“ميدان التحرير مثال”
عقب انقلاب 2013 في مصر عمد عبد الفتاح السيسي إلى القيام بعملية تغيير كلية فكما شرع إلى محو الثورة من فكر المواطن المصري بالترهيب والقمع والتنكيل، كذلك شرع إلى محو أي أثر من آثار الثورة المصرية وعمل على طمسها من ذاكرة المصريين فقد ذكر موقع “ميدل إيست إي” أن ميدان التحرير رمز الثورة المصرية قد شهد عملية تغيير كبيرة بعد عقد تقريباً من أحداث الثورة حيث استثمرت الدولة المصرية ما يقرب من 150 مليون جنيه لإزالة كل ما يتعلق بالثورة المصرية من ميدان التحرير، وهذا غيض من فيض مما قام به النظام من أجل محو الذاكرة الثورة لدى الشعب المطحون وكأن شيئاً لم يكن فكيف عمل السيسي على محو آثار الثورة من ذاكرة المصريين؟!.
ميدان التحرير
قبل أكثر من 11 عاماً وقف المصريين في ميدان التحرير ينادون برحيل النظام ومنذ ذلك الحين أصبح الميدان خطراً على كل ديكتاتور لذلك كان توجه السيسي بتغيير معالم ذلك الرمز ومحوه من آثار الماضي القريب فبدأت السلطات المصرية بإعادة طلاء الأبنية بالميدان لتغيير المعالم وزُرعت العديد من أشجار النخيل، ووضعت قطعة مركزية جديدة، مسلة شاهقة تعود لـ 3500 سنة منذ عصر الملك رمسيس الثاني جنباً إلى جنب مع أربعة تماثيل لأبو الهول من معبد الكرنك في الأقصر، ولعل وضع الآثار الفرعونية في ذلك المكان تدلل على نفس الرؤية وهي محو رمزية المكان حيث أنها جاذبة للانتباه، إضافة لذلك فقد تم طلاء جدرايات الغرافيتي الثورية التي لعبت دوراً كبيرة في الثورة المصرية والتي كانت تعد بمثابة توثيق إبداعي لأحداث الثورة، أما الآن فقد باتت جدران القاهرة التي كانت ذات مرة غارقة في الألوان خالية في معظمها، ثم إنه بعد فترة وجيزة من انقلاب 2013، تم تشريع قوانين جديدة تجرم الرسم على الجدران بعقوبة قصوى تصل إلى السجن لمدة أربع سنوات وغرامة ضخمة، ثم تم هدم جدران الغرافيتي الرمزية، للقضاء تماماً على رمزية الثورة.
عسكرة الأماكن
بعد انقلاب يوليو 2013 تغيرت معالم الثورة في الشوارع المصرية وأراد النظام المصري أن يستبدلها بمعالم الخوف والعسكرة، حيث أنتهى النظام إلى القيام بمجزرة رابعة العدوية والتي تحولت بعدها مصر كلها لميدان رابعة بشكل مصغر وشهدت سقوط شهداء ضد الانقلاب في جميع أنحاء الجمهورية، وبعد استيلاء السيسي على الحكم شهدت الأماكن العامة حالة من العسكرة وأُقر قانون مناهضة التظاهر وقام الأمن المصري بحملة قمع واسعة ضد المعارضين، ثم قام النظام باستبدال الغرافيتي الذي يرمز إلى الثورة بألوان مغايرة وتبخرت ألوان القاهرة وتم وضع كاميرات المراقبة في كل مكان.
أكذوبة النُصب التذكاري
النظام المصري يعي أهمية ورمزية جدارايات الميدان لدى الشعب المصري حيث تذكرهم بأيام الحرية والثورة على الطغيان لذلك سعى إىل طمسها لديهم، ففي نوفمبر من عام 2013 أغلقت الحكومة ميدان التحرير بشكل كامل واستمرت في عزل الشوارع المؤدية إليه بجداريات إسمنتية ثم قام رئيس الوزراء حينئذ حازم الببلاوي بافتتاح نُصب تذكاري لضحايا ثورتي 2011 و2013 على حد وصف الحكومة وتم تعيين حراسة حوله خشية تخريب النُصب التذكاري لكن الهدف الحقيقي من انشائه كان منع المتظاهرين من التظاهر بالميدان وبمرور الأيام تم إهمال النصب تماماً الذي تعرض للتخريب على يد معارضي النظام ولم يستمر لأكثر من عام لأنه كان أكذوبة غرضها منع المتظاهرين من التظاهر فقط.
هذه ليست الحالة الأولى فقد افتتح النظام المصري بعدها أطول سارية علم مصرية في ميدان التحرير ثم بعدها بأقل من عام وجد هذا العلم مقطوعاً نظراً لأهمال النظام المصري الذي يريد أن يحيي المصريين الثورة حتى في ذاكرتهم فقام بمحاربتها ومحى كل رموزها.
اقرأ أيضاً : ثمانية أعوام من الكذب والفشل.. الذكرى الثامنة لتولي السيسي مقاليد الحكم في مصر!
اضف تعليقا