وفقا لتقارير الاستخبارات الأمريكية، تقوم المملكة العربية السعودية بتطوير برنامج محلي للصواريخ البالستية بدعم مباشر من الصين، على الرغم من جهود واشنطن لوقف انتشار الصواريخ في الشرق الأوسط. ولم تكشف إدارة “ترامب” في البداية عن معرفتها بهذا التطور للأعضاء الرئيسيين في الكونغرس.
وكشفت صور الأقمار الصناعية التي تم التقاطها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن المصنع يقع في قاعدة صاروخية موجودة بالقرب من بلدة “الدوادمي”، على بعد 230 كيلومترا إلى الغرب من الرياض. ويبدو أن هناك قاعدة عسكرية أخرى في عمق المملكة تختبر الصواريخ الباليستية، وربما تصنعها.
ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح أين اكتسبت السعودية الدراية الفنية لبناء مثل هذاه المرافق. ويقال إن المملكة عززت برنامج الصواريخ الباليستية بشكل كبير باستخدام التكنولوجيا الصينية. ومع ذلك، ترفض المملكة جميع الاتهامات بإدارة قواعد صاروخية باليستية سرية على أراضيها. لكن إذا استثمر أي بلد بكثافة في تصنيع الصواريخ الباليستية فلا يمكنه إنكار ذلك، وعادة ما ترتبط صناعة الصواريخ الباليستية باهتمام كبير بالأسلحة النووية. وبالتالي، يصبح من الواضح أن الأولوية الرئيسية للسعوديين من خلال تطوير الصواريخ الباليستية هي تطوير برنامج للأسلحة النووية. ويعني تسلح السعودية نوويا تعزيز الانتشار النووي في واحدة من أكثر المناطق غير المستقرة في العالم.
طموحات نووية
وتم الكشف عن الطموحات النووية للمملكة في أعقاب مقابلة لولي العهد “محمد بن سلمان” عام 2018، عندما صرح بأن “السعودية لا ترغب في الحصول على قنبلة نووية، ولكن دون شك، إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسوف تتبعها السعودية في أقرب وقت ممكن”. وعلى الرغم من أن السعودية هي إحدى الدول الموقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، والتي تحظر على البلاد تطوير أسلحة نووية، لم يدين الرئيس “ترامب”، أو أي عضو في إدارته، جهود المملكة للحصول على سلاح نووي علنا.
وأعربت المملكة عن استعدادها لتوليد الطاقة النووية منذ عام 2015. ومع ذلك، لا تزال البلاد لا تملك محطات للطاقة النووية. وأعلنت المملكة عن خطط لبناء 16 مفاعلا للطاقة النووية في الأعوام العشرين المقبلة. وتم توقيع أول اتفاق في هذا الصدد بين السعودية وروسيا عام 2015. ونتيجة لذلك، أعلنت شركة “روساتوم” الروسية أنها مستعدة لبناء 16 وحدة طاقة نووية في السعودية، في صفقة بقيمة 100 مليار دولار.
وتريد المملكة في نهاية المطاف تطوير أنظمتها الصاروخية والحصول على سلاح نووي كتحوط ضد إيران، حيث تعتبر الأخيرة تهديدا حقيقيا لأمنها القومي. لذلك، أبدت المملكة القليل من الاهتمام بما يفكر به بقية العالم فيما يتعلق بطموحاتها. وفي الواقع، لا يعد التعاون السعودي الصيني في مجال أنظمة الصواريخ ظاهرة جديدة، ويعود تاريخه إلى الثمانينات، عندما سافر قائد سلاح الجو السعودي، الأمير “خالد بن سلطان”، إلى الصين لشراء صواريخ متوسطة المدى قادرة على حمل رؤوس حربية نووية. وفي الواقع، كان هناك سبب لهذا الأمر، حيث يحظر مرسوم صادر في عام 1987 على الولايات المتحدة تصدير أنظمة الصواريخ إلى المملكة العربية السعودية.
دوافع السعودية
وفي الأعوام الأخيرة، كانت السعودية أكثر انفتاحا بشأن برامجها الصاروخية. على سبيل المثال، في عام 2010، افتتحت المملكة مكتبا مركزيا للدفاع الصاروخي في الرياض. ومن خلال القيام بذلك، كانت المملكة ترغب في إظهار قدراتها الرادعة وإرسال إشارة إلى إيران حول العواقب المحتملة إذا لم تحد الأخيرة من برنامج الصواريخ الخاص بها. ومن ناحية أخرى، فإن تطوير نظام محلي للصواريخ الباليستية هو أيضا إجراء وقائي اتخذته المملكة بسبب الهجمات الصاروخية المتكررة التي يشنها متمردون من الحوثيين تدعمهم إيران في اليمن. وقد ضرب أحدث هجوم صاروخي نفذه متمردو الحوثي مطار “أبها” في الجزء الجنوبي من المملكة.
ويوجد سبب آخر وراء برنامج الصواريخ الباليستية، وهو تدهور العلاقات مع الحلفاء الغربيين في أعقاب اغتيال الصحفي “جمال خاشقجي”. وقد تسبب النقد واسع النطاق للسلطات السعودية داخل الدول الغربية، وتردد تلك الدول في تعميق التعاون العسكري مع المملكة، في دفع الرياض إلى البحث عن “حلفاء استراتيجيين” جدد، مثل الصين وروسيا وباكستان.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلها الكونغرس الأمريكي لوقف تصدير الأسلحة إلى المملكة، أعلن الرئيس”دونالد ترامب” حالة الطوارئ لتجاوز الكونغرس، وأرسل مبيعات الأسلحة إلى مختلف البلدان بمليارات الدولارات، بما في ذلك السعودية والإمارات.
وتغذي التطورات الأخيرة الاضطرابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط خاصة مع تدهور العلاقات بين الدول الغربية وإيران بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، والحملة العسكرية التي لا تنتهي في اليمن، وطموحات السعودية لوقف النفوذ الإيراني في المنطقة. وسوف يعمل البرنامج النووي السعودي على تأجيج التوترات في الخليج بشكل أكبر.
اضف تعليقا