إبراهيم سمعان
رصد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الإسرائيلي “آفِي إيزاكاروف” في مقال له بمجلة “ذي أتلانتك” الأمريكية احتمالات وقوع حرب شاملة بين طهران وتل أبيب، موضحًا أنَّ أحداث الساعات الأولى من يوم الخميس الماضي- إطلاق صواريخ إيرانية من سوريا ثم الانتقام الإسرائيلي- لا تبشّر بالحرب بقدر ما تنذر بتفاقم الأعمال العدائية.

وأوضح الكاتب أنَّ الموقف يشبه مباراة بين ملاكمين من ذوي الوزن الثقيل، حيث لا يمكن لأي منهما أن يسجل ضربة قاضية، لافتًا إلى أنه لا يمكن لأحد التنبؤ بكيفية انتهاء المعركة.

ومضى يقول: “قد يوقف الحكم الروسي المباراة، أو ربما يدرك أحد الطرفين أنَّ الأضرار التي تكبدها ثقيلة للغاية، ولا يمكن تحملها”.

وأضاف: “في الوقت الراهن، على الأقل، المباراة مستمرة”، مشيرًا إلى أنّ إيران لا تزال مصممة على دمج سوريا في دائرة نفوذها، الممتدة من طهران إلى البحر الأبيض المتوسط، وفي الوقت نفسه، تؤكّد إسرائيل بوضوح تام أنها لن تتحمل وجودًا عسكريًا إيرانيًا في سوريا.

وتابع الكاتب الإسرائيلي “لسببين، من غير المحتمل أن تتصاعد اشتباكات يوم الخميس إلى حرب شاملة. أولًا، لأنّ إيران وإسرائيل لا تشتركان في حدود، فمن الصعب أن نرى كيف يمكن أن تتحول العمليات العدائية الحالية إلى مواجهة واسعة النطاق تنطوي على عمليات برية. ومن ناحية أخرى، إذا اختارت إيران إشراك حزب الله في لبنان، الذي يتقاسم حدودًا مع إسرائيل، ستبدو الأمور مختلفة تمامًا، خاصة إذا ما نظرنا إلى ترسانة صواريخ حزب الله الاستثنائية”.

وأردف “إيزاكاروف” قائلًا “هذا يقودنا إلى السبب الثاني في أنَّ الحرب غير محتملة: لا يوجد أي طرف يعتبر الصراع واسع النطاق بين إسرائيل وإيران ضمن مصالحه الاستراتيجية – لا إسرائيل ولا إيران نفسها، ولا الولايات المتحدة أو روسيا، أو حتى حزب الله أو سوريا”.

ومضى يقول: “قد يكون حزب الله على استعداد لإرسال مستشارين وجنود للقتال في سوريا إلى جانب الميليشيات الشيعية والحرس الثوري، لكنّه ليس في عجلة لتوريط لبنان في الصراع”.

وأوضح أنه من المشكوك فيه أنّ يكون لدى حزب الله الكثير من الاهتمام بإعادة تأدية دوره كرسول إيراني، وهو الدور الذي كان يصفه به كثيرون في لبنان خلال سنوات الحرب الأهلية في سوريا.

ومضى يقول “ماذا عن سوريا؟ بعد 7 سنوات من الحرب الأهلية، استعاد الرئيس بشار الأسد السيطرة على مساحات شاسعة من بلاده، وبالتالي لا مصلحة لسوريا في العمل كساحة قتال بين إيران وإسرائيل. وحتى مع ذلك، يحتاج الأسد، حتى الآن، إلى الوجود العسكري الإيراني من أجل ضمان بقائه”.

وأردف: “في هذه الأثناء، تعانِي إيران من صداع قوي مع اقتصادها، ومع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي”.

وأوضح أنّه لا توجد صلة بين الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي وبين التصعيد الإيراني الإسرائيلي، موضحًا أنّ الأحداث التي جرت في الأيام القليلة الماضية في طور التكوين، مع أو بدون الاتفاق النووي، بالنظر إلى أن إيران وإسرائيل غير متوافقين بشكل متبادل.

وتابع الكاتب “لا تبدو روسيا مؤيدة لتدهور مكان مثل سوريا، التي من المفترض أن تحقق أرباحًا اقتصادية لموسكو من خلال الاستثمارات في إعادة الإعمار”.

وواصل بقوله: “إذن، ما الذي تبقى بالنسبة لإيران والحرس الثوري؟ قد تتبنى إيران “نموذج اليمن”– الذي تدعم فيه للمتمردين الحوثيين الذين يطلقون الصواريخ كل بضعة أيام على عدو إيران الإقليمي الآخر، المملكة العربية السعودية- في المسرح السوري. وقد تسعى إيران لتحدّي إسرائيل من سوريا من خلال مساعدة الميليشيات الشيعية ومستشاري حزب الله على إنشاء خلايا يمكن أن تطلق صواريخ على إسرائيل دون أن تترك بصمات أصابع إيرانية”.

وأضاف: “بهذه الطريقة يمكن أن تتفادى طهران شنّ حرب كاملة، بينما تستنفد إسرائيل بقذائف قصيرة، ولكنها مؤلمة من شأنها الإضرار باقتصاد البلاد.

وأوضح “إيزاكاروف” أنه مع ذلك، هناك عقبات أمام هذا النهج، لافتًا إلى أنّ قدرات إسرائيل الاستخبارية الاستثنائية في سوريا أحبطت أكثر من مرة محاولات إيرانية لضرب مثل هذه الضربات.

وتابع: “لذلك قد يتم استبدال النموذج اليمني قريبًا بآخر، وهو النموذج الذي صادفه الإسرائيليون لأول مرة في عام 1992، عندما قامت عناصر من الحرس الثوري وحزب الله بهجوم إرهابي مدمر ضد السفارة الإسرائيلية في “بوينس آيرس” بالأرجنتين.

واختتم بقوله: “بعبارة أخرى، بدلًا من إطلاق الصواريخ، قد يحاول الإيرانيون وحزب الله استخدام تقنياتهم القديمة: العمليات الإرهابية الدولية. لا يتوافق نموذج اليمن ولا الأرجنتين مع تعاريف الحرب الكلاسيكية، لكن في كلتا الحالتين، من المرجح أننا فقط في الجولات المبكرة من مباراة طويلة وممتدة”.