ترجمة عن صحيفة الغارديان*

كما يقول السياسيون: ” الدبلوماسية هي فن جعل المستحيل ممكنًا”… إذا كان الأمر كذلك، فقد أثبت أحمد الشرع، الزعيم الفعلي لسوريا، أنه سيد الإقناع وعمليات التسوية. وعلى الرغم من إدراج فصيله الإسلامي، هيئة تحرير الشام، على القائمة السوداء كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، فقد استقبل السيد الشرع مسؤولي هذه الدول في دمشق وأجرى معهم محادثات “مثمرة” جعلت الولايات المتحدة تلغي مكافأة قدرها 10 ملايين دولار مقابل رأسه.

في إشارة على التغيير، تخلى عن الشرع عن اسمه الحربي، أبو محمد الجولاني، والزي العسكري، وسعى برجاله لإنقاذ سوريا من 54 عامًا من حكم الأسد.

تشير الزيارات إلى رغبة دولية في إعادة ضبط الأمور استجابة لديناميكيات القوة المتغيرة في سوريا، ولكن هل ستؤدي هذه الإجراءات والزيارات إلى اتخاذ تدابير ملموسة؟ الإجابة ليست واضحة.

من ناحية الشرع، أمامه تحديات كثيرة، إذ يعيش أكثر من 90% من السكان تحت خط الفقر. وقد غادر البلاد أكثر من 6 ملايين شخص، ولا يزال 7 ملايين نازح داخل حدودها، ويود السيد الشرع أن يتم شطب هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب، والاعتراف بحكومته المؤقتة، ورفع العقوبات التي فرضت خلال حكم بشار الأسد، حتى يتسنى إعادة بناء البلاد.

وفي المقابل، تريد القوى الخارجية المختلفة أشياء مختلفة، وتؤكد العديد من الدول على ضرورة احترام الأقليات وسيادة القانون، وبالطبع تشكيل حكومة شاملة. ومع ذلك، فإن بعض الجهات لديهم طلبات ذات مصلحة ذاتية، على سبيل المثال، ترغب روسيا في الاحتفاظ بقواعدها العسكرية في سوريا، وتريد الولايات المتحدة، التي اعترفت بوجود 2000 جندي في سوريا، صد النفوذ الإيراني ومحاربة تنظيم الدولة الإسلامية مع حلفائهم الأكراد. وتريد تركيا، التي تقول إنها سترفع القيود المفروضة على هيئة تحرير الشام، صد تلك الجماعات الكردية ومطالبها بالحكم الذاتي.

لو استقرت سوريا، لن تحقق فوائد محلية وحسب، بل سيستفيد العالم كله، عودة اللاجئين مثلًا ستخفف من ضغوط الهجرة على تركيا وأوروبا، لكن بالرغم من ذلك فإن الأمم المتحدة تحذر من أنه بدون التخطيط الدقيق والدعم الدولي، فإن مثل هذه التحركات تخاطر بإعادة الصراع في بلد مزقته الحرب.

في نهاية المطاف، يجب أن يكون هدف دمشق بناء السلام المستدام في دولة جميع فصائلها متحدون، وهذا يعني أن القوى الأجنبية يجب أن تتراجع – مثل إسرائيل، التي احتلت مؤخرًا بشكل غير قانوني أراضي سورية ذات سيادة.

يجب على منظمة هيئة تحرير الشام السنية أن تثبت أنها تركت ماضيها حقًا كجماعة مسلحة استبدادية وراءها، جنبًا إلى جنب مع الفصائل الأخرى، والتخلي عن أي ملامح تشدد مع أي فئة من المجتمع، في حين يخشى بعض السوريين أن تتجه الإدارة الجديدة نحو الحكم الديني والطائفي المتشدد، مما يؤدي إلى تهميش المرأة عن الحياة العامة، لكن من ناحيته، يعمل السيد الشرع جاهدًا على تهدئة هذه المخاوف، حيث يلتقي بممثلي الأقليات ويتعهد بإعادة بناء الدولة التي مزقتها حرب استمرت قرابة عقد ونصف.

في الواقع، هناك سبب قوي يبرر دعوته إلى إعادة النظر فيما إذا كان من المناسب أن يحكم الانتقال السياسي في سوريا قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعام 2015، ومع ذلك، ينبغي له أن يعهد بصياغة الدستور إلى جمعية منتخبة أو جمعية تضم التنوع السوري، وليس لجنة مختارة من الحلفاء ذوي التفكير المماثل، فإنه إذا رجح الخيار الأخير، يخاطر بإنتاج دستور لا يحظى باحترام السوريين أكثر مما حظي به دستور نظام الأسد البائد.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

*هذا المقال ترجمة عن آراء الكتاب في صحيفة الغارديان وليس بالضرورة رأى الموقع