العدسة – باسم الشجاعي

“حان الوقت أن تعاقب الأمم المتحدة السعودية”، هكذا عنونت “أكشيا كومار”، نائب مدير شؤون الأمم المتحدة في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، مقالها عن ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، الذي حمّلته مسؤولية استمرار الكارثة الإنسانية في اليمن، والتي تزامنت مع خطواته التي يصفها بالإصلاحية.

ويبدو أن إرث الظهور “المكوكي”، في المملكة العربية السعودية، للشاب الطامح في السلطة، ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”، سيسبب له المزيد من المعاناة خلال الفترة المقبلة، وإن كانت شكلية.

“كومار”، ألمحت إلى أنه “لا يجب مع احتفاء واشنطن بالخطوات التي يقوم بها “محمد بن سلمان”، أن تتناسى الجانب الأكثر إشكالية من سجل الأمير الشاب” (في إشارة إلى حرب اليمن وحملة الاعتقالات التي شهدتها السعودية خلال الآونة الأخيرة).

 

لماذا الأمم المتحدة؟!

مطالبة نائب مدير شؤون الأمم المتحدة في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الأمم المتحدة بمعاقبة ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، تأتي استنادًا إلى قرار أصدر في عام 2015، يمنحها (الأمم لمتحدة) سلطة فرض الحظر على السفر وتجميد أصول أي شخص مسؤول عن عرقلة إيصال المساعدات المنقذة للحياة.

ومن المعروف أن منذ مارس 2015، تقود المملكة العربية السعودية تحالفًا للدول العربية ضد جماعة الحوثيين التي تسيطر على جزء كبير من اليمن.

وعن آخر معطيات الميدان حول الحالة الإنسانية في اليمن بعد أكثر من عامين من الحرب التي تقودها السعودية، فقد قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن “عدد حالات الكوليرا المحتملة في اليمن وصل إلى مليون حالة، في حين يعاني أكثر من 80% من السكان من نقص الغذاء والوقود والمياه النظيفة والرعاية الصحية”، وذلك وفق آخر بيان صادر، في 21 ديسمبر الجاري.

ومع  تصاعد الصراع في اليمن، قالت منظمة الصحة العالمية، في تقرير لها في فبراير الماضي، إن “المرافق الصحية في صنعاء بلغت عن وقوع أكثر من 7600 وفاة، وما يقرب من 42,000 إصابة، وبات النظام الصحي في اليمن أحد ضحايا الصراع المستمر”.

ووثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، 16 هجومًا على الأقل استخدم فيها التحالف ذخائر عنقودية محظورة دوليا، قتلت وأصابت عشرات المدنيين، وذلك وفق التقرير العالمي لعام 2017.

ويحتاج ما يقرب من 4.5 مليون شخص في اليمن، بما فيهم مليوني طفل، للخدمات الصحية المتعلقة بالوقاية من سوء التغذية أو معالجتها، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 150% منذ العام 2014.

الأمر الذي دفع الأمم المتحدة لإدراج التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن على قائمة سوداء بسبب دوره في مقتل وإصابة المئات من الأطفال وهجمات على مستشفيات ومدارس خلال العام الماضي.

 

الاعتقالات أيضا

الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، ليست الطرف الوحيد، الذي دفع “أكشيا كومار” لدعوة الأمم المتحدة لمعاقبة، “ابن سلمان”، ولكنها أشارت إلى الاعتقالات التي شنها الأمير الشاب في السعودية.

فقد شكلت السعودية، في نوفمبر الماضي، بأمر ملكي صادر بإنشاء لجنة مكافحة الفساد السعوديّة، يرأسها ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”، وعلى إثرها اعتقل عددًا من الأمراء والوزراء السابقين ورجال الأعمال، ووضعوا في فندق “ريتز كارلتون” الذي تحول إلى معتقل لهم.

وفقا للإعلامي السعودي المشهور، “جمال خاشقجي”، فإن “عدد المعتقلين في فندق “الريتز كارلتون” بالعاصمة السعودية الرياض يتجاوز 250 شخصا، و بينهم أقل من 20 أميرا سعوديا”.

وتتطلع المملكة العربية السعودية إلى الحصول على ما لا يقل عن 100 مليار دولار من الأمراء والشخصيات البارزة الذين احتجزوا بتهمة الفساد في فندق “ريتز كارلتون” بالرياض، وذلك بحسب ما قالت صحيفة “فايننشال تايمز”.

ليس الأمراء وحدهم الذين طالهم الاعتقال في عهد “ابن سلمان”، فبعد 3 أشهر من تولي الأمير الشاب منصب ولي العهد في يونيو الماضي، شنت حملة اعتقالات، طالت “سلمان العودة” و”عوض القرني” وأكثر من 10 آخرين منذ في سبتمبر الماضي.

وبحسب وكالةرويترزللأنباء،  فإن رجال الدين هؤلاء (المعتقلين) لم يدعموا السياسات السعودية بما يكفي، واعتراضهم على إعلان “السعودية والإمارات ومصر” فرض حصار على دولة قطر.

فيما ألمحت صحيفةوول ستريت جورنال أن اعتقال العلماء قد يكون متصلا بتحضير السلطات السعودية لتنازل الملك “سلمان” عن العرش لصالح ابنه “محمد”.

ولم تكن لجنة مكافحة الفساد هي التي فتحت الباب للانتهاكات في السعودية، ففي مطلع العام الحالي، أقرت الرياض قانون مكافحة الإرهاب الجديد في السعودية يتضمن تعاريف غامضة وفضفاضة للأفعال الإرهابية، ويعاقب عليها في بعض الحالات بالإعدام.

وحل القانون الجديد محل قانون مكافحة الإرهاب الذي صدر في عام 2014، الذي أضاف تعاريف لأفعال إرهابية محددة ومبادئ توجيهية تتصل بالحكم عليها.

وشمل القانون على عقوبات جنائية مثل السجن بين 5 إلى 10 سنوات لوصف الملك أو ولي العهد “بأي وصف يطعن بالدين أو العدالة” بصورة مباشرة أو غير مباشرة.