لقد بث اليوتيوبر والمدون المصري “عبد الله الشريف”، مساء الخميس ٩ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠٢١، تسريب صوتي جديد يخص مستشاري الرئيس المجرم عبد الفتاح السيسي، وقال إن هذا التسريب يكشف جانبًا من وقائع الفساد المستشرية خلال فترة حكمه. 

وضح هذا التسريب أن بعض مستشاري السيسي يقومون بتمرير مشروعات للجيش دون مناقصة، كما أنهم يتقاضون رشاوي يبلغ قدرها ملايين الجنيهات، وذلك عبر استغلال نفوذهم ومناصبهم بالقصر الرئاسي.

لقد أظهر التسريب محادثات هاتفية بين ضابط كبير برتبة لواء يدعى “فاروق القاضي”، وهو يقوم بتنسيق رشاوي تقدر بملايين الجنيهات مع سيدة تدعى “ميرفت محمد علي”، وقال عبد الله الشريف إن كليهما يعمل مستشارًا لدى السيسي. ويتركز حديثهما حول مشاريع للهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة، يتم من خلالها تمرير عقود بناء محطات ومشاريع للهيئة التي باتت تسيطر على الكثير من المشروعات الاقتصادية في البلاد.

وفقًا للتسريب، فإن بعض المشروعات تمرر إلى الجيش دون طرحها في مناقصات عامة، ويوضح التسريب أيضًا أن اللواء فاروق القاضي يمنح ٢ مليون جنيه (١٢٧ ألف دولار) لميرفت محمد علي، وذلك مقابل كل مشروع تقوم بتمريره له.

كانت العديد من الجهات الحقوقية المحلية والدولية قد طالبت الحكومة المصرية بالكشف عن المعلومات المالية حول الشركات المملوكة للجيش، كجزء من التقارير المطلوبة عن الشركات التي تملكها الدولة، وذلك لأن التعاملات المالية للشركات المملوكة للهيئات العسكرية، والتي تنتج في الأساس سلعًا مدنية، محجوبة تمامًا عن الرأي العام، ما يجعلها بيئة خصبة للفساد.

بحسب التسريب، فإن اللواء فاروق القاضي قد ذكر تعمده وضع أسماء ضباط ومسؤولين كبار في العقود والصفقات التي يبرمها، رغم أن هذا التصرف لا قيمة قانونية له، وذلك بهدف “إرهاب” المعترضين عليها، موضحًا أنه شريك في مكتب محاماة واستشارات قانونية.

بالإضافة إلى أن التسريب أشار إلى سرقة ١٦٠ قطعة أثرية من قبل ضباط في أعمال الحفر وبناء منتزه في مدينة الإسكندرية الساحلية شمال البلاد.

كما أن اللواء أكد في حديثه إلى ميرفت، أنه في حال انتقالها إلى العاصمة الإدارية الجديدة سيتم منحها فيلا سكنية قيمتها ٦ ملايين جنيه (٣٨٢ ألف دولار)، بينما ستقوم هي بدفع ٧٥٠ ألف جنيه (٤٧ ألف دولار) فقط على أقساط، وستقوم الدولة بدفع الباقي.

لقد أثار هذا التسريب جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تصدر وسما “#تسريب_مستشاري_السيسي”، و”#عبدالله_الشريف” قائمة الوسوم الأكثر تداولًا على موقع تويتر في مصر.

قال الحقوقي الإعلامي هيثم أبو خليل عبر “تويتر”: “ده مش تسريب! ده واقع بشع تحياه مصر منذ ٧٠ سنة، وبالدبابة لازم تخرس وتقتنع بالعافية إننا فقرا قوي، بينما مصر أغنى دولة في العالم، لأنها بتتنهب كل السنين دي ولسه بتعافر. بس خلاص الديون بتضرب في الرمق الأخير منها. ديون علشان يسرقوا كمان، واخد بالك”.

كما نشر مؤسس “تيار الأمة” المعارض محمود فتحي قائلًا “تخيل عدد الفاسدين في (تسريب مستشاري السيسي) من لصوص الجيش والشرطة: خير فاسدي الأرض، ما لفت انتباهي أن ميرفت الفاسدة تسأل اللواء الفاسد: هو محافظ الإسكندرية جيش ولا شرطة؛ يعني الاتنين فاهمين إن المحافظ الفاشل لازم يكون جيش أو شرطة!”.

أما أسامة رشدي، مساعد أول رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية، فقد رأى أن هذا التسريب “يكشف للغافلين حقيقة طبقة الفساد والنهب ووضاعة الحاشية الطفيلية التي أحاط بها المنقلب السيسي نفسه، وكيف تُدار مشروعات النظام التي ينفق عليها مليارات القروض التي باتت تُعجِز مصر وتكبِّلها لأجيال قادمة”، مضيفاً: “إنها عصابة استولت على السلطة وجعلت الوطن غنيمة”.

لقد أثار رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس الجدل مؤخرًا، وذلك حينما قال في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية يوم ٢٢ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠٢١، يقول فيه إنه لا يصح أن ينافس الجيش ومؤسسات الدولة الأخرى القطاع الخاص، وإن هذه المنظومة بها “ازدواجية”، وإن دور الجيش الاقتصادي “يشوّش” على دوره الدفاعي والأمني. لقد لفت ساويرس إلى أن “تدخل الحكومة في القطاع الخاص سيخلق منافسة غير متكافئة بين الشركات الخاصة والشركات التابعة للدولة أو الجيش”، موضحًا أنه انسحب من مناقصات تجارية عديدة بسبب مشاركة شركات تابعة للحكومة والجيش. تلك التصريحات أثارت غضبًا لدى الإعلاميين المؤيدين للنظام، والذين قاموا بحملة هجوم شرسة ضد الملياردير المصري الشهير.

لقد أصدر مركز كارنيغي تقرير سابق، يوضح فيه أن “الجزء الأكبر من القطاع الاقتصادي العسكري الرسمي لا يقع ضمن اختصاص هيئات التدقيق ومكافحة الفساد في مصر، منوهًا إلى أن “الأدلة السردية، والروايات الداخلية، وانكشاف الفضائح تشير إلى فساد نمطي وواسع النطاق، على الأقل داخل تلك الأجزاء من قطاع الدفاع المعنية بالمشتريات والتموين، وترخيص الأعمال من جميع الأنواع والمقاولات والخدمات العامة”. 

يشار أيضًا إلى أنه لا تتوفر بيانات من جهات رقابية رسمية في مصر بشأن حجم النشاط الاقتصادي للجيش المصري، غير أن السيسي قال في ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٦ إنه “يعادل نحو ٢٪ من حجم اقتصاد مصر”، وبذلك نفى السيسي ما يتردد، في تقارير إعلامية غربية، بشأن سيطرة الجيش على أكثر من ٥٠٪ من اقتصاد البلاد. لكن السيسي أصدر في عام ٢٠١٦، قانونًا يعفي الجيش من دفع الضرائب على السلع والمواد الخام اللازمة للعمل في مجال البناء. 

وفق الكثير من المراقبين، توسعت الشركات العسكرية بشكل غير مسبوق منذ استيلاء الجيش على مقاليد السلطة في صيف عام ٢٠١٣. فيما تنص المادة ٢٠٣ من الدستور المصري الحالي على أنه لا ينبغي وضع الميزانية العسكرية في ميزانية الدولة لإبقائها سرية، ويجب مناقشتها فقط في مجلس الدفاع الوطني الذي يتكون معظم أفراده من ضباط.