يواجه مشروع “نيوم”، الذي تروج له الحكومة السعودية بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، تحديات جمة أبرزها تأخيرات في التنفيذ وتجاوزات كبيرة في التكاليف، مما أثار شكوكًا واسعة حول قدرته على تحقيق أهدافه الطموحة. 

فيما جاءت إقالة الرئيس التنفيذي للمشروع، ناظمي النصر، لتسلط الضوء على مشاكل القيادة والفساد المالي والتخبط الإداري الذي يعاني منه هذا المشروع الذي وعد بتحويل الصحراء إلى مدينة عالمية.

رغم أن الهدف من “نيوم” كان جعل المملكة العربية السعودية نموذجًا عالميًا للحداثة، تكشفت الحقائق تباعًا عن عجز الحكومة السعودية في تمويل المشروع كما هو مخطط له. 

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن المملكة، وعلى الرغم من امتلاكها لصندوق استثمارات هائل، لا تملك السيولة اللازمة لتمويل هذا المشروع بالكامل وبالتالي تتكشف أسباب إطاحة محمد بن سلمان لنظمي النصر. 

نزيف مالي وتغييرات إدارية متكررة

مع تنحية الرئيس التنفيذي، ظهرت إشارات واضحة على التخبط الإداري، حيث يتعرض الموظفون لضغوط هائلة وأسلوب إدارة صارم يُوصف بـ”القسوة” ولم يكن هذا الاستبدال الأول في مناصب المشروع العليا، حيث غادر مدراء آخرون بسبب سياسات العمل والضغوط النفسية العالية.

إن هذه التغييرات الإدارية المتكررة وتسليم زمام الأمور لصندوق الاستثمارات العامة لا تعكس إلا حجم الأزمة التي يعيشها مشروع نيوم، الذي بدأت قيادته تفقد بريقها أمام المعوقات المالية، مما أثار شكوكًا حول استمراريته وقدرته على تحقيق أهدافه البعيدة المدى.

منذ بداية المشروع، شابت عمليات التنفيذ انتهاكات واسعة لحقوق العمال، وخاصة العمالة الوافدة، التي وجدت نفسها في ظروف عمل صعبة للغاية تصل إلى ساعات طويلة تحت درجات حرارة مرتفعة، ما أسفر عن وفيات مأساوية لآلاف العمال. 

كما جاء الفيلم الوثائقي البريطاني “المملكة المكشوفة” ليسلط الضوء على هذه الظروف، حيث كشف عن حجم المأساة التي يعيشها العمال في “نيوم”. فقد أكدت التقارير وفاة ما يزيد عن 21 ألف عامل مهاجر، فيما تشير التقديرات إلى أن الآلاف الآخرين فقدوا حياتهم أو تم إجبارهم على العمل في ظروف قاسية دون مراعاة لحقوقهم الأساسية.

انتهاكات صارخة لحقوق العمال

لم تقف النتهاكات عند هذا الحد، فقد سبق لصحيفة “الجارديان” أن كشفت عن تهجير قسري لأهالي تبوك الذين عاشوا في المنطقة قبل بدء المشروع، تحت تهديدات القتل أو السجن. 

هذه الانتهاكات الصارخة أثارت ردود فعل قوية من المنظمات الحقوقية، كما دفعت بعض الشركات العالمية إلى إعادة النظر في دعم المشروع أو الانسحاب منه.

الخلاصة أنه مع تصاعد الانتقادات، أطلقت بعض وسائل الإعلام الدولية نداءات للشركات التي لم تنسحب بعد من المشروع، داعية إياها إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية، وعدم المشاركة في مشروع يروج له على أنه المستقبل، بينما يخفي وراءه قصصًا مأساوية تتعلق بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

اقرأ أيضًا : بن سلمان يحمي الأجواء الجوية الإسرائيلية بمساعدة مصر والأردن.. تعرف على التفاصيل