كشف رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، السفير محمد العمادي، عن حجم الأرباح المالية الخيالية التي تُحصلها مصر من جراء الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة واستمرار الانقسام بين حركتي “فتح” و”حماس”.
العمادي أكد في تصريحات لقناة “الجزيرة” باللغة الإنجليزية، الثلاثاء (10 سبتمبر)، أن غزة تستورد منتجات بمبالغ تصل إلى 45 مليون دولار شهرياً من مصر، وأن المخابرات المصرية تحصل على 15 مليون دولار منها كعمولة، إضافة لأموال تتحصل عليها حكومة “حماس” التي تدير شأن القطاع بعد تخلي حكومة الضفة الغربية عنه.
وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني في غزة هو الضحية الحقيقية لـ”الحصار الإسرائيلي – المصري”، والتفتت السياسي الفلسطيني الداخلي، وقال: “في الوقت الذي يقول فيه المصريون علناً بأنهم يحاولون تسهيل المصالحة الفلسطينية، هم يستفيدون مالياً من الانقسامات والحصار”.
تصريحات العمادي التي تُكشف لأول مرة أمام الفلسطينيين أثارت معها ردود فعل غاضبة واتهامات للقاهرة التي تتوسط بملفي “المصالحة والتهدئة”، بالاضطلاع بدور رئيسي في استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، وتعميق الانقسام للحصول على ملايين الدولارات من جراء هذه الأزمات.
مصر تخنق غزة
الأب مانويل مسلم، راعي كنيسة اللاتين في غزة سابقاً، أكد أن التصريحات التي صدرت عن السفير العمادي حول استفادة مصر من أموال الحصار المفروض على القطاع تكشف حقيقة التآمر العربي، وعلى وجه الخصوص المصري، على سكان قطاع غزة.
وفي تصريحات خاصة لـ”الخليج أونلاين” قال مسلم: “أخذ الأموال كعمولة مقابل إدخال البضائع واللوازم الأساسية لسكان قطاع غزة الذين يتعرضون لحصار مشدد منذ أكثر من 12 عاماً، أوضح لنا مدى هذا التغير العربي الذي بات يخدم إسرائيل ومصالح أمريكا فقط”.
وأشار إلى أن قطاع غزة يجب على كل الدول العربية أن تدفع الأموال له، وتقدم كل العون والمساعدة لأهله، لما يعانونه من صعوبات وعذاب تحت الاحتلال الإسرائيلي، وما يشكلونه من حلقة أولى في الدفاع عن الكرامة العربية والإسلامية.
واعتبر الأب مسلم أن ضلوع المخابرات المصرية، بل ودول عربية أخرى، بتضييق الخناق على سكان القطاع، ودعم مخططات إطالة عمر الحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي، “ما هو إلا تنفيذ لأوامر أمريكية وإسرائيلية لتضييع القضية الفلسطينية ومحاصرة مقاومتها داخل غزة وخارجها”.
وذكر لـ”الخليج أونلاين” أن النظام المصري الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي يعامل سكان قطاع غزة كأنهم “غرباء”، ويفرض عليهم القوة المفرطة، من خلال الأموال والمعابر والبضائع، معتبراً ما يجري لقطاع غزة من قبل نظام السيسي “إهانة لمصر وشعبها، قبل أن يكون إهانة لغزة وسكانها”.
دور قطري داعم
الجدير ذكره أن قطر تنفق حالياً قرابة 30 مليون دولار شهرياً في غزة، تدفع 10 ملايين دولار لشراء الوقود لتوليد الكهرباء، وتدفع 100 دولار لـ100 ألف عائلة فقيرة في غزة، ويذهب الباقي لتمويل المشاريع الاقتصادية الصغيرة، بحسب ما صرح به العمادي في حواره.
وطالما حظي الدور القطري في تقديم المساعدات لقطاع غزة برضا وقبول الفصائل والمواطنين، وقبل أيام نفى مكتب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية، قراراً قطرياً بتخفيض نسبة الوقود المقدم إلى قطاع غزة، شاكراً دولة قطر وأميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على “مواقفهم الأصيلة ودعمهم المتواصل لصمود شعبنا الفلسطيني”.
ولم تكن المساعدات التي قدمتها قطر مؤخراً هي الأولى، بل كانت واحدة من سلسلة مساعدات مستمرة، من بينها توجيه أمير قطر، في الـ7 من مايو الماضي، بتخصيص 480 مليون دولار للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
مكاسب على ظهر المحاصرين
“ما كشفه السفير العمادي خطير ومقلق، ويعكس فعلياً مدى حرص النظام المصري، متمثلاً بجيشه وأجهزة مخابراته المختلفة، على تشديد الحصار على قطاع غزة، من خلال إطالة عمر الانقسام وإفشال جهود رفع الحصار الإسرائيلي”، يقول النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشة، في تعقيبه على تصريحات السفير القطري.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين”: “طالما كان لمصر دور مشبوه وغير طبيعي في الساحة الفلسطينية الداخلية، وكانت محل شك في الملفات التي تتوسط بها، وعلى رأسها المصالحة بين “فتح” و”حماس”، وتحقيق التهدئة الشاملة في قطاع غزة، وما يكشف عن حصول مخابرات مصر على أموال كعمولة لإدخال المساعدات للغزيين يعد تجاوزاً يعكس حقيقة هذا النظام في تعامله مع الفلسطينيين”.
خريشة لفت إلى وجود أطراف عربية ودولية، على رأسهم مصر، مستفيدة مالياً وسياسياً من تشديد الخناق على قطاع غزة، وهي بخطوة الحصار تريد أن يكون لها نصيب في كل البضائع التي تدخل القطاع، إضافة لشراء تلك البضائع من سوقها، لذلك تكون المستفيد الأول على حساب ويلات ومعاناة أهل غزة.
واعتبر أن هناك معادلة حديثة بدأت تسير عليها الدول العربية؛ وهي أن “كل من يخنق غزة أكثر ويشل اقتصادها ويفاقم معاناة سكانها إنسانياً واجتماعياً واقتصادياً، ويحاصر المقاومة، ويلاحق رموزها، سيكون مقرباً أكثر من “إسرائيل” ويحظى بالرضا الأمريكي”.
وختم تصريحاته لـ”الخليج أونلاين” بالقول إن مصر تريد أن يستمر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، “لذلك تجد تحركاتها وجهودها في إنهاء هذا الملف خجولة وضعيفة للغاية، لتكون أكبر الرابحين سياسياً واقتصادياً من معاناة الغزيين التي يعيشونها منذ سنوات بسبب الدول العربية وأمريكا وإسرائيل”.
وكان مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في قطاع غزّة، ماتياس شمالي، أكد في حوار سابق لـ”الخليج أونلاين”، أن مساعدات دولة قطر المالية لميزانية البرامج في المنظمة الدولية ساعدت في استمرار تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، وسد جزء من العجز المالي لها.
ومنذ سنوات طويلة تسهم قطر، من خلال مساعداتها المالية في تخفيف وطأة المعاناة المريرة التي يعيشها سكان الشريط الساحلي؛ بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أكثر من 12 عاماً، والذي تسبّب في رفع معدّل البطالة بين الخريجين، وزيادة معدّل الفقر، وعدم حصول الموظفين على رواتبهم كاملةً، بسبب الانقسام السياسي.
الحمد لله ان العمادي أدرك متأخرا ما ادركناه فى غزة مبكرا ولكن ان تأتي متأخرا خير من أن الا تأتي