تضاربت أنباء حول سعي مؤسسة  “إنفستكورب” الاستثماريّة في البحرين لشراء النادي ذا الشعبية الجارفة في أوروبا “إي سي ميلان” الإيطالي، والحقيقة أنها ليست المرة الأولى فقد سبق للبحرين أن اشترت أندية بفرنسا وإسبانيا، لكن هناك تقارير تشير إلى أن عملية الشراء ليست هدفها الاستثمار في حد ذاته ولكن الهدف منها هو تبييض ملف البحرين السيئ في حقوق الإنسان خاصة مع الرياضيين.

 

صفقة إي سي ميلان 

قالت “وكالة رويترز” في تقرير أن مؤسسة “إنفستكورب” البحرينية تسعى لشراء النادي الإيطالي وأن الصفقة على وشك أن تتم مقابل “1.1 مليار دولار”، وأن هذا سيكون سابقة أولى من نوعها، حيث سيكون ذلك أول استحواذ على فريق إيطالي كبير من قبل مستثمرين من الشرق الأوسط، إضافة لذلك فإنّ صفقة شراء النادي الجماهيري بطل أوروبا سبع مرات، من المالك الحالي لشركة “إليوت مانجمنت كوربوريشن” قاربت على الاكتمال، والتقييم المحتمل للنادي سيكون في حدود “مليار يورو = 1.08 مليار دولار”، وكذلك ستقوم المجموعة بدفع الديون التي تراكمت على النادي.

 

إنفستكورب الاستثمارية 

“إنفستكورب” هي شركة تُدير أكثر من “42 مليار” من الأصول البحرينية، بما في ذلك الأسهم الخاصة والعقارات والاستثمارات، ذات العائد المطلق والبنية التحتية وإدارة الائتمان ورأس المال الاستراتيجي، ويرأس “إنفستكورب القابضة، “محمد العارضي” وهو شخص مقرب من النظام البحريني ويقع مقرّها في البحرين كشركة مساهمة بحرينيّة، لكنّها شُطبت من بورصة البحرين العام الماضي، وتمتلك مكاتب في “نيويورك، لندن، سويسرا، الرياض، البحرين، أبو ظبي، الدوحة، مومباي، بكين، وسنغافورة”، ويعتبر بعض المحللين أن الشركة ما هي إلا غطاء استثماري للنظام البحريني.

 

أندية بفرنسا وإسبانيا 

“إي سي ميلان” لم يكن النادي الأول وعلى ما يبدو أنه لن يكون الأخير، فمن قبل أعلنت شركة “انفينتي” الاستثمارية أنها قامت بشراء “نادي قرطبة الأسباني” والتي فضحت صحيفته “قرطبة الرياضية” النظام البحريني فيما بعد، وأوضحت أن المالك الحقيقي للشركة هو ولي العهد البحريني “سلمان الحمد الخليفة” ومعاونه “عبد الله الزين” الرئيس الحالي لنادي قرطبة ومعهم شقيقه الأصغر “ناصر حمد الخليفة” وهو متهم بتعذيب ناشطين ورياضيين عقب انطلاق ثورة 14 فبراير في البحرين، إضافة لذلك فقد اشترت البحرين أيضاً نادي باريس الفرنسي الذي يلعب في القسم الثاني من الدوري الفرنسي.

 

اضطهاد وتعذيب المعارضين 

اكتملت فضيحة البحرين الحقوقية عندما نشرت “صحيفة دياريو 16” الإسبانيّة، مقالًا أكّدت فيه أنّ “العائلة المالكة البحرينيّة المتهمة بتعذيب واضطهاد النّاشطين، هي المساهم الرئيسيّ في الشّركة التي اشترت “نادي قرطبة الرياضيّ”، وأن شراء هذا النّادي يستخدمه النّظام البحرينيّ، لتبييض صورته وإخفاء انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث في البلاد، ما يوضح أنّ العائلة المالكة ليست جديدة على استراتيجيّة التبييض وإخفاء الحقائق خلف الاستثمارات الرياضية وهذا ما أكدته “منظّمة أمريكيون من أجل الديمقراطيّة وحقوق الإنسان” في تقرير لها، إلى أنّ البحرين اشترت أسهمًا في “نادي باريس إف سي” الفرنسيّ، واستحوذت على “نادي قرطبة الإسبانيّ”، عبر “شركة إنفينيتي كابيتال” البحرينيّة، وساهمت في تأسيس “فريق البحرين ماكلارين” الذي يملكه “ناصر بن حمد”، والذي يُعدّ نموذجًا لما تبذله البحرين لإخفاء انتهاكات حقوق الإنسان، بغطاء الفرق الرياضيّة المؤثّرة.

 

البحرين سيئة السمعة حقوقياً

تشير تقارير حقوقية أنه منذ الحراك المؤيد للديمقراطية في عام 2011، قامت الحكومة بتصعيد جهودها لتفكيك المجتمع المدني البحريني من خلال استخدام القمع الممنهج لإسكات النشطاء والصحافيين والمسؤولين الدينيين والقادة السياسيين، في ظل صمت دولي يتجاهل التعذيب والمحاكمات غير العادلة وقتل المتظاهرين ومنتقدي الحكومة، وهذا ما جعل النظام الملكي في البحرين يواصل سياسة القمع الممنهج، ولقد استنتجت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها العالمي لعام 2021 إلى أن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين لم تتحسن، ويلاحظ التقرير كيف أن الحكومة “تصاعدت” في قمع النشاط على الإنترنت الذي ينتقد الملكية، وكيف لم يسمح لوسائل الإعلام المستقلة بالعمل في البلد، وكيف أن الصحافيين والجماعات الحقوقية الأجنبية يحرمون من الوصول بشكل روتيني للمعلومات، وملاحقة الصحافيين والنقاد وسجنهم.

وتجدر الإشارة هنا إلى  تصريح  “جو ستورك”، نائب مدير الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش، الذي أكد في تقرير عام 2021 أن السلطات البحرينية تستخدم العديد من الأدوات القمعية المتاحة لها لإسكات ومعاقبة كل من ينتقد الحكومة، وأن البحرين زادت من استخدامها لعقوبة الإعدام، واستهدفت أشخاصاً بسبب نشاطهم في وسائط الإعلام الاجتماعية، وحرمت شخصيات معارضة بارزة محتجزة من العلاج الطبي.

الخلاصة هنا أن البحرين تسعى كل السعى لتبييض صورتها أمام العالم الخارجي ومحو السمعة السيئة التي لحقت بها جراء ما تفعله بالمعارضين وتحاول أن تشتري أندية أوروبية لإظهار الانفتاح للعالم والتخفي عن أعين المنظمات الحقوقية ولكن في الداخل يستمر القمع والإعدامات وحبس الصحفيين والمعارضين حتى أن منظمة “هيومن رايتس ووتش” أكدت في تقريرها العالمي لعام 2022 أنه بعد 10 سنوات من انتفاضة البحرين المؤيدة للديمقراطية، قضت السلطات على جميع الأصوات الناقدة وقيدت بشدة أي مساحة للمعارضة.