العدسة_ بسام الظاهر
لم يكن يتخيل أحد أن تتحول مشاهد أفلام الخيال العلمي الأمريكي عن “الأموات الأحياء” أو “الزومبي” إلى واقع حقيقي، وبات بالإمكان رؤية هؤلاء في الشارع.
وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي أخيرًا عدة مقاطع فيديو لأشخاص بالتأكيد ليسوا أمواتًا، ولكن بدت عليهم نفس تصرفات وحركات “الزومبي” في الأفلام الأمريكية.
هذا الأمر أثار تخوفاتٍ في كل دول العالم من انتقاله إليها، ولكن تبين أن سبب هذه التصرفات الغريبة لبعض الأشخاص هو تعاطيهم نوعًا معينًا من المواد المخدرة تعرف بـ “فلاكا”.
وقائع غريبة
قتلت الشرطة في ولاية فلوريدا الأمريكية شخصًا عام 2014 بسبب مهاجمته لمراهقين ومحاولته عضهم في الوجه، وبدا أنه كان واقعًا تحت تأثير عقار معين.
وتوالت الوقائع في عدة دول، وتحديدًا في الولايات المتحدة، وانتشر العقار المسبب لهذا “الجنون” في أمريكا الجنوبية بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية.
في البرازيل تحديدًا كان هناك انتشار لهذا المخدر بشكل كبير، خاصة مع ضبط الشرطة هناك عدة وقائع لأشخاص كانوا تحت تأثير هذا العقار في الشارع.
وتدخلت الشرطة للقبض على بعض هؤلاء الأشخاص وسط حركات غريبة تشبه إلى حد كبير “الزومبي”، خاصة مع فقدان تام للإدراك، والتعدي على آخرين، وإيذاء أنفسهم بشكل كبير.
وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي بعدة فيديوهات لهذه الحالات التي كانت تحت تأثير “الفلاكا”، ويمكن متابعة هذه الحالات من “هنا“.
وكان السبب في انتشار هذا المخدر نشر مئات الجنود البرازيليين في حي روسينها الفقير في ريو دي جانيرو، سبتمبر الماضي، لمساعدة حكومة الولاية، التي تعاني من ضائقة مالية، في القضاء على العنف المتصل بالمخدرات.
مخدر ” الفلاكا “
أمريكا أولًا
بداية ظهور مخدر الفلاكا وانتشاره كانت في الولايات المتحدة منذ عام 2011، وعرف حينها باسم “حبوب الزومبي“، ولكنه لم يشهد رواجًا كبيرًا حينها، ولكن عاد للظهور مرة أخرى بين عامي 2013 و2014، وتحديدًا في ولاية فلوريدا على الساحل الجنوبي الشرقي لأمريكا.
ولكن في عام 2012 شهدت مدينة ميامي بولاية فلوريدا اعتداء شخص على رجل متشرد وبدأ في أكل وجهه، وعندما حضرت الشرطة كان قد أتم أكل 80% من وجه الضحية، وثبت أنه كان تحت تأثير مخدر “الفلاكا”.
عام 2014 كانت نقطة تحول في انتشار “الفلاكا” بشكل كبير في فلوريدا، والذي يباع على الإنترنت في مقابل 1500 دولار للكيلوغرام الواحد، ويصل من الصين في رزم بريدية صغيرة، ثم يباع في الشوارع، كما جاء في تقرير أصدرته سلطات فلوريدا عن استهلاك هذه المادة في برووارد.
ويعتبر هذا العقار أرخص كثيرًا مقارنة بمخدرات أخرى؛ إذ يباع الكيلوغرام الواحد من الكوكايين بسعر أغلى بخمس عشرة مرة على الأقل من الفلاكا.
وفي سبتمبر 2014، انتشر هذا العقار بشكل كبير للغاية، لدرجة أنه تسبب في وفاة 34 شخصًا، واستقبلت خدمات الطوارئ في المستشفيات نحو 20 مريضًا في اليوم الواحد.
