لماذا قادت الإمارات حملات التشهير الإعلامي بانسداد قناة السويس؟

2021-03-31T15:50:46+02:00الأربعاء - 31 مارس 2021 - 3:50 م|الوسوم: , |

انقلبت الآية، وبات الهجوم الإعلامي المصري الموالي للنظام العسكري يوجه سهام سخطه على المنافذ الإعلامية الممولة إماراتيا، لا سيما الناطقة منها باللغة الإنجليزية، والتي وظفت بشكل فاعل إعلاميا فضيحة انسداد قناة السويس نتيجة جنوح سفينة الحاويات “إيفر غيفن”، التي تزيد حمولتها عن 200 ألف طن، والتي عامت قبل ساعات وعادت لمسارها المائي، تاركة لمصر أزمة ثقة تجارية دولية غير مسبوقة.

فرغم إعلان الهيئة الرسمية لإدارة القناة المائية الأهم عالميا، عن تعويم السفينة الجانحة في القناة بنجاح، وعودة الملاحة في الممر الملاحي الدولي؛ إلا أن هذه الحادثة التي أضرت بالتجارة العالمية قد ألقت بظلالها على مستقبل قناة السويس في ظل الحديث عن ممرات منافسة ومشاريع نقل تجاري بديلة، والتي في مقدمتها مشاريع إسرائيلية ترعاها الإمارات وتسعى لتدمير أي منافس لها.

وبعد إعلان مصر إنقاذ وتعويم السفينة الجانحة، ثارت تساؤلات كثيرة حول مستقبل قناة السويس الإستراتيجية في مواجهة ممرات بديلة محتملة ومشاريع نقل تجارية عالمية أخرى، رغم مرور نحو 30% من حاويات الشحن في العالم يوميا عبر قناة السويس البالغ طولها 193 كيلومترا، ونحو 12% من إجمالي التجارة العالمية من جميع السلع.

سعي حثيث

ولا يخفى على أحد التحركات الإماراتية الرامية لتدمير أي تصدر مائي في المنطقة، وهي خطة بدأتها الإمارات منذ سنوات، وخطت خطