تشير محاولات السعودية لاستضافة كأس العالم 2034 إلى محاولة مكشوفة لاستخدام الرياضة كأداة لتحسين صورتها الدولية المتدهورة بفعل سجلها الحقوقي المروع.

بحسب تقرير أصدرته منظمة “القسط” لحقوق الإنسان، فإن هذه الخطوة تثير العديد من المخاوف بشأن حقوق العمال في السعودية، الحريات الأساسية، والعدالة الاجتماعية.

وتزامنًا مع اقتراب موعد اتخاذ الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قراره النهائي، تتصاعد الأصوات الرافضة لهذه الاستضافة التي قد تمنح النظام السعودي شرعية زائفة ومجالًا واسعًا لمواصلة قمعه.

انتهاكات صارخة

أكد تقرير “القسط” المكون من 23 صفحة أن البنية التحتية التي يتطلبها تنظيم البطولة ستشكل خطرًا كبيرًا على العمال الأجانب الذين سيُجبرون على العمل في ظروف غير إنسانية.

ورغم المزاعم السعودية بتحسين نظام الكفالة، إلا أن الإصلاحات لم تخرج عن إطارها الشكلي، ما يعني استمرار المخاطر المترتبة على الاستغلال والوفيات بين العمال.

إضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى حالات تهجير قسري متزايدة للسكان المحليين في مواقع مثل “نيوم” و”وسط جدة”، وهي ممارسات تعكس الطريقة التي تدار بها المشاريع الضخمة في البلاد دون أي اعتبار لحقوق الأفراد.

علاوة على ذلك، فإن قمع الحريات الصحفية وتكميم الأفواه، إلى جانب التمييز المنهجي ضد المرأة والأقليات الدينية والجنسية، يجعل من استضافة السعودية لهذا الحدث تحديًا خطيرًا لقيم فيفا المعلنة.

شراكة الفيفا في الانتهاكات

على الرغم من وعود فيفا بحماية حقوق الإنسان ضمن استضافات البطولات، يظهر أنها تغض الطرف عن التقييمات المستقلة التي تكشف عن العيوب الجسيمة في ملف السعودية. فبدلًا من أن تكون فيفا حاميةً للقيم الرياضية والإنسانية، نجدها تتعامل بمرونة مريبة مع نظام قمعي يستخدم الرياضة للتغطية على انتهاكاته.

في المقابل، تجاهلت الفيفا دعوات منظمات حقوق الإنسان مثل “العفو الدولية” و”القسط” للمساهمة في تحسين الظروف، ما يثير تساؤلات حول نزاهة عمليات اتخاذ القرار. كما أن عدم إشراك المجتمع المدني وأصحاب المصلحة من الشعب السعودي في هذه العملية يظهر بوضوح كيف يسعى النظام لفرض استضافة البطولة دون أدنى اعتراف برأي الشعب أو حقوقه.

فيما أوضحت “القسط” أن استضافة السعودية لكأس العالم بدون ضمانات موثوقة ستكون بمثابة منح الضوء الأخضر لنظام متهم بالقتل، التعذيب، والقمع. فالسلطات السعودية تستغل الرياضة كأداة سياسية لتحسين صورتها دون إحداث أي تغيير حقيقي على أرض الواقع.

ومن اللافت أن السعودية نفذت أكثر من 300 عملية إعدام في عام 2024 وحده، إلى جانب تقارير متزايدة عن التعذيب وإساءة معاملة السجناء. كل هذه الممارسات تؤكد استحالة تنظيم حدث رياضي كبير في ظل مناخ قمعي كهذا.

الخلاصة أنه مع اقتراب موعد القرار النهائي في 11 ديسمبر، يبقى على الفيفا مسؤولية أخلاقية وقانونية باتخاذ موقف حازم ضد ملف السعودية المليء بالانتهاكات الصارخة، بمعنى أن أي قرار يمنحها الاستضافة سيكون بمثابة تشجيع لنظامها على الاستمرار في انتهاكاته.

اقرأ أيضًا : مشاريع بن سلمان العملاقة.. مبان فاخرة بنيت على انتهاكات عمالية فادحة