وكان يباع هذا المخدر بشكل قانوني في الولايات المتحدة الأمريكية تحت ذريعة أن مكوناته كلها قانونية، وتسمى هذه المادة “ملح الحمام”.
ويتم إنتاج هذه المادة في الصين، وتباع بـ 25 دولارًا، وبعد عام 2012 أطلق عليه “حبوب الزومبي”، وقام المتخصصون بالتحذير منه.
الشاب النيجيري تحت تأثير “مخدر الفلاكا”
مصر على الخط
ودخلت المنطقة العربية على خط “حبوب الزومبي”، خاصة وأن مصر شهدت أول واقعة لاعتداء شخص تحت تأثير مخدر “الفلاكا” على طفل في القاهرة الجديدة قبل أيام.
وتعود الواقعة إلى أن شابًّا من جنسية إفريقية اعتدى على طفل بعد أن رفض الأخير طلب الشاب باللعب معه خلال خروجه من أحد المساجد.
وقام الشاب النيجيري بعض الطفل من رقبته ليسبب له جرحًا غائرًا نقل على إثره للمستشفى، ولكنه أيضًا قام بالاعتداء على شخصين خلال محاولتهما إنقاذ الطفل.
وتبين أن الطفل مصاب بجرح قطعي طويل يبلغ 8 سنتيمترات، وهو جرح متهتك وعميق، فالعضة انتشلت جزءًا من اللحم تحت الجلد والدهون، وجزءًا من العضلة في المنطقة.
ولكن ووفقًا لأهالي المنطقة التي شهدت الواقعة، فإن اعتداء النيجيري على الطفل ليس الحادث الأول، ولكنه الثالث له.
” الطفل الذي تم الإعتداء عليه “
مخدر الفلاكا
ولكن ما هو مخدر الفلاكا وتأثيراته الخطيرة التي تدفع متعاطيه إلى التصرف كـ “زومبي”؟
“غير صالحة للاستخدام الآدمي”، هكذا تشير بعض التقارير إلى العبارة المكتوبة على الطرود التي يتم من خلالها ترويج مخدر “الفلاكا”، نظرًا لأنه يزيد من الجانب الحيواني لدى الإنسان.
ويشير متخصصون إلى أنه أقوى أنواع المخدرات، ومن المعروف أنه مخدر صناعي، واسمه العلمي “ألفا بي في بي”، وهو مخدر زهيد الثمن يتم تصنيعه في الصين.
ويأخذ “الفلاكا” شكل حبيبات بيضاء ذات رائحة كريهة يمكن أن تؤكل أو تستنشق أو تحقن، أو يتم تعاطيها عن طريق السجائر الإلكترونية.
ويسبب الفلاكا عند تعاطيه حالة من الهذيان ترتبط بالبارانويا والهلوسة الشديدة التي قد تؤدي إلى ممارسة العنف.
ويؤدي تعاطي هذا المخدر إلى رفع درجة حرارة الجسم إلى ما فوق الـ 40، ويسفر عن وفاة المتعاطين، فضلًا عن أضرار عامة للجسم، وبالتحديد للكلى.
وقال الدكتور خالد مصيلحي؛ أستاذ العقاقير: إن آلية عمل الفلاكا تتلخص في زيادة إفراز مادة dopamine “الدوبامين” في المخ، وبجرعات كبيرة جدًّا، وهي مادة مسؤولة عن نقل الإشارات العصبية في الجسم.
وأضاف مصيلحي: “الفلاكا يمنع الجسم من التخلص من الدوبامين الزائد، فيزيد تركيزه بجرعات تفوق الوصف في المخ، مما ينتج عنه الشعور بالنشوة والهلوسة الشديدة، والنشاط الحركي الزائد بصورة مفاجئة”.
وأشار إلى أن هذا المخدر ليس خطرًا فقط على المتعاطي، بل يمتد الخطر للأمن العام والأشخاص المحيطين به.
اضف تعليقا