، عضو عن حزب يش عيد بالكنيست الإسرائيلي، كل القيادات في إسرائيل بالنظر لخطر الطائرات الورقية والتعامل معها بكل جدية، وقال: الآن لدينا طائرات ورقية وبالونات حارقة تبدو كلعب أطفال ولكنها ليست كذلك.

 

ليست الطائرات الورقية والبالونات وحدها هي التي أقلقت مضجع الإسرائيليين وكبَّدتهم الخسائر، فهناك أيضًا الكوندوم كوسيلة وابتكار من ابتكارات المقاومة الفلسطينية التي لها قصة؛ فمن المعروف أن عدد سكان قطاع  غزة  يبلغ 2 مليون 56 ألفًا تتراوح أعمارهم، طبقًا للإحصاءات الرسمية الفلسطينية لعامي 2016، والتي قالت: إن 82 % من سكان قطاع غزة أقل من 40 عامًا.

وتؤكد الإحصاءات أن هناك 5 مواليد تولد كل ساعة داخل القطاع أي ما يعادل 152 طفلًا يولد يوميًا.

فتدخلت عدد من الدول والمنظمات الدولية بتوفير كميات من الواقي الذكري للفلسطينيين بغرض استخدامه في أغراض منع الحمل، إلا أن الفلسطينيين، ومع انطلاق مسيرات العودة، حوَّلوا الكوندوم إلى سلاح لإحراق إسرائيل.

وقد أكدت إحدى لجان الكنيست أنَّ الكوندوم الحارق، والبالونات الحارقة تسببت في إحراق 6 آلاف فدان خلال الأسابيع الماضية، وأن حجم الخسائر بلغ  2 مليون دولار.

غاز الهيليوم

وتقوم فكرة عمل الكوندوم الحارق علي نفخ عدد من الكوندومات التي يتم ملئها بغاز الهيليوم وربطها مع بعضها مع ربطها بشعلة محترقة وتطييرها باتجاه المزارع والمستوطنات الإسرائيلية فتدمرها وتشعل النار فيها.

وفي تقرير خاص لصحيفة تايمز أوف إسرائيل حول ظاهرة الكوندوم الحارق، الذي قالت إن الكوندوم سلاح  سخيف يمكن أن يسبِّب حربًا على قطاع غزة.

وقد ذكرت الصحف الإسرائيلية أنَّ وزارة الخارجية لجأت لحملة علاقات عامة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، لمواجهة خطر الكوندوم الحارق، وصفت بحملة كوماندوز علاقات عامة غرضها تشويه صورة المقاومة الفلسطينية.

واعتمدت تلك الحملة على الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للمقاومة ورسم الكوندوم مكتوبًا عليه حركة حماس وفي نهايته  قطعة قماش مشتعل.