استيقظ الشعب السوداني يوم السبت الماضي على اشتباكات ضارية في العاصمة الخرطوم، والتي اندلعت جراء وصول التفاهمات بين قائد المجلس الانتقالي اللواء عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي إلى طريق مسدود.
يتخوف الجيش السوداني من التوسع الذي يحاول القيام به حميدتي حيث أنه بات يحشد عدد كبير من القوات التي تجاوزت 100 مقاتل فقد أضاف إليها 30 ألفاً آخرون كما أنه يسعى إلى امتلاك طائرات مسيرة وصواريخ في حين أن الجيش يريد ضم قواته إلى الجيش بشكل رسمي.
بعيداً عن المتسبب في هذه الحالة التي يعيشها الآن الشعب السوداني والذي راح أكثر من 600 مواطن من أبنائه المدنيين جراء تلك الحرب فإن الدول العظمى واللاعبين الإقليميين تفاعلوا مع الحالة السودانية.
على عكس المتوقع تمامًا لم تكن مصر صاحبة الريادة الأفريقية متصدرة المشهد كعادتها بل على العكس تم تهميشها من قبل الولايات المتحدة التي قام مسؤولها بالاتصال بالإمارات والسعودية لبحث حل الأزمة في السودان.. فأين هي مصر مما يحدث؟.
تراجع الدور الإقليمي
بالرجوع لعام 2012 حيث حكم الرئيس المصري الراحل الدكتور محمد مرسي فقد قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بشن هجوم عدواني على قطاع غزة فكان رد الفعل قويًا من الرئيس المصري الذي تسبب بشكل مباشر في إيقاف هذا العدوان.
وعلى ما يبدو أن تلك الأيام الخوالي كانت هي الأيام الأخيرة التي أقر فيها العالم أن مصر ذات دور ريادي في المنطقة والقارة الأفريقية فمنذ ذلك الحين طفت المؤامرات على السطح وجاء السيسي إلى سدة الحكم عبر الانقلاب العسكري فقام بدعم الانقلابيين في الدول المجاورة.
كما أنه قام بالتذلل لدول الخليج من أجل حفنة من الدولارات ووسط كل ذلك تضيع هيبة مصر في الأفق إضافة إلى دوره الضعيف في قضية سد النهضة الإثيوبي وتفريطه في مياه النيل وهو ما أدى إلى تراجع دور مصر في عهده الذي أثقلها بالديون وهمش دورها الريادي.
القرار المصري
انتشرت مقاطع فيديو مصورة توضح اعتقال قوات الدعم السريع التي يقودها حميدتي لعدد من جنود وضباط تابعين للجيش المصري بطريقة مهينة في حين لم تصدر أي ردة فعل عن قائد الانقلاب الذي يتابع افتتاح بعض المشاريع المحلية.
تساءل البعض عن سر الجنود المصريين في السودان والذي قال المتحدث العسكري المصري أنهم كانوا في تدريبات مشتركة مع الجيش السوداني لكن السائد في السودان أنهم كانوا يتجهزون للقتال مع الجيش الوطني بقيادة البرهان.
والحقيقة.. أن تلك الأنباء لا تزف لمصر إلا كل خزي وعار فالدولة صاحبة الريادة الإقليمية التي سبقت التاريخ بات مصير أبناءها رهن قرار قطاع الطرق والميليشيات في عهد السيسي.
إضافة لذلك فإن ردود الأفعال العربية والدولية والتي خلت من تعليق قائد الانقلاب تدل على ما هو أخزى لأن السيسي يقف حائراً في موقفه وإن كان يميل إلى كافة البرهان لكنه يخشى إغضاب أي من الدولتين السعودية والإمارات اللاتي يمدونه بالمال.
المملكة العربية السعودية تميل إلى كافة الجيش الوطني بقيادة البرهان أما الإمارات فتميل بشكل واضح إلى كافة حميدتي وبين هذا وذاك يقف قائد الانقلاب حائراً وهو لا يملك له من الأمر شيئاً وينتظر أوامر دول لا يتجاوز أعمارها المئة عام في حين أنه يحكم دولة سبقت كتابة التاريخ.
اقرأ أيضًا : مصير السودان بين الجنرال العسكري وتاجر الإبل
اضف تعليقا