اعترف البيت الأبيض الخميس للمرة الأولى بأن دونالد ترامب ربط منح مساعدات مقررة لأوكرانيا باعتبارات تتعلق بالسياسة الداخلية الأميركية، وقدم بذلك حججا جديدة للديمقراطيين الذين يسعون إلى عزل الرئيس.

واثار كبير موظفي البيت الأبيض ميك مالفاني مفاجأة بإطلاقه هذا الاعتراف في مؤتمر صحافي قبل انعقاد قمة مجموعة السبع.

وكان ترامب طلب في نهاية تموز/يوليو من نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إجراء تحقيق حول جو بايدن وأعمال ابنه هانتر بايدن في أوكرانيا. وكانت ادارة ترامب قد جمدت في الشهر نفسه مساعدة عسكرية بقيمة نحو 400 مليون دولار مخصصة لأوكرانيا.

ويشكل هذا القرار لب التحقيق الذي فتحه قبل ثلاثة أسابيع البرلمانيون الديمقراطيون في إطار سعيهم لعزل ترامب. وهم يريدون أن يحددوا ما اذا كان ترامب قد استغل منصبه لأغراض شخصية خصوصا عبر تجميد أموال لإجبار كييف على التعاون.

ويؤكد الملياردير الجمهوري أنه لم يمارس “اي ضغط” على الرئيس زيلينسكي وأن المساعدة تم تجميدها خلال فترة تقييم المساعدات التي يقدمها إلى أوكرانيا شركاؤها الغربيون الآخرون.

لكن للمرة الأولى اعترف البيت الأبيض الخميس بأن ترامب كانت لديه دوافع أخرى.

وقال مالفاني “هل ذكر لي الفساد المرتبط بالخادم المعلوماتي للحزب الديمقراطي؟ بالتأكيد. لا شك في ذلك، لهذا السبب جمدنا الأموال”.

وأضاف “نحن نقوم بهذا الأمر دائما في السياسة الخارجية”، مؤكدا أنه “عليكم تخطي ذلك، لا بد أن يكون هناك تأثير سياسي في السياسة الخارجية”.

– “من سيء إلى أسوأ” –

يشير مالفاني إلى فكرة ولدت في أوساط أصحاب نظرية المؤامرة ونقلها ترامب والمقربون منه، تفيد أن أوكرانيا هي التي قامت بقرصنة الرسائل الالكترونية للحزب الديمقراطي خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية التي جرت في 2016، وليس روسيا كما تؤكد وكالات الاستخبارات الأميركية.

وطرحت هذه الحجة للتشكيك بمصداقية التحقيق حول شبهات بتواطؤ بين فريق حملة المرشح الجمهوري وموسكو، الذي هيمن على أول سنتين من ولاية ترامب.

وقال ميك مالفاني إن “العودة إلى ما حدث في 2016 (…) كان ضروريا بالمطلق”، مؤكدا أن المساعدة دفعت لأوكرانيا في أيلول/سبتمبر في نهاية المطاف.

ورد الديمقراطي آدم شيف الذي يشرف على تحقيق الكونغرس حول ترامب بالقول إن “مالفاني قال للتو إن المساعدة العسكرية لأوكرانيا تم تعليقها لإجبار كييف على التحقيق حول الديموقراطيين”. واضاف أن “الأمور تسير من سيء إلى أسوأ”.

وفي مواجهة الجدل الذي أثارته تصريحاته، نشر مالفاني بعد ساعات بيانا أكد فيه أن وسائل الإعلام “شوهت تصريحاته” التي أدلى بها أمام كاميرات، في إطار “الحملة الشعواء” ضد دونالد ترامب.

– “خيبة أمل” –

على جبهة أخرى، كشف السفير الأميركي لدى الاتحاد الأوروبي غوردون سوندلاند أن دونالد ترامب فرض على الدبلوماسيين المكلفين الملف الأوكراني العمل مع محاميه الشخصي رودي جولياني الذي يدافع عنه بقوة.

ومع أنه معروف بقربه من ترامب، قال رجل الأعمال “شعرنا بخيبة أمل من أمر ترامب إشراك جولياني”.

وأضاف سوندلاند أن جولياني أوضح للدبلوماسيين بعد ذلك أن الرئيس ترامب كان يريد أن يدلي نظيره الأوكراني “بتصريحين علنيين حول الفساد” ويشير إلى “تحقيق في قضيتين مهمتين” هما “الخادم المعلوماتي الديموقراطي” ومجموعة الغاز “بوريسما” التي عمل فيها هانتر بايدن نجل جو بايدن.

وأكد السفير “لم أدرك سوى متأخرا أن أحد أهداف جولياني قد يكون (…) إقحام الأوكرانيين بشكل مباشر أو غير مباشر بالحملة لإعادة انتخاب الرئيس في 2020”.

وسوندلاند هو ثامن شخصية يستمع إليها البرلمانيون على الرغم من محاولات البيت الأبيض عرقلة تحقيق الديموقراطيين.

ويريد الديمقراطيون التقدم بسرعة لاتهام الرئيس وهو من صلاحية مجلس النواب الذي يسيطرون عليه.

وحسب الدستور، يعود الأمر بعد ذلك الى مجلس الشيوخ للبت في مسألة إقالة ترامب. ونظرا لهيمنة الجمهوريين على هذا المجلس، يبدو هذا الاحتمال غير مرجح في المرحلة الحالية.