إبراهيم سمعان
لماذا اغتالت إسرائيل شعراء وكتاب فلسطين؟ سؤال طرحته صحيفة “لومانيتيه” الفرنسية، عقب الحكم الذي أصدرته سلطات الاحتلال ضد الشاعرة الفلسطينية دارين طاطور بالسجن خمسة أشهر بتهمة “التحريض على الإرهاب”.
وقالت الصحيفة “اسمها دارين طاطور، عمرها ٣٥ سنة فقط، إنها امرأة فلسطينية من الناصرة، منذ سن مبكرة، كتبت كلمات على الورق، مجموعة من الجمل التي تحولت إلى قصائد، تطورت بوضوح من الطفولة إلى المراهقة وحتى النضج.
من خلال الحب، وفقدان أحد الأحبة وكذلك أيضا المعاناة الوطنية والمقاومة، بدأت طارطور قبل بضع سنوات، بنشر شعرها على الإنترنت، قصيدة تلو الأخرى، عن إخوانها الفلسطينيين الذين يواجهون المحتل الإسرائيلي.
وقالت في أحد أيام أكتوبر 2015: “قاوم يا شعبي، قاوموهم، قاوم نهب المستوطنين وكن في قافلة الشهداء”، بينما في القدس الشرقية، يثور الشباب ويقمعون.
وأوضحت الصحيفة أن وسائل الإعلام الاجتماعية تخضع لفحص دقيق من قبل إسرائيل، حيث تمت مقاضاة مئات الفلسطينيين وسجنهم بسبب كتابات بسيطة على فيسبوك، ومن بينهم هذه الفتاة الفلسطينية.
وتابعت “لومانيتيه” في صباح أحد الأيام، تم اعتقالها في منزل والديها في قرية رينيه بالقرب من الناصرة، وبعد عشرين يومًا فقط، أبلغت بالتهم الموجهة إليها، اعتقلت دارين بتهمة “التحريض على العنف” بسبب رسالتين تم نشرهما على فيس بوك وفيديو على موقع يوتيوب.
احتجزت لمدة ثلاثة أشهر ووضعت قيد الإقامة الجبرية ليس في منزلها ، ولكن بالقرب من تل أبيب، مع حظر نشر كتاباتها واستخدام الإنترنت.
استمر هذا الأمر لثلاث سنوات قبل عودتها إلى الناصرة، مع الالتزام بارتداء سوار إلكتروني، وفي أبريل 2016، قالت: “لقد أُرسِلت إلى السجن لكتابة قصيدة. لكن الشعر أصبح مفتاحي نحو باب الحرية، وسوف اتشبث به حتى النهاية”.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنه في مايو 2017، تم تخفيف شروط احتجاز دارين، وتمكنت من الخروج من الساعة التاسعة صباحاً حتى الساعة السابعة مساءً برفقة “حراس متطوعين” صادقت عليهم المحكمة.
وأكدت أن الكلمات البسيطة جدا – “قاوم يا شعبي قاوم” – تخيف دولة إسرائيل، والشرطة، والجيش الذي يعد واحد من أقوى جيوش العالم، وتجعلنا ندرك على نحو أفضل لماذا قتلت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية غسان كنفاني، وماجد أبو شرار وكمال ناصر، وهو كي لا نتحدث فقط عن هؤلاء.
وبينت أنه في الجزائر حدث هذا أيضا، حيث كان هناك من توعد أولئك الذين “يقاتلوا بالقلم” بقتلهم بـ”السيف”، لأنه من الكلمة تأتي الفكرة، ومن الفكرة ينشأ الفعل والمقاومة الشمولية، سواء الأيديولوجية والدينية والاستعمارية أو كل ذلك في آن واحد.
“لم أكن أعلم أن الكتابة يمكن أن تغير أي شيء، كنت أكتب لأعبر عن نفسي” خلال كل هذه السنوات، تقول دارين طاطور لموقع Mondoweiss.
وأخيرا حكم على هذه الشاعرة بالسجن خمسة أشهر بتهمة التحريض على الإرهاب، وأكدت دارين ” لم أكن أتوقع العدالة، منذ البداية كانت قضيتي سياسية لأنني فلسطينية وأؤيد حرية التعبير، هذه دولة عنصرية وقانون الدولة اليهودية يثبت أن الفصل العنصري موجود هنا”.
وأضافت ” لن يجبروني على الاستسلام، أنا لست أول سجينة ولن أكون الأخيرة وسوف استمر، أدعو الجمهور العربي بأكمله لمواصلة الكتابة والتحدث بلغتنا”.
وتابعت “لكن ربما ينبغي على القضاة والقادة السياسيين الإسرائيليين أن يضعوا في اعتبارهم كلمات الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، المنفي والميت بعيد عن أرضه “لا شك أننا نحتاج إلى الشعر اليوم، أكثر من أي وقت مضى، من أجل استعادة حساسيتنا ووعينا بإنسانيتنا المهددة، وقدرتنا على متابعة واحدة من أجمل أحلام الإنسانية، إنها الحرية”.
اضف تعليقا