تصويت حاسم يترقبه السوريون الذين يعيشون في شمال غرب البلاد، في مناطق الثوار، حيث من المتوقع أن ترفض موسكو استمرار وصول المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة إلى هذه المنطقة، بينما ينتهي قرار مجلس الأمن في 10 يوليو / تموز الجاري.
وبحسب صحيفة “لوريان لو جور” الناطقة بالفرنسية، يمكن لموسكو في القريب العاجل بمجلس الأمن الدولي، أن تستخدم حق النقض (الفيتو) ضد الإبقاء على مرور المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى الحدودي، على الحدود التركية، إلى هذه المنطقة الخارجة عن سيطرة نظام دمشق.
والقرار الحالي، الذي يخدم منطقة إدلب المتمردة، التي يقطنها ثلاثة ملايين شخص، ينتهي في 10 يوليو / تموز، وتريد الأمم المتحدة تمديده لعام آخر.
فبعد أن كان هناك أربعة معابر حدودية في عام 2014 لتمرير المساعدات، أصبحت واحدة فقط منذ العام الماضي، بعد أن طالبت روسيا والصين بإغلاق معبر حدودي إضافي في تركيا واثنان آخران في الأردن والعراق.
ولا تملك الأمم المتحدة الآن سوى معبر باب الهوى لإيصال المساعدات إلى السوريين دون موافقة السلطات بدمشق.
وتقول ديانا سمعان، الباحثة في الشؤون السورية بمنظمة العفو الدولية” إذا لم يتم تجديد القرار فسيحرم أكثر من مليون شخص في الشمال الغربي من المساعدات الحيوية التي تقدمها الأمم المتحدة، مثل الغذاء والماء والأدوية وكذلك اللقاحات المضادة لفيروس كورونا ولقاحات للأطفال”.
وتؤكد أن المساعدات لا تتعلق فقط بالشاحنات التي تعبر الحدود ولكنها تشمل أيضًا توفير الخدمات الأساسية مثل التعليم والحماية والصحة.
الشرعية الدولية
وبحسب الصحيفة إذا كانت موسكو قد أثارت التهديد باستخدام حق النقض ضد آلية الأمم المتحدة، فذلك لأن الأخيرة تتجاوز السلطات في دمشق، لكن تريد روسيا على وجه التحديد من الأمم المتحدة الاعتراف بالنظام السوري ومنحه الشرعية الدولية.
ويلاحظ تشارل تيبو، الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن “روسيا تدافع من جهة عن الموقف القائل بأن المساعدات الإنسانية يجب أن تكون تحت سلطة النظام السوري، وبالتالي تمر عبر دمشق”.
وأضاف ” موسكو متأكدة أيضًا من أن الغرب يحشد بشأن هذه القضية، فالغربيون هم الذين يمولون 90٪ من المساعدات الإنسانية في مناطق النظام وفي مناطق سيطرة المعارضة. وهكذا تلعب روسيا ميزان القوى للحصول على تنازلات من الأمريكيين في مواضيع أخرى، على سبيل المثال مسألة العقوبات الاقتصادية ضد النظام”.
ومنذ عام 2011، تم فرض عقوبات دولية على النظام السوري ردًا على قمع بشار الأسد للانتفاضة الشعبية، وبعد 10 سنوات من الحرب، لا تزال البلاد تخضع لهذه العقوبات، وعززت بقانون قيصر الأمريكي الذي دخل حيز التنفيذ في صيف 2020.
ويعاقب هذا القانون أي شخص أو شركة أو مؤسسة تتعامل مع السلطة القائمة في دمشق أو تساهم في إعادة إعمار البلاد، إذ يرى الغرب أنه لا يمكن إلغاء هذه الإجراءات العقابية وإعادة البناء الاقتصادي للبلاد إلا إذا ترك بشار الأسد السلطة.
وحذر جيري سيمبسون، نائب مدير إدارة الأزمات في هيومن رايتس ووتش يوم الخميس، من أن أعضاء مجلس الأمن “بما في ذلك روسيا، يجب أن يركزوا على إنقاذ الأرواح، وليس التضحيات من أجل غايات سياسية”.
وتبرر موسكو أيضًا معارضتها للقرار بدعوى أن شمال غرب سوريا هو “ملجأ للإرهابيين والمتطرفين”، فيما قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا أيضا، إن بلاده تريد “تعزيز سيادة سوريا ووحدة أراضيها” وهو ما ينتهكه التفويض الدولي.
ضغط بشتى الطرق
لذا تدعو روسيا الأمم المتحدة إلى مواصلة أنشطتها من خلال ما يسمى بعمليات ” cross-line”، أي قوافل تنطلق من المناطق التي يسيطر عليها نظام دمشق إلى التي لا تسيطر عليها، لكن النتيجة ليست هي نفسها، حيث أثبتت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان أن الحكومة السورية تمنع بشكل منهجي هذه المساعدات.
ويرى شارل تيبو أن “الفيتو الروسي سيجبر وكالات الأمم المتحدة على التفاوض مع النظام في كل قافلة تذهب إلى شمال غرب سوريا، لكن الممارسة المتبعة في السنوات الأخيرة تُظهر أن السلطات السورية تعترض نحو نصف القوافل وتمارس جميع أنواع الضغط على الوكالات والمنظمات غير الحكومية”.
والبديل الوحيد لتوصيل لمساعدات، تتابع الصحيفة، هو دعوة المنظمات غير الحكومية المحلية للقيام بهذا الدور، بيد أن المراقبين يؤكدون أن الأخيرة لن تكون قادرة على تعويض حجم العمليات التي تنفذها الأمم المتحدة.
إضافة إلى ذلك، قد تضطر المنظمات غير الحكومية السورية التي تنقل المساعدات إلى سوريا إلى إغلاق أبوابها فهم “يعتمدون على ما بين 50٪ و70٪ من أموال الأمم المتحدة للعمل، وبالتالي، فإن عدم تجديد القرار يعني خسارة كبيرة في تمويل المنظمات غير الحكومية “، كما تؤكد ديانا سمعان.
وفي مواجهة الكارثة الإنسانية التي قد تنجم عن الفيتو الروسي، حذرت العديد من الدول الأوروبية وتركيا والولايات المتحدة موسكو من هذه الخطوة، وقالت واشنطن يوم الاثنين إن روسيا تخاطر بعرقلة الآمال في المزيد من العلاقات البناءة بين البلدين إذا استخدمت حق النقض.
وتخلص منى يعقوبيان، الباحثة في معهد الولايات المتحدة للسلام (USIP) ، إلى أن الفيتو الروسي لن يؤدي إلا إلى تعميق عزلة سوريا عن المجتمع الدولي في وقت يسعى فيه الأسد إلى مزيد من الشرعية، كما أنه سيلقي باللوم على المعاناة الإنسانية المتفاقمة في إدلب على عاتق موسكو وبالتالي النظام السوري.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا