نشرت صحيفة “لاكروا” الفرنسية مقالًا عن حرب اليمن، وتحديدا معركة مأرب المدينة الاستراتيجية في غرب البلاد التي يحاصرها الحوثيون.
وقالت الصحيفة سيطر الحوثيون على كل غرب اليمن تقريبًا على مدار السنوات السبع الماضية، مستمرون في التقدم، حيث اشتد القتال في مأرب منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، مما أسفر عن مقتل حوالي 500 شخص من الجانبين.
وأشارت إلى أنه للوصول إلى مأرب من شرق اليمن، عليك عبور حوالي 40 نقطة تفتيش حكومية، فالطريق الصحراوي الذي يربط آخر معقلها في الشمال ببقية المحافظات التي لا يحتلها المتمردون ثمين، فهو يسمح بتزويد هذه المدينة المحاصرة بالمعدات العسكرية والمواد الغذائية منذ ست سنوات.
ونوهت بأن مأرب تحاط من الشمال والغرب ومن الجنوب بشكل متزايد، فهذه المدينة، التي أهملها النظام القديم ذات يوم، ازدهرت بشكل ملحوظ منذ تدفق ربع النازحين في البلاد الفارين من نيران الحوثيين وقوات التحالف بقيادة السعودية.
وذكرت أن عدد سكانها أصبح سبعة أضعاف، من 410.000 إلى 2.8 مليون، مما أدى إلى تعزيز الاقتصاد المحلي، وأصبحت مأرب مدينة جذابة رغم المعارك المحيطة بها، وتمتد آلاف المساكن غير الرسمية، المصنوعة من كتل خرسانية والتي تم تشييدها على عجل، على مد البصر، وتحيط بها جبال جافة بأحجار سوداء حادة.
منذ بداية العام، كان القتال عنيفًا للغاية، فسلطان العرادة، محافظ المدينة الذي أصيب منزله مؤخرًا بصاروخ حوثي، يعيش في فندق بالوسط، يحرس غرفته الفخمة جنود مجهزون بسماعات الرأس ومسلحون ببنادق الكلاشينكوف، ويقول هذا الرجل ذو البنية الضخمة “لسوء الحظ، نحن نواجه حربًا متعطشة للدماء”.
ووفقاً لليومية الفرنسية، العاصمة السابقة لمملكة سبأ ذات أهمية استراتيجية، فجغرافيا، تربط الشمال بالجنوب وتنفتح على بقية البلاد شرقًا، كما تضم حقولًا نفطية ومصفاة وأكبر محطة كهرباء في البلاد واحتياطيات كبيرة من المياه يخزنها السد التاريخي.
مأرب جعلتها الحرب إلى ما هو أبعد من وضعها كمدينة منبوذة كان يُنظر إلى قبائلها على أنها أعداء محتملون للرئيس السابق علي عبد الله صالح، في حالة الطوارئ، أنشأت الحكومة اليمنية عدة إدارات بوزارة الدفاع هناك منذ عام 2015، كما أنشأ التحالف الذي تقوده السعودية قاعدته الرئيسية بهذه المدينة.
وبعكس الشائع في اليمن، وفقًا للمحافظ الحالي منذ عام 2012، بدون القبائل ستسقط مأرب، لأن المدينة تعتمد بالفعل على القبائل والفروع السياسية للجيش الوطني ودول الخليج، الذين يقاتلون معًا دون صراعات داخلية.
ويضيف سلطان العرادة “لهذا السبب يريد الحوثيون أخذ مأرب رمز المقاومة، هنا سمعنا جميعًا قصصًا عن النازحين، نحن نحارب حتى لا يحدث هذا لنا”.
أما في الشرق، بصحراء رغوان الشاسعة، كما في الجوبة بالجبال الحمراء الوعرة، تحاول قبائل بني شداد والجدعان ومراد وبني عبر وعبيدة احتواء عدوانية الحوثيين غير المعتادين على الجغرافيا المحلية، إذ أسفرت هجماتهم الأخيرة منذ أوائل سبتمبر/ أيلول عن مقتل أكثر من 500 شخص، وتتعلق مديرية الجوبة وحريب والعبدية في الجنوب.
ويؤكد المحافظ “أنا غير راضٍ عن الأسلحة التي قدمتها الحكومة، هذه ليست حربا عادلة، يسيطر الحوثيون، وهم ميليشيا، على قدرات دولة، بما في ذلك جميع الأسلحة الحكومية وتلك التي قدمها الأمريكيون أو فرنسا أو روسيا لمكافحة الإرهاب”.
وعلى الرغم من الضربات الصاروخية وطائرات الحوثي المسيرة على المدينة، فإن مأرب تعج بالنشاط، يوم الجمعة، وهو يوم عطلة في اليمن، تتدفق العائلات التي لديها أطفال إلى مدينة الملاهي، بالقرب من الفندق الذي يجلس فيه المحافظ.
فجيل الشاب يرتدون الملابس اليمنية التقليدية والخناجر عند خصورهم، فإغراء المقاومة ليس صدفة، ففي اليمن، الأطفال منخرطون بالفعل في خضم الحرب.
وتقول الصحيفة إنه منذ اندلاع الصراع في نهاية عام 2014، استخدم المتمردون 35 ألف طفل، وفقًا للحكومة المركزية اليمنية، بما في ذلك قرابة 4000 طفل دون سن 11 عامًا.
وفي الوقت الحالي، يُقال إن أكثر من 6700 منتشر على الخطوط الأمامية على الجبهات الأكثر عنفًا، ففي معارك عدن عام 2015، أو في مأرب اليوم، أصبح الأطفال جنود في الخطوط الأمامية، وسائقي المركبات العسكرية والقناصة.
ويشن تحالف بقيادة السعودية غارات جوية على أهداف للحوثيين بهدف إعادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لسدة الحكم، منذ 26 مارس / أذار 2015، وبسبب هذه الحرب هناك 12 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وفقا للمنظمات غير الحكومية المحلية.
وإضافة إلى عشرات آلاف القتلى دفعت الحرب نحو 80 في المئة من السكّان للاعتماد على الإغاثة وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة، وتركَت بلداً بأسره على شفا المجاعة.
أما بالنسبة لتأثير الحرب على العملية لتعليمية، فتقول منظمة الأمومة والطفولة يونيسف إنّ ” ثلثي المعلمين في اليمن – أي أكثر من 170 ألف معلم – لم يتقاضوا رواتبهم بصفة منتظمة منذ أكثر من أربع سنوات بسبب النزاع والانقسامات الجغرافية والسياسية في البلاد”.
ويعرّض هذا الأمر “حوالي أربعة ملايين طفل آخر لخطر تعطل العملية التعليمية أو الانقطاع عن الدراسة بسبب توقف المدرسين الذين لا يتقاضون رواتبهم عن التدريس بغرض البحث عن طرق أخرى لإعالة أسرهم”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا