إبراهيم سمعان

في إطار خطة السلام الشهيرة بالشرق الأوسط، التي يوشك الأمريكيون كشف النقاب عنها يريد دونالد ترامب وحلفاؤه في المنطقة أن تكون مدينة أبو ديس عاصمة المستقبل لفلسطين، بدلًا من القدس المحتلة التي نقلت الولايات المتحدة سفارتها في إسرائيل إليها.

صحيفة “لونوفيل أوبسيرفاتور” الفرنسية نشرت تقريرًا عن هذه المدينة التي اختارها ترامب كعاصمة للفلسطينيين، وفق ما يعرف بـ “صفقة القرن” التي ينوي عرضها على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وتساءلت الصحيفة كيف ستبدو هذه المدينة غير الموجودة؟ مشيرة إلى أنها قد تكون على صورة زحمة سير خانقة بفعل حاجز إسرائيلي مستحدث، أو على صورة مزبلة عشوائية بمحاذاة أكبر مساجد الضفة.

وأضافت قد تكون أيضًا على صورة شارع يفترض أنه رئيسي لكنه كثير التعرج ويلتف على نفسه، خلافًا لكل منطق معماري، قبل أن يصطدم بجدار الفصل الإسرائيلي.

وأوضحت أنه لا يوجد هناك ما يستحق المشاهدة في أبو ديس، هذه المدينة الحزينة الواقعة بالقرب من القدس، والتي يخطط ترامب أن تكون عاصمة لدولة فلسطينية المستقبلية.

وأكّدت أن شروط وتوقيت الإعلان عن “صفقة القرن”، مشروع حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني التي وضعت من قبل البيت الأبيض، لا تزال غير معروفة.

وأشارت إلى أنه من المعروف في مقابل اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، تخطط الإدارة الأمريكية لنقل السيطرة- بالإضافة إلى أبو ديس- على ثلاثة أحياء عربية كاملة بالقدس الشرقية (شعفاط، العيسوية وجبل المكبر) للسلطة الفلسطينية.

الفكرة ليست جديدة، بحسب الصحيفة الفرنسية، ففي عام 1996، عقب اتفاقات أوسلو، شكلت أبو ديس، التي كانت تحت السيطرة الفلسطينية، جزءًا من المفاوضات، وإن لم يكن واضحًا إن كانت عرضت في وقتها على ياسر عرفات لتكون عاصمة للفلسطينيين أم لا؛ حيث نظر إلى أبو ديس على أنها مكان يمكن لعرفات أن “يطلّ منه على منظر قبة الصخرة الخلاب”.

وبينت أن الموضوع روج له حاليًا جاريد كوشنر، صهر ترامب، وجيسون جرينبلات المبعوث الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط، وكذلك محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، الذي اقترح على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس القبول بأبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية.

فوفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز” يريد ابن سلمان أن يفرض تسوية على الفلسطينيين لتحسين العلاقة مع إسرائيل للتعاون ضد إيران، التي تراها الرياض منافسًا إقليميًا في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وتحرص على الدعم الإسرائيلي ضدها.

وأكدت أن الجدار العازل، الذي شُيّد في مطلع الألفية الثالثة، عزل القرية فعليًا عن المناطق السكانية الفلسطينية الرئيسية، مما عطل حياة أبو ديس: كان الأمر يستغرق حوالي عشر دقائق للوصول إلى باب الأسباط، أحد مداخل ساحة المسجد الأقصى، لكن الأمر يستغرق الآن ساعة واحدة تقريبًا، في الأيام العادية شريطة الحصول على تصريح من الإسرائيليين.

وعن نقل السيطرة على أحياء (شعفاط، العيسوية وجبل المكبر) للسلطة الفلسطينية، نقلت الصحيفة عن دبلوماسي أوروبي يعمل على إحياء عملية السلام القول “أولًا وقبل كل شيء يريد ترامب إخراجهم من المعادلة بأن يضع نصفهم تحت سيطرة السلطة الفلسطينية. فبدونهم، من سيطعن بجدية في السيادة الإسرائيلية على المدينة المقدسة؟

 

وتنوه “لونوفيل أوبسيرفاتور” بأن الخطة التي سيقدمها البيت الأبيض هي في المقام الأول نعمة بالنسبة للإسرائيليين، الذين سيتم إعفاؤهم من الثقل الأمني والاقتصادي للأحياء العربية الثلاث في القدس، حيث تمارس سيادتها فقط بطريقة سطحية. فعلى سبيل المثال، شعفاط، وهو تراكم فوضوي من المساكن، على الرغم من أنه ظاهر في القدس، لكنه انفصل عن بقية المدينة عن طريق جدار الفصل، ولا يستفيد سكان هذا الحرم الإداري من أي خدمات بلدية.