استثمرت قطر الحصار المفروض عليها من الدول الأربع وحوّلت تبعاته إلى مكاسب كبيرة تُوجت بصفقات عملاقة لتقوية قواتها العسكرية.

قبل عامين (5 يونيو 2017)، قطعت السعودية وحلفاؤها؛ الإمارات والبحرين ومصر، علاقاتها مع دولة قطر، وفرضت حصاراً دبلوماسياً واقتصادياً وبرياً وبحرياً وجوياً على الدوحة.

ذلك الحصار لم يجعل الدوحة تنكمش على نفسها، بل دفعها إلى كسر عزلتها، فقد رصد “الخليج أون لاين” أن قطر تمكنت من توقيع  عقود كبيرة، العامين الماضيين، مع عدة دول وشركات أوروبية، هدفت إلى تعزيز قواتها بمختلف الأسلحة من الطائرات والمدرعات والدبابات، إضافة إلى أمنها الإلكتروني الدفاعي.

كسر العزلة

جاء الحصار الرباعي على قطر تزامناً مع اتفاقية عسكرية بين قطر وتركيا، في شهر يونيو 2017، تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، وهو ما سرّع في مصادقة البرلمان التركي عليها، بعد  يومين من إعلان الحصار.

ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ بعد إقرارها من البرلمان واعتمادها من الرئيس التركي، وسط أزمة سياسية خليجية وتحركات سعودية إماراتية بحرينية مصرية تهدف إلى عزل ومحاصرة قطر، بعد قطع العلاقات معها على خلفية اتهامات ترفضها الدوحة جملة وتفصيلاً، وتقول إنها غير مبررة، وتهدف إلى فرض الوصاية عليها.

وتمثل الاتفاقية الحالية المتعلقة بإقامة قاعدة عسكرية ونشر قوات تركية في قطر تتويجاً لمسار من التعاون بين البلدين في مجالات عدة؛ من بينها المجال العسكري، حيث وقعا اتفاقية للتعاون في مجال الصناعات الدفاعية عام 2007.

اتفاقيات قطر وتركيا

تملك قطر أكثر من 30 اتفاقية ومذكرة تفاهم مع تركيا، في مقدمتها وجود 150 عنصراً من أفراد الجيش والبحرية والقوات الخاصة التركية الذين انتقلوا على الفور إلى قطر في 2015، وفور اندلاع الأزمة الخليجية أيضاً، إضافة إلى وجود قاعدة عسكرية تركية افتتحت مؤخراً تضم ثلاثة آلاف عنصر من أفضل التشكيلات العسكرية التركية.

ومن بين تلك الاتفاقيات أيضاً افتتاح وزير الدفاع التركي، نور الدين جانيكلي، ونظيره القطري، خالد بن محمد العطية، في الدوحة مركز أنظمة محاكاة الطائرة المروحية “AW139″، وهو أكبر مركز تركي للصناعات الدفاعية بقطر، في أواخر 2017.

كما افتتح الجانبان، للمرة الأولى في تاريخ قطر، مصنعاً محلياً للذخيرة، بالتعاون مع شركة تركية.

ووقعت الدوحة وأنقرة اتفاقيات لشراء قطر 556 آلية مدرعة، و6 طائرات بدون طيار (بيرقدار تي بي2)، وتزويد الدوحة بأنظمة تطوير معدات حربية، إضافة إلى 100 دبابة من نوع “ألتاي”.

فرنسا وبريطانيا

في ديسمبر من عام 2018، وقعت فرنسا عقوداً خلال زيارة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تتضمن تجديد عقد شراء 36 طائرة “رافال” قتالية من مجموعة داسو الفرنسية، و50 طائرة إيرباص “إيه 321”.

وتسلمت الدوحة، في يونيو الماضي، خمس طائرات مقاتلة من طراز “رافال” وصلت إلى قطر، الأربعاء، في إطار عملية تسليم رمزية مع انتهاء العام الثاني من الحصار الذي تفرضه عليها السعودية.

وطلبت قطر 24 من هذه الطائرات الفرنسية، في عام 2015، وأضافت إليها 12 أخرى العام الماضي، مع خيار يتيح لها شراء 36 طائرة أخرى.

كما أعلنت قطر، في 10 من شهر ديسمبر 2018 نفسه، أنها ستدفع ثمانية مليارات دولار من أجل شراء 24 طائرة مقاتلة من طراز “تايفون” البريطانية.

وقدمت بريطانيا منظومة حرب إلكترونية، ومشورات حول أفضل الاستراتيجيات العسكرية، وفق اتفاقها مع قطر.

الدوحة وواشنطن.. تقارب كبير

في منتصف يونيو 2017، وافقت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” على صفقة شراء قطر 36 مقاتلة من طراز “إف 15” بقيمة بلغت 12 مليار دولار، وذلك على هامش زيارة وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري، خالد العطية، إلى واشنطن.

كما وافقت وزارة الخارجية الأمريكية، في مايو 2019، على صفقة محتملة لبيع طائرات “هليكوبتر” إلى قطر قيمتها ثلاثة مليارات دولار.

وتقول (البنتاغون) إن الحكومة القطرية طلبت شراء 24 طائرة هليكوبتر “إيه إتش-64 إي” التي تصنعها شركة بوينغ.

كما وقعت واشنطن والدوحة اتفاقية لتزويدها بمنظومة دفاع جوي، وصواريخ موجهة، وأنظمة في الملاحة والاتصالات، إضافة إلى تصنيع أسلحة وتدريب في الأمن الإلكتروني.

وشهدت العلاقات بين قطر والولايات المتحدة تقارباً كبيراً خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً بعد تعرّض قطر لحصار من السعودية والإمارات والبحرين، يونيو 2017.

ألمانيا وإيطاليا .. صفقات كبيرة

أما ألمانيا فقد وقعت اتفاقية مع قطر على بيع أربع منصات إطلاق صواريخ، و85 رأس بحث توجيهي لنظام إطلاق الصواريخ الموجهة، والمخصصة للدفاع عن سفن طراز “أي إيه إم”.

كما أبرمت صفقة أسلحة مع ألمانيا لشراء 62 دبابة متطورة من نوع “ليوبارد- 2″، أهم الدبابات الهجومية الألمانية، و24 عربة “بي زيد إتش 2000” من شركة كراوس مافاي فيجمان الألمانية، وبلغت قيمة الصفقة ملياري يورو.

ووقعت قطر وإيطاليا، في منتصف شهر مارس 2018، اتفاقية لشراء 28 طائرة هليكوبتر من طراز NH90، من خلال شركة ليوناردو للطائرات المروحية.

كما وقعت اتفاقيتين لتسليح الطائرات بصواريخ بعيدة المدى، وشراء مشبهات آلية للطائرات لأغراض التدريب.

وأعلن وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في أغسطس 2017، توقيع صفقة لشراء سبع قطع بحرية من إيطاليا بقيمة خمسة مليارات يورو (5.91 مليارات دولار)، في إطار اتفاق تعاون عسكري بين البلدين.

روسيا والناتو.. تقارب كبير مع الدوحة!

في أكتوبر 2017، تمكنت قطر من توقيع اتفاقية مع روسيا للتعاون العسكري التقني، ومذكرة تفاهم بين وزارة الدفاع القطرية وشركة “روسو بورن إكسبورت” الروسية في المجال نفسه.

كما تم التوقيع على العقد القانوني بين وزارة الدفاع القطرية والشركة الروسية، الذي يحدد الشروط العامة للتوريدات العسكرية بين الجانبين.

وأعلن وزير الخارجية القطري، في مارس الماضي، أن “المفاوضات لا تزال جارية” حول إمكانية شراء بلاده منظومة الدفاع الجوي الصاروخي “إس-400” من روسيا، دون الوصول إلى اتفاق نهائي بعد.

وأوضح الشيخ آل ثاني، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، في الدوحة، أن قطر “لم تتوصل بعد إلى قرار نهائي بشأن مسألة إس-400”.

وتتمتع قطر باهتمام كبير لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والذي سبق أن أعلنت نائبة الأمين العام للحلف، روز غوتيمولر، أن قطر دولة حليفة للناتو وطرف فعال فيه وجزء مهم لمستقبل الناتو، الذي يواجه تحديات كبيرة لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب.

يذكر  أن قطر حاولت مراراً التوصل إلى تسوية الأزمة الخليجية مع دول الحصار، ودعت إلى الجلوس على طاولة المفاوضات والحوار، إلا أن دول الحصار تعنّتت ورفضت ذلك.

وتركت الأزمة لدى الشعب القطري خاصة، والشعوب الخليجية عامة، الكثير من الآثار السلبية، وأثرت بشكل كبير على منظومة مجلس التعاون الخليجي، وشتّت الشمل.