يتسارع قطار التطبيع الإماراتي مع إسرائيل يوما بعد يوم عبر وسائل عديدة علنية وغير علنية، وكان آخر هذه الخطوات التطبيعية التي تعكس دفء العلاقات وحميميتها  هي مشاركة وزير الدولة للشئون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش في مؤتمر نظمته منظمة يهودية أمريكية لدعم قضايا اليهود، بالتزامن مع نشر صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية مقالا ليوسف العتيبة سفير الإمارات في واشنطن تحدث فيه عن التطبيع مع إسرائيل وحذر من مخطط الضم وتأثيره على التطبيع.

الطيران .. بوابة التطبيع

وكانت طائرة شحن تابعة لشركة “الاتحاد للطيران”، هبطت الثلاثاء الماضي، في مطار بن غوريون الدولي الاسرائيلي حاملة معدات إنسانية وتجهيزات وقائية لوباء كورونا للسلطة الفلسطينية وقطاع غزة، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.

وشقت الطائرة، وهي من طراز “دريملاينر 787-9″، طريقها على مدار أربع ساعات عبر الكويت والعراق وتركيا.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان لها: “هبطت في إسرائيل طائرة تابعة لشركة طيران الاتحاد في رحلة مباشرة من أبو ظبي وهي تحمل الشعار الرسمي للخطوط الإماراتية، وعلى متنها أجهزة تنفس اصطناعي للفلسطينيين لمواجهة كورونا. تمت الرحلة بالتنسيق مع إسرائيل والأمم المتحدة”. مضيفة: “نأمل أن تحمل الرحلات القادمة سياحا من الإمارات إلى إسرائيل”.

وليست هذه هي المرة الأولي التي تهبط فيها طائرة إماراتية في مطار إسرائيلي، ففي الشهر الماضي أرسلت شركة الطيران الإماراتية طائرة شحن خاصة للفلسطينيين جاءت عن طريق مطار بن غوريون أيضاً، وكانت أول طائرة إماراتية تهبط في إسرائيل، لكن شعارات الشركة دهنت باللون الأبيض ولم يظهر اسم الشركة وعلم أبو ظبي بهدف عدم لفت الأنظار إليها.

وبعد تفريغ الحمولة في إسرائيل، رفضت السلطة الفلسطينية استلام الشحنة، وقالت إنه لم يتم التنسيق معها مسبقا، وبذلك فإن غالبية هذه المعدات تم نقلها إلى قطاع غزة.

وقالت الكاتبة الإسرائيلية تال شاليف إن “هبوط طائرة تابعة لطيران شركة الاتحاد الإماراتية الرسمية لأول مرة في إسرائيل، يعتبر مؤشرا على دفء العلاقات القائمة بين تل أبيب وأبوظبي”. وأوضحت أن هذا التقدير يأتي رغم أن الطائرة كانت قادمة لتقديم المساعدة للفلسطينيين لمواجهة وباء كورونا.

إسرائيل .. فرصة!

وعلى مستوى التطبيع الإعلامي والسياسي، أفردت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية النصف العلوي من الصفحة الثانية لمقالٍ السفير الإماراتي لدى واشنطن يوسف العتيبة، الذي تربطه علاقات جيدة مع السفير الإسرائيلي في واشنطن، رون دريمير.

ووجه العتيبة في هذا المقال نصائحه إلي القيادة الإسرائيلية بأن يتمهلوا في إعلان خطة الضم المرتقبة لأجزاء من الضفة الغربية، حتى يعطوا فرصة أكبر لتسهيل التطبيع. 

وجاء المقال تحت عنوان: “إمّا الضم أو التطبيع”، استهله السفير بالقول: “حتى الفترة الأخيرة، تحدث قادة إسرائيليون بحماس عن التطبيع مع الإمارات العربية المتحدة ودول عربية إضافية. لكن هذه الأقوال تتناقض مع خطة الضم الإسرائيلية”.

واستعرض العتيبة ما أسماه جهود بلاده في مواجهة العنف – في إشارة منه إلي أعمال المقاومة الفلسطينية- قائلاً: “أبدت الإمارات العربية المتحدة على مدار سنوات تأييداً غير محدود للسلام في المنطقة. لقد ساهمنا في الجهود وتقليص النزاعات، وساعدنا في توفير المحفزات، الجزر بدلاً من العصي، وركزنا الجهد على الأمور التي يمكنها أن تساعد كل الأطراف. لقد عارضنا بشكل مثابر وناشط العنف، وشجبنا تحريض (حماس)، واستنكرنا الاستفزازات الإسرائيلية، وبقينا طيلة الوقت مؤيدين متحمسين للشعب الفلسطيني ومريدين لمبادرة السلام العربية”.

وذكر العتيبة أنه كان واحداً من بين ثلاثة سفراء عرب شاركوا وحضروا إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تفاصيل خطة “صفقة القرن“، مشيراً كذلك إلى أنه عمل مع إدارة الرئيس باراك أوباما على خطط لخطوات بانية للثقة، تعود بالفوائد الكبيرة على إسرائيل – على صورة علاقات مشتركة مع الدول العربية – مقابل حكم ذاتي موسع واستثمارات في فلسطين.

وقال السفير الإماراتي في مقالته إن “الضم سيقلب رأساً على عقب، بداية وقبل كل شيء، التطلعات الإسرائيلية لعلاقات أمنية واقتصادية وثقافية جيدة مع العالم العربي ومع الإمارات العربية المتحدة. إسرائيل والإمارات العربية المتحدة تملكان جيشين من أفضل الجيوش المدربة في المنطقة، مع مخاوف مشتركة في مجال الإرهاب والعدوان، وتربطهما علاقات طويلة ووثيقة مع الولايات المتحدة الأميركية”، لافتاً إلى أنه كان بمقدور الدولتين أن تخلقا تعاوناً أمنياً أكثر عمقاً وفعاليةً، باعتبارهما الدولتين اللتين تملكان اقتصاداً متطوراً ومتنوعاً”.

وأقرّ العتيبي في مقالته بأن الضم “سيزيد من تصلب وجهات النظر العربية ضد إسرائيل، في الوقت الذي تبادر فيه الإمارات إلى مشاريع للتبادل الثقافي وفهم أوسع لإسرائيل، فقد شجعت الإمارات العربية المتحدة الإسرائيليين على التفكير في الجانب الإيجابي لعلاقات أفضل أكثر انفتاحاً وتطبيعاً، وقمنا بشيء مماثل في أوساط المواطنين الإماراتيين ومع العرب عموماً، مثل دعوة إسرائيل للمشاركة في معرض إكسبو”، وفق قوله.

وفي إشادة واضحة بدولة الاحتلال ، قال العتيبي: “رغبتنا في الإمارات العربية المتحدة، وفي جزء كبير من العالم العربي أن نؤمن (نصدق) أن إسرائيل هي فرصة وليست عدواً”، مضيفاً: “نحن نواجه كثيراً من المخاطر المشتركة، ونرى القدرة الكبيرة المحتملة في علاقات أحسن. قرار إسرائيل بالضم سيكون مؤشراً إلى أنه يمكن أن نكون مخطئين في ما إذا كانت إسرائيل ترى الأمور بنفس الشكل”.

مؤتمر داعم للاحتلال

واستمرارا للسياق التطبيعي، كشف موقع منظمة اللجنة اليهودية الأمريكية “AJC” عن مشاركة وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، في المنتدى الافتراضي الداعم للاحتلال الإسرائيلي.

جاء هذا في في تغريدة نشرتها المنظمة اليهودية، على حسابها الرسمي في “تويتر”: “يشرفنا أن نرحب بوزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش في قمة AJC الافتراضية عام 2020”

وتابعت المنظمة التي تعنى بتعزيز وجود إسرائيل والشعب اليهود بأن قرقاش سيناقش خلال المؤتمر جهود الإمارات الرامية إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي والتعاون بين الطوائف في “حوار تاريخي مفتوح”.

وكشفت الصحيفة أن من بين المشاركين أيضا في المؤتمر الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، وزير العدل السعودي السابق محمد العيسى.

واعتبرت صحيفة “يسرائيل هيوم” الإسرائيلية أن قرقاش “يصنع التاريخ” بمشاركته في المؤتمر الذي يبدأ أعماله يوم الأحد القادم ويستمر حتى الخميس، مؤكدا أن وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس سيكون أيضا بين المشاركين.

وأشارت الصحيفة إلى أن المؤتمر يتناول قضايا مطروحة على الأجندة اليهودية، ومنها أمن الكيان الصهيوني والخطة الأمريكية المعروفة بصفقة القرن ودور اليهود في الانتخابات الأمريكية.

وتعد AJC التي أسست عام 1906 من أقدم المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة وتصف نفسها بأنها “مركز عالمي لتأييد اليهود وإسرائيل”، وتعمل المنظمة الأمريكية على مناصرة قضايا اليهود ودعم الاحتلال الإسرائيلي حول العالم، وتستمر الفعالية الإلكترونية لمدة خمسة أيام، من 14 إلى 18 من الشهر الجاري.