يبدو أن الإمارات مقبلة على صفقة لشراء طائرات “سوخوي 35” الروسية خلال الأشهر القليلة المقبلة، في إطار عمليات تحديث منظومة سلاح الجو الإماراتي.

وقال مساعد الرئيس الروسي لشئون التعاون التقني العسكري، فلاديمير كوجين، إن روسيا تأمل في توقيع عقد صفقة بيع مقاتلات “سوخوى 35” لدولة الإمارات العربية المتحدة، قبل نهاية العام الجاري.

وأضاف كوجين، أن الجانب الإماراتي يحدد حاليا موقفه بشأن عدد الطائرات ومواصفاتها.

الإعلان الروسي عن بيع طائرات “ٍسوخوي 35” للإمارات يدفع بالتساؤل حول الهدف من هذه الصفقة خلال هذا التوقيت، خاصة وأن اعتماد أبو ظبي الأكبر على الطائرات الأمريكية.

استعداد للشراء

وبدأت مفاوضات شراء طائرات “سوخوي 35” بين الإمارات وروسيا، تعود إلى العام 2015 خلال معرض دبي للطيران.

وذكرت وسائل إعلام روسية حينها، أن الإمارات وروسيا تجريان مفاوضات من أجل صفقة محتملة لطائرات سو 35 الحديثة.

ودخلت طائرات “سو 35” الخدمة في سلاح الجو الروسي في عام 2014، كأحدث منظومة طيران متواجدة في الجيش.

وتتفوق المقاتلة الروسية على كافة المقاتلات التكتيكية من جيل”4 “و”4+” مثل “رافال” و” EF 2000″ الأوروبيتين، والمقاتلات الأمريكية المطورة من طراز “أف – 15″ و”أف – 16″ و”أف – 18”.

وتشير التقارير حول مواصفات الطائرة (الطاقم – فرد واحد، وزن الطائرة لدى الإقلاع 34500 كلغ، السرعة  2125 كلم في الساعة، مدى العمل القتالي للطائرة 1500 كلم).

أما الأسلحة فلديها عدة أنظمة وهى: “صواريخ موجهة جو – جو وجو – أرض، وقنابل موجهة وغير موجهة، ومدفع عيار 30 مم، ورادار من طراز بارس – إر”.

سلاح رئيسي

ونظرا لقلة أعداد القوات في الجيش الإماراتي فإن الاهتمام الرئيسي لدى الحكومة الإماراتية في دعم القدرات القتالية لسلاح الطيران بكل قوة، لتعويض النقص في أعداد المقاتلين.

وتمتلك الإمارات مقاتلات حديثة أميركية وفرنسية وطائرات تدريب بريطانية وإيطالية، في محاولة لتعزيز قدراتها الجوية في ظل تصاعد التخوفات من إيران كقوة إقليمية كبيرة في المنطقة، وتمتلك أسلحة تقوم بتطويرها داخليا.

ولا تزال أزمة الجزر الإماراتية قائمة مع إيران، وهى (أبو موسى وطنب الكبرى والصغرى)، بما يعزز إمكانية الدخول في أي صدام.

وتحتاج الإمارات إلى تعزيز قدراتها لحماية الخليج وبحر عمان، وتحديدا مضيق هرمز، للحفاظ على مرور 18 مليون برميل من النفط يوميا.

كما تشارك الإمارات في حرب اليمن ضد الحوثيين، ومهمتها الأساسية هناك تعتمد على سلاح الطيران، إضافة إلى انتشار وحدات عسكرية على الأرض.

ولا يمكن إغفال الدعم العسكري الجوي من الإمارات إلى حليفها الرئيسي في ليبيا خليفة حفتر قائد القوات الموالية لمعسكر برلمان طبرق، خاصة مع كشف أمريكا لقصف مصري إماراتي لأهداف في ليبيا خلال فترة حكم الرئيس السباق باراك أوباما.

وتسعى الإمارات لتعزيز قدراتها في سلاح الجو لتحقيق مزيد من النفوذ والحماية لمصالحها وسياساتها في المنطقة العربية.

ودخلت الإمارات في خلافات كبيرة مع قطر جنبا إلى جنب مع السعودية ومصر والبحرين، وسط طرح إمكانية استخدام القوة في هذه الأزمة، وهو ما كشفه أمير الكويت صباح الأحمد الجابر خلال زيارته إلى أمريكا.

وليس بعيدا عن الأزمة القطرية، وجود خلافات بين أبو ظبي وتركيا، خاصة مع تلميحات الأخيرة بتورط حكام الإمارات في محاولة الانقلاب الفاشلة على الرئيس رجب طيب أردوغان، وإرسال قوات عسكرية إلى الدوحة بعد أزمة الحصار.

 

 

استثمارات التطوير

وبدا أن رغبة الإمارات في شراء طائرات “سو 35” لا يرتبط بأهداف عسكرية مباشرة، ولكن هناك هدف بعيد يتعلق بالرغبة في الاستثمار في الصناعات العسكرية.

هذه الرغبة سبقت حتى توقيع اتفاقات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملك سلمان بن عبد العزيز، خلال زيارة الأول إلى الرياض في القمة العربية الإسلامية الأمريكية، حيث تضمن الاتفاقات ضخ أموال للاستثمار في الصناعات الدفاعية.

وفي فبراير، وقت الإمارات وروسيا اتفاقا مبدئيا لشراء طائرات “سو 35″، الذي يتضم أيضا تطوير الجيل القادم من المقاتلات التي يمكن أن تجهز  خلال سبع أو ثماني سنوات، وفقا للتكتل الصناعي “روستيك”.

والنموذج الذي سيخضع للتطوير سيكون نوع جديد تماما يعتمد على تقنية عالية بمحركات حديثة، وإلكترونيات الطيران والأسلحة، حتى على الرغم من الاعتماد على نموذج “ميغ 29”.

ودفع الإمارات التي تتمتع بعلاقات قوية مع أمريكا وتستورد أغلب أسلحتها والمقاتلات منها، إلى الاعتماد على روسيا ربما لعدم موافقة واشنطن على مشاركة أبو ظبي في تطوير الصناعات الدفاعية.

العين على “إف 35”

وأمام موافقة أمريكا على بيع نحو 25 طائرة “إف 35” المتطورة والمعروفة باسم “الشبح” إلى إسرائيل، وحظر بيعها لدول الخليج، لجأت الإمارات إلى روسيا لشراء الطائرة التي تقابلها في الجيش الروسي وهى “سوخوي 35”.

وفي البداية رفضت أمريكا بيع أي من طائرات “إف 35” إسرائيل رغم الإلحاح في الطلب، إلا أنها وافقت في النهاية مع استمرار الرفض للبيع لدول الخليج.

ورغم إبداء الإمارات استعداها لشراء طائرات “سو 35” الروسية منذ 2015، إلا أنها لم تقدم على هذه الخطوة رغم مضي عامين تقريبا، بما يعزز فرضية أن تكون هى مناورة للضغط على أمريكا لشراء “إف 35” بدلا من ذهاب أموال الخليج لروسيا.

ولكن هذه الضغوط يقابلها تحفظ أمريكي شديد على بيع طائرات “الشبح” لأي دولة باستثناء إسرائيل، خاصة وأن أمريكا رفضت مشاركة الإمارات تطوير طائرات “إف 16” في ظل تخوفات من إمكانية دخول أبو ظبي إلى “شفرة البرمجة”.

ترتيبات سياسية

وعلى هامش سعي الإمارات لتطوير منظومتها من المقاتلات والسعي للاستثمار في التطوير العسكري، فإن هذه الصفقة المنتظرة قد يكون لها ترتيبات سياسية.

هذه الترتيبات ربما تتعلق بتحقيق تفاهمات على مستوى واسع بين البلدين خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن كفة موسكو تميل إلى قطر باعتبارهما أكبر منتجي الغاز الطبيعي.

وتسعى الإمارات إلى تحسين العلاقات مع روسيا، بعد أن أصبحت الأخيرة قوة فاعلة في المنطقة الشرق الأوسط من باب الأزمة السورية، وهو ما يستوجب على المسؤولين في أبوظبي الحفاظ على العلاقات متوازنة مع روسيا، حتى مع العلاقات القوية والاستراتيجية بأمريكا.