دعم بن زايد حلفاءه

اشتهر محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي للإمارات، بتزلفه لعدد من الطغاة في العالم العربي وذلك بهدف تكوين علاقات تحالف قوية معهم تمكنه من استغلالهم وتسخير مقدرات بلادهم لخدمة مشروعه الاستبدادي في المنطقة. 

بن زايد ile ilgili görsel sonucu

ففي السعودية، ساعد بن زايد الأمير السعودي محمد بن سلمان، ولي العهد الحالي في المملكة، في الإطاحة بسلفه محمد بن نايف من ولاية العهد، والسيطرة على مقاليد الحكم في المملكة. وذلك بعد أن قدَّم بن زايد الأميرَ السعودي الشاب إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته للرياض عام 2017، حيث أخذ الضوء الأخضر الأمريكي للقيام بانقلاب ناعم في المملكة، والتنكيل بكل المعارضين لتلك الخطوة.

وفي مصر، ساعد بن زايد، قائدَ الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي حتى قبل أن يقوم بانقلابه، وذلك عبر الدعم المالي السخي الذي قدمه إلى حركة تمرد، التي هيأت الأوضاع للانقلاب على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر والقضاء على أول تجربة حكم ديمقراطية في البلاد. وبعد الانقلاب كانت الإمارات في طليعة الداعمين للنظام المصري على المستوى الاقتصادي والدبلوماسي. 

السيسي ile ilgili görsel sonucu

حيث كانت أبو ظبي من أوائل المعترفين بالنظام الانقلابي، كما ساهمت في الترويج للسلطة الجديدة وغسل سمعتها عند الإدارة الأمريكية والحكومات الأوروبية. كما حولت بنوك أبو ظبي مئات الملايين من الدولارات إلى نظام السيسي لإنقاذه من الأزمة الاقتصادية التي تلت الانقلاب.

لكن في الحقيقة، فإن هذا الدعم الإماراتي لا يعكس وفاءً من بن زايد للأنظمة التي يدعمها، حيث تثبت مجريات الأمور على أرض الواقع أن النظام الإماراتي يقدم الدعم لحلفائه بإحدى يديه ليستغلهم ابتداءً، ثم يطعنهم في ظهورهم بيده الأخرى.

 

خيانة المملكة في اليمن..

ربما كان آخر ذلك هو التصريح الذي أطلقه وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، يوم أمس ا

لخميس، بأن بلاده أنهت تدخلها العسكري في اليمن منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وذلك بعد أن أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وقف دعم ما أسمتها بـ”الأعمال العدائية” في اليمن، على أن يشمل ذلك وقف صفقات بيع الأسلحة للأطراف المشاركة في الحرب اليمنية.

المملكة في اليمن ile ilgili görsel sonucu

فرغم أن الإمارات طرف رئيسي – بجانب السعودية- في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، إلا أنها تخلت عن السعودية فورًا بعد سويعات من القرار الأمريكي، تاركة المملكة وحدها تواجه مصيرها مع الإدارة الجديدة في البيت الأبيض.

مصالح إماراتية على حساب السعودية..

وحتى أثناء الحرب التي يشنها التحالف العربي ضد جماعة الحوثي المنقلبة في اليمن، اتخذت الإمارات نهجًا مغايرًا للنهج السعودي في مجريات المعارك. ففي حين كان جل الاستهداف السعودي موجهًا لجماعة الحوثي، كما هو الهدف الأساسي المعلن للتحالف منذ البداية، كان الاستهداف الإماراتي يطال قوات الحكومة اليمنية الشرعية نفسها.

التحالف العربي ضد جماعة الحوثي ile ilgili görsel sonucu

حيث دعمت الإمارات ما يسمى بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” في اليمن، ووجهت نيرانها إلى قوات الشرعية المدعومة سعوديًا، وبذلك مثَّل التوجه الإماراتي المغاير للتوجه السعودي على الساحة اليمنة معضلة مزمنة للرياض، حيث طال أمد الحرب ومعها زادت حدة الانتقادات التي توجهها الحكومات الغربية ومنظمات حقوق الإنسان للسعودية جراء الحرب اليمنية التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ كارثة إنسانية في العالم.

وبذلك يبدو واضحًا أن السعودية حملت أوزار الحرب في اليمن، والتي تمثلت في الانتقادات الدولية للحرب، والقصف المتكرر الذي يشنه الحوثي على الأراضي السعودية. بينما استغلت الإمارات المملكةَ لتدخل قواتها إلى اليمن تحت عباءة التحالف العربي، ثم تنقلب بعد ذلك على أهداف التحالف نفسها وتفرض أمرًا واقعًا جديدًا. وحتى الآن، يبدو أن معظم المكاسب من هذه الحرب قد جنتها الإمارات دون السعودية، بعد أن ثبتت – بشكل أو بآخر- أقدام المسلحين الانفصاليين في الجنوب.

العمل على تعطيش المصريين..

وعلى الساحة المصرية، مثَّلت الإمارات خنجرًا في خاصرة النظام المصري في أحد أهم القضايا المحورية بالنسبة للقاهرة، وهي مسألة سد النهضة الأثيوبي، الذي يهدد الشعب المصري بالعطش والجفاف. حيث تلعب الإمارات دورًا مشبوهًا – كعادتها- عبر دعمها للحكومة الأثيوبية برئاسة آبي أحمد.

ففي الوقت الذي كانت تبني فيه الحكومة الأثيوبية السد الكارثي على مصر، كشفت تقارير صحفية عن دور مشين للإمارات في بناءه. حيث أوردت التقارير أن أبو ظبي دعمت أديس أبابا بـ 3 مليارات دولار أسهمت في عمليات بناء السد، هذا فضلًا عن التعهد الإماراتي بتقديم حوالي ثلاثة مليارات دولار في شكل مساعدات واستثمارات إلى القيادة الأثيوبية، لدعمها في المشاريع القومية.

السيسي وبن زايد ile ilgili görsel sonucu

وفي الوقت الذي كانت تتمني فيه القاهرة أن تطيح أزمة إقليم تيغراي بحكومة آبي أحمد، أو على الأقل تزعزع من قوتها، كانت الإمارات تقدم كافة أشكال الدعم الممكنة للحكومة الأثيوبية. ففي أواخر العام الماضي، اتهمت جبهة تحرير شعب تيغراي، طائرات إماراتية مسيرة، قالت إنها انطلقت من قواعد إريترية، بقصف قواتها المتمردة على الحكومة المركزية في أديس أبابا، الأمر الذي ساعد آبي أحمد في الأزمة وقوَّى موقفه، وقاد إلى قصر مدة الحرب، التي اختل فيها الميزان العسكري والتكنولوجي لصالح الحكومة الأثيوبية بعد الدعم الإماراتي لها.

دحلان في أثيوبيا..

ومطلع العام الحالي، ظهر فجأة المستشار الأمني لمحمد بن زايد، الفلسطيني المثير للجدل محمد دحلان، بجوار آبي أحمد في زيارة لمنطقة داورو كويشا بمقاطعة كونتا في إقليم شعوب، جنوب غرب أثيوبيا. زيارة دحلان لأثيوبيا بدت وكأن هذا هو وقت حصاد ثمار الدعم الإماراتي العسكري والاقتصادي للحكومة الأثيوبية، وأكدت بالدليل أن الإمارات تستثمر في وجود القيادة الأثيوبية الحالية، التي تسعى إلى تعطيش المصريين، ووضع النظام المصري في أزمة غير مسبوقة.

دحلان في أثيوبيا ile ilgili görsel sonucu

ويبدو أن الإمارات ستستمر في نهجها المشبوه حتى مع حلفائها، إلى أن يتفطن هؤلاء الحلفاء لدورها التخريبي الذي لم ينج منه أحد، حتى هم أنفسهم.

اقرأ أيضاً: ماذا خلف اعلان بايدن إنهاء الدعم الأمريكي للهجوم السعودي في اليمن؟