استبعدت السلطات المصرية عددا من دور النشر الإسلامية الشهيرة من المشاركة في الدورة رقم 51 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي فتح أبوابه للجمهور، الخميس.
وإلى جانب منع عدد من دور النشر، جرى كذلك منع عدد من الكتب الخاصة بمفكرين وشخصيات إسلامية شهيرة أبرزهم العلامة “يوسف القرضاوي”، والشيخ “محمد الغزالي”، ومؤسس جماعة الإخوان المسلمين “حسن البنا”، و”سيد قطب”.
واتخذ النظام المصري الحالي عدة إجراءات لمنع دور النشر الإسلامية، من المشاركة بالمعرض، منها فرض الحراسة على بعضها، وضمها لخزانة الدولة، مثل “دار التوزيع والنشر الإسلامية”، و”دار الدعوة” بدعوى أنهما مملوكتين للإخوان المسلمين.
كما تحفظ النظام على دور نشر أخرى مثل “دار سفير للنشر”، وإلقاء القبض على رئيس مجلس إدارتها، الأمين العام لحزب الوسط “محمد عبداللطيف”.
وعادة تنفي الهيئة العامة للكتاب أن تكون قد اتخذت قرارات بمنع كتب أو دور نشر.
وأعاد مسؤولون بمكتب رئيس الهيئة العامة للكتاب “هيثم الحاج علي”، الإشارة إلى تصريحات سابقة لرئيس الهيئة، أكد فيها أن شرطة المصنفات الفنية هي التي تحدد الدور المشاركة من عدمها وفقا لأحكام القضاء.
يقول “الحاج علي” في تلك التصريحات إن “هيئة الكتاب مؤسسة حكومية، والقانون يلزمها بالتواصل مع شرطة المصنّفات الفنية لتفعيل الأحكام القضائية المتعلقة بالمنع، ولأن هناك حكما قضائيا بمنع نشاط جماعة الإخوان، فإن منع الكتب الخاصة بسيد قطب والقرضاوي ومحمد الغزالي وحسن البنا، وغيرهم، يدخل في منع نشاط الإخوان”.
في المقابل، كشف أحد الناشرين المصرين الممنوعين من التواجد بالمعرض أنه قدم طلبا للهيئة العامة للكتاب في الدورتين السابقتين، للمشاركة، باعتباره ناشرا قديما وله الأولوية في التواجد، إلا أن مسؤولي الهيئة أخبروه برفض الجهات الأمنية طلبه، بحسب ما نقله “عربي 21”.
وأكد الناشر المصري، الذي طلب عدم ذكر اسمه “نتيجة الظروف الأمنية”، أنه لم يكرر التجربة هذا العام، بعد نصيحة من ناشرين آخرين، حتى لا تتعرض دار النشر التي يملكها للمصادرة أو التحفظ عليها.
ولفت الناشر المصري إلى أنه نتيجة غياب دور النشر الإسلامية، ومصادرة الكتب الخاصة بالشيخ “القرضاوي” و”حسن البنا” والشيخ “الغزالي” و”سيد سابق” وغيرهم، ومنع عرض كتبهم فقد احتلت الرواية المركز الأول في مبيعات المعرض خلال العامين الماضيين.
وتستخدم السلطات المصرية طريقتين لمنع كتب مشاهير الحركة والفكر الإسلامي، الأولي قبل عمل المعرض، حيث تقوم الهيئة العامة للكتاب، بمطالبة دور النشر بتقديم قائمة الكتب التي سيتم طرحها.
أما الطريقة الثانية فهي أثناء عمل المعرض، من خلال مرور أفراد من الشرطة، على دور النشر داخل صالات العرض، لمصادرة هذه الكتب، وفي بعض الأحيان يتم سحب ترخيص دار النشر من المعرض، وهو ما دفع أصحاب هذه الدور، لعدم عرض هذه النوعية من الكتب أصلا.
الرئيس الأسبق لدار الكتب والوثائق القومية، “خالد فهمي” اعتبر من جانبه أن المعرض بصورته الجديدة وتنظيمه الجديد، بمركز مصر للمعارض بالقاهرة الجديدة، (شرقي العاصمة) يمثل طفرة ونقلة نوعية، حيث ظهر بمظهر لائق عن الشكل القديم للمعرض، الذي كان يقام بأرض المعارض بمدينة نصر.
لكنه استدرك بأن المعرض في المقابل تحول لمجرد سوق كبير للكتب، بعد انحسار حقيقي للنشاطات الثقافية والعروض الفنية الأخرى، التي كانت موجودة بالمعرض قبل ذلك.
وذكر “فهمي” أنه بالإضافة لغياب النشاط الثقافي، فإن استمرار سياسات الإقصاء لعدد من دور النشر الإسلامية، ولعدد من المؤلفين، خضوعا للمواقف السياسية، يترجم الكارثة التي يعيشها المجتمع الثقافي بمصر، والذي أصبح مرهونا بالتوجهات السياسية للنظام الحاكم.
كما ذكر “فهمي” أن “بُعد المكان، وتراجع الخدمات التي يقدمها المعرض، قد فوت الفرصة، لاعتباره نزهة أسرية اعتادت عليها الأسر المصرية منذ عشرات السنوات”.
ووفقا للكاتب الصحفي بصحيفة الأهرام، “إسماعيل الفخراني”، فإن أهمية الكتاب تراجعت بشكل كبير في مصر، نتيجة المناخ العام، وهو ما كان له انعكاس على معرض الكتاب، والذي كان يُعد في السابق، ساحة متسعة لتبادل الآراء والأفكار من خلال نشر كتب جميع الفئات والاتجاهات.
واعتبر أن “الأزمة ليست في مجرد منع الكتب الإسلامية الفكرية، بمنع دور النشر، أو المؤلفات، وإنما في استبعادهم كذلك من الندوات والمناقشات الفكرية، التي كان لها إسهام كبير في نشر الفكر الإسلامي السني الوسطي أمام هجوم العلمانية، كما جرى في المناظرة الشهيرة بين المستشار المأمون الهضيبي، نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، والعالم الجليل محمد الغزالي، المفكر الكبير محمد عمارة، أمام فرج فودة عام 1992، حول الإسلام والعلمانية”.
اضف تعليقا