سلطت صحيفة “لا كروا” الفرنسية الضوء على دور باريس في جرائم الحرب التي ترتكبها الإمارات في اليمن، مشيرة إلى أن التحالف بين باريس وأبو ظبي يفاقم الصراعات والأزمات الناتجة كعدم الاستقرار السياسي، وأزمة اللاجئين. 

وقالت الصحيفة في الثالث من ديسمبر/ كانون أول 2021، أنهى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صفقة بيع 80 طائرة مقاتلة من طراز رافال مع الإمارات، بينما أكد تقرير صادر عن الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومرصد التسلح، دور الأسلحة الفرنسية في الانتهاكات التي ترتكبها هذه الدولة الخليجية في اليمن.

وذكرت بتصريح وزيرة القوات المسلحة فلورنس بارلي بهذه الصفقة مع الإمارات التي شملت بيع 12 طائرة هليكوبتر عسكرية من طراز كراكال و80 طائرة مقاتلة من طراز رافال خلال جولة ماكرون في شبه الجزيرة العربية، حيث قالت إنها شراكة استراتيجية أقوى من أي وقت مضى”.

وأوضحت أن الإمارات تدخلت منذ عام 2015 إلى جانب السعودية في الصراع اليمني، حيث أودت هذه الحرب بحياة أكثر من 377 ألف شخص.

وفي 3 سبتمبر/ أيلول 2019، دعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي للتنديد بجرائم حرب اليمن ودعت الدول إلى الامتناع عن توفير الأسلحة التي يمكن استخدامها في هذا الصراع.

وأشارت اليومية الفرنسية إلى أنه على الرغم من سحب الإمارات قواتها من اليمن منذ فبراير/ شباط 2020 لكنها ما زالت تتدخل بشكل غير مباشر من خلال التمويل والمرتزقة.

وتساءلت هل يمكن إذًا اعتبار فرنسا شريكة في الجرائم المرتكبة باليمن؟، مبينة أن هذا هو السؤال تحاول الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان(FIDH)  ومرصد التسلح الإجابة عليه، من خلال تقرير أصدرته الفدرالية والمرصد بعنوان “مبيعات السلاح: هل فرنسا والإمارات شريكتان في جرائم اليمن؟”.

ونوهت بأن التقرير الذي نُشر في 14 ديسمبر/ كانون أول الجاري، يسلط الضوء على كيفية استمرار باريس في تجهيز النظام الإماراتي عسكريًا، رغم اتهامه مرارًا بانتهاك القانون الدولي.

المشاركة المباشرة وغير المباشرة

وأكدت “لاكروا” أنه على مدى السنوات العشر الماضية، أصبحت هذه الدولة الخليجية خامس أكبر عميل لفرنسا من حيث استيراد الأسلحة، رغم أن الأخيرة التزمت في إطار معاهدة تجارة الأسلحة التابعة للأمم المتحدة، بحظر أي بيع أو تصدير للأسلحة عندما تكون على علم باستخدامها في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وبالإضافة إلى البيع المباشر للمعدات العسكرية، استفادت صناعة الدفاع الإماراتية من عمليات نقل التكنولوجيا الفرنسية، فبحسب التقرير: “بين عامي2014  و2019، تولى الفرنسي لوك فيجنيرون، الرئيس السابق لشركة تاليس أكبر شركة أوروبية لإلكترونيات الدفاع، رئاسة شركة الإمارات للصناعات العسكرية، أكبر مجموعة صناعية دفاعية في البلاد، مما يشير إلى إمكانية نقله تكنولوجيا تاليس إلى الإمارات مقابل مبيعات الأسلحة”.

وبالنسبة لتوني فورتين، الباحث في مرصد التسلح، فإن عمليات نقل التكنولوجيا هذه قد مكنت الإمارات من أن تصبح مستقلة في تصنيع الأسلحة، لقد ساعدها ذلك في التحضير للحرب باليمن”.

كما يكشف التقرير أن المواد التي أنتجتها الشركات الفرنسية المشتركة المتمركزة في الخارج، ينتهي بها المطاف إلى مسرح الحرب في اليمن.

فمن خلال Thales Advanced Systems ، وهي مشروع مشترك مع C4AS ، وهي شركة تابعة لشركة الإمارات للاستثمارات المتقدمة، تتولى تاليس تركيب أنظمة الاتصالات للقوات الجوية الإماراتية وترقيتها على سبيل المثال.

 

نموذج مختلف

وتقول الصحيفة إن الإمارات ليست الزبون الوحيد لفرنسا، ثالث أكبر مصدر للأسلحة في العالم، إذ تجد باريس نفسها منخرطة في مسارح نزاعات أخرى كـ(ليبيا) على سبيل المثال، كما أنه لديها العديد من اتفاقيات التعاون العسكري مع الأنظمة الاستبدادية، مثل مصر، فوفقا لتوني فورتين “النفوذ الدولي لفرنسا يمر عبر المؤسسة العسكرية”.

وتبين أنه ورغم الاتهامات التي تستهدف عدة دول خليجية، فإن فرنسا تحافظ على شراكتها التجارية مع الإمارات، لا سيما بسبب “الاعتماد على الهيدروكربونات”. إضافة إلى ذلك، فإن “فرنسا لم تعد تملك وسائل سياسة النفوذ في المنطقة وحدها: إنها تنفذ هذه السياسة مع الإمارات”. 

وبمعنى آخر، تتابع “لا كروا”، تقدم الإمارات التمويل، وفرنسا شبكتها الدبلوماسية وشركات الأسلحة التابعة لها، “إنه نوع من الاعتماد المتبادل” يضيف الباحث في مرصد التسلح.

ويوضح توني فورتين أن هذا التحالف يفاقم الصراعات والأزمات الناتجة عنها: عدم الاستقرار السياسي، أزمة اللاجئين، فهذا نموذج يدفعنا للتساؤل، لأنه لم يعد قابلاً للاستمرار. 

ووفقا له، يمكن للحكومة الفرنسية تمويل حل النزاعات وأيضا منعها، فبدلاً من الجيش، يمكن للبلاد أن تختار أشكالاً أخرى من التواصل مثل التعليم أو الدبلوماسية”.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا