في تقرير هو الأول من نوعه، أصدرت منظمة حقوقية رائدة في روسيا تقرير شامل عن الانتهاكات الروسية في الصراع المستمر منذ عقد من الزمان داخل سوريا، حيث كشف التقرير تورط روسيا في جرائم حرب هناك، كما أدان مشاركتها المباشرة في القصف العشوائي للمدنيين، فضلاً عن دعمها استخدام نظام الأسد للتعذيب كوسيلة لقمع المعارضين.
وكتب معدو التقرير: “لا تتحدث وسائل الإعلام الحكومية الروسية عن ضحايا القصف، ولا عن التهجير القسري للمدنيين الذي نتج جزئياً عن الأعمال العسكرية الروسية في سوريا”، ونتيجة لذلك، فإن “الجمهور الروسي ليس لديه المعرفة الكافية لاتخاذ الموقف المناسب تجاه ما يحدث في سوريا، ولا يعرف كم كلفتنا هذه الحرب، ولا مقدار المعاناة التي ألحقتها الحرب بالمدنيين في سوريا – الأشخاص الذين لم يحملوا السلاح مطلقاً”.
ويعد التقرير الصادر في 198 صفحة، والذي حمل عنوان “عقد مدمر: انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني في الحرب السورية”، هو أول تقرير عن الصراع من تأليف مجموعات حقوق الإنسان الروسية، ويتضمن مقابلات مع ناجين من الصراع في لبنان والأردن وتركيا وألمانيا وبلجيكا وهولندا وروسيا.
يقول التقرير: “بالتركيز على محنة هؤلاء المدنيين، نستنتج أن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق جميع الدول الأطراف في النزاع، وفي مقدمتها روسيا”.
اشترك في إصدار هذا التقرير بعض من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في روسيا، بما في ذلك مركز ميموريال لحقوق الإنسان، ورئيس لجنة المساعدة المدنية، سفيتلانا غانوشكينا، فضلاً عن أعضاء بارزين في لجنة “أمهات الجنود في سان بطرسبرغ” وحركة الشباب لحقوق الإنسان.
وبالرغم من أن التقرير تحدث بشيء من التفصيل عن الانتهاكات التي ارتكبتها جماعات المعارضة المسلحة موجهاً لها اتهامات بالقصف العشوائي لقوات التحالف الغربي، فإنه تمسك بانتقاده لسياسة موسكو في سوريا -وهي انتقادات نادرة-، حيث يتم تصوير الحرب إلى حد كبير على أنها حرباً ناجح ضد الجماعات الإرهابية بدعم من دول الغرب.
وأكد التقرير أن لروسيا نفوذ قوي على نظام الأسد، ما يجعلها تتحمل مسؤولية إثنائه عن الفظائع التي يرتكبها، حيث جاء في التقرير “بالنظر إلى الدور الرئيسي لروسيا في إبقاء نظام الأسد في السلطة، فإننا نحث الحكومة الروسية على استخدام نفوذها على السلطات السورية لإنهاء الاعتقالات التعسفية والتعذيب والمعاملة المهينة في السجون والقتل خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري”.
واشتمل التقرير على عدة تحقيقات في انتهاكات مختلفة قامت بها القوات الروسية، خاصة بعد نشر تقارير إخبارية عن قيام الطائرات الحربية الروسية باستهداف مستشفيات وبنى تحتية مدنية أخرى ما أدى إلى سقوط قتلى من المدنيين في سوريا.
في هذا الصدد يقول التقرير: “بناءً على مقابلاتنا ومراجعة الوثائق، تبين أنه كان هناك نمط واضح من الهجمات العشوائية والموجهة التي لا تتوافق مع وجود أهداف عسكرية(…) أكد العديد من الشهود أن المناطق السكنية، البعيدة عن أي أهداف عسكرية، كانت يتم استهدافها في معظم الحالات”.
ودعا التقرير روسيا والحكومات الغربية إلى إجراء تحقيقات كاملة تلك الوقائع.
ركزت أقسام أخرى من التقرير على استخدام الأسلحة غير القانونية، وانتشار الاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، وتفشي التعذيب، فضلاً عن المعاملة السيئة والتعسفية للاجئين السوريين في الخارج، كما في روسيا مثلاً حيث تم منح عدد قليل جداً منهم حق اللجوء منذ بدء النزاع “على الرغم من دور روسيا في تهجيرهم القسري”- كما جاء في الملخص التنفيذي للتقرير.
وبحسب مؤلفو التقرير، فإن عملية اعداده استغرقت عامين كاملين لجمع المواد بداخله، مشيرين أنه تم تجميعه بشكل أساسي لتقديم معلومات حول انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا إلى القراء الروس، وذلك -وفقاً للمؤلفين- لأن “لدينا شعور بأن المجتمع الروسي لا يتم إعلامه بشكل كافٍ بهذا الصراع الذي تلعب بلادنا دوراً رئيسياً فيه”.
وأضاف المؤلفون أنهم حرصوا على توثيق الانتهاكات الحقوقية المرتكبة من قبل جميع الأطراف، مع ذلك ركزوا بشكل خاص على تفصيل دور موسكو في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب التي تحدث في سوريا.
وكانت الجملة الأبرز في التقرير أنه “لسوء الحظ، فإن الغالبية العظمى من الذين تمت مقابلتهم لا يرون روسيا كمنقذ، ولكن كقوة أجنبية مدمرة ساعد تدخلها العسكري والسياسي في دعم مجرم الحرب الذي يقود بلادهم”.- في إشارة إلى بشار الأسد.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
شاهد أيضا: متى تدع روسيا و إيران الشعب السوري وشأنه؟فيديو
اضف تعليقا