العدسة – ربى الطاهر

“القهوة” ذلك المشروب الذي يجد فيه البعض متعته الصباحية… قد تتحول هذه المتعة إلى إدمان بالمعنى الحرفي للكلمة، وهذا الأمر حقيقة ثابتة قد يجهلها البعض، وقد يتجاهلها البعض الآخر.

ويعتقد الكثيرون من مدمني القهوة أن احتساءها المتكرر متعلق بالمزاج الشخصي ولا علاقة له بالإدمان، إلا أن الوقت كفيل بأن يثبت -عبر أعراض الإدمان التي ستظهر عليهم إذا توقفوا عن احتساء الجرعة اليومية التي اعتادوا على تناولها- بأنهم قد وقعوا فريسة في هذا الفخ.

وقد وصل الأمر ببعض عاشقي القهوة لأن يخصصوا لها يومًا عالميًّا، في 29 سبتمبر من كل عام، حيث يحتفل النشطاء ومحبو القهوة في هذا اليوم بها، ويتغزلون فيها وفي أنواعها وأجوائها وعاداتها، عبر مواقع التواصل العالمية.

والحديث عن مخاطر إدمان القهوة ليس حديثًا مجازيًّا، ولكنه حديث علمي وطبي؛ فقد أثبتت الدراسات أن الاعتدال في تناول القهوة بما لا يزيد عن 200 ملي جرام، أي مرة واحدة يوميًّا لا يسبب أية مشكلات صحية، ولكنه ينعش العقل ويعدل المزاج، وخصوصًا في الصباح، لما تحتويه القهوة من مادة الكافيين، فالقهوة العادية تحتوي على 95 – 200 ملي في الكوب، أما الاسبريسو فتحتوي 40 – 75 ملي جرام، والشاي الأسود يحتوي 14- 16 ملي في الكوب، وكذلك الشاي الأخضر يحتوي 24- 40 ملي في الكوب، بينما تبدأ مرحلة إدمان القهوة من تناول 500 ملي جرام، أي خمسة أكواب يوميًّا.

وبالطبع ليس لإدمان القهوة نفس خطر أو نفس السمعة السيئة لأنواع الإدمان الأخرى، ولكن في ذات الوقت، بدأت مؤسسات طبية تحذر من إدمان الكافيين؛ ففي جامعة جون هويكنز بواشنطن بدأ دمج العلاج من إدمان الكافيين في عيادات العلاج النفسي وأطلق عليه اسم اضطراب استخدام الكافيين، أو فشل التقليل من نسبة الكافيين.

وتؤكد الدراسات أن 30% ممن لديهم اضطرابات وأرق ومشكلات نفسية، يعانون من إدمان القهوة والكافيين، ويصعب عليهم التخلص منها.

وتشير هذه الدراسات إلى أن الكافيين يؤثر بشدة على مستقبلات النواقل العصبية ادينوسين في الدماغ مما يدفع إلى الحاجة الدائمة لتناول الكافيين، وفي حال خفض جرعات الكافيين المعتادة تزداد حساسية هذه النواقل، وتظهر أعراض الإدمان والحاجة لتناول جرعة الكافيين المعتادة.

سر الكافيين

“الكافيين” هو عنصر طبيعي موجود في القهوة والشاي والشوكولاتة، ويضاف للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، وهو منبه كيميائي طبيعي يسمى “زانثين”، وهو نوع من أنواع المخدر، حيث يعترف المجتمع الطبي بانسحاب الكافيين على أنه متلازمة طبية، ويتم استخدامه في إنتاج حبوب منع الحمل وبعض مسكنات الألم.

ويستعمل الكافيين كمادة محفزة لوظائف المخ مثل مواد أخرى سيئة السمعة، كالكوكايين والهيروين.

والكافيين هو مسحوق بلوري أبيض، طعمه مرٌّ جدًّا، ومن فوائده أنه منشط للقلب، مدر للبول، طارد للسوائل من الجسم، مُشعِر باليقظة المتزايدة، توفير الطاقة، ولكن يكمن الخطر في الإفراط في تناول القهوة، فقد أثبتت الدراسات أن تناول القهوة لأكثر من ثلاث مرات يوميًّا يدخلنا دون أن ندري في مرحلة إدمان القهوة، فقد أثبتت الأبحاث أن إدمان القهوة يمكن أن يتسبب في الوفاة، ولذلك ينصح المختصون بتناول فنجان واحد منها يوميًّا حرصًا على صحتك.

أعراض إدمان القهوة

عندما تصل لمرحلة إدمان القهوة، ستظهر عليك عدة علامات في حال توقفك عن تناولها، او في حال تناولتها بجرعة أقل مما تعودت عليه، وأهم هذه الأعراض: الصداع، الأرق، الرعشة، عدم القدرة على التركيز، المزاج السيئ، الغثيان، القيء، الشعور بالإرهاق، آلام العضلات، رشح الأنف، وفي حالات الإدمان الشديدة للقهوة تحدث تأثيرات نفسية وعصبية لتأثير الكافيين على النواقل العصبية الدوبامين والنورادربالين، مما يسبب التوتر العصبي، واضطراب النوم، والحركات العضلية اللاإرادية، وكثرة الكلام بما يشبه الهلوسة، ويرتبط ذلك بأمراض نفسية، كالقلق والاكتئاب والوسواس القهري والرهاب ونوبات الفزع.

وأكدت الدراسات الطبية أنه في حالات إدمان القهوة الشديدة، تظهر أعراض اضطراب الوعي والتوهم والهلوسة واضطراب نظام القلب، كما أفادت بأن تناول 10 أكواب من القهوة يوميًّا يمكن أن يؤدي إلى نوبات الصرع وفشل الجهاز التنفسي ثم الوفاة.

وينصح الأطباء مرضي القلب وضغط الدم الشرياني ومرضي الذهانيات ومتقلبي المزاج وأصحاب الانفعالات السريعة، بعدم احتساء القهوة، لأن فيها خطورة على حياتهم.

وأوضحت الأبحاث أن 50 – 75% من مدمني القهوة تظهر عليهم الأعراض الانسحابية أثناء علاجهم من إدمان الكافيين والقهوة، وتستمر الدورة العلاجية الواحدة لمدة 5 أسابيع، حيث يتم تقليل عدد أكواب القهوة المتناولة بشكل تدريجي مع متابعة يومية للمريض نفسه.

وأكدت الأبحاث الغذائية أن تناول القهوة في الصباح قبل الأكل يسبب الحموضة، وأن الإفراط في تناول الكافيين يمنع امتصاص الكالسيوم، ويسبب هشاشة العظام، ويرفع نسبة هرمون الأدرينالين، مما يسبب القلق والتوتر.

وقد أثبتت الدراسات أن القهوة ومشروبات الكافيين ليست سببًا للإصابة بالسرطان، بل على العكس، فهي تنتج مضادات للأكسدة التي، تحمي من مخاطر الإصابة بالسرطان كما أن مضادات الأكسدة لها فوائد صحية للقلب.

وأشارت الدراسات إلى أن أفضل أوقات تناول القهوة أو أي مشروب من مشروبات الكافيين هو الصباح، حيث تنخفض نسبة الكورتيزول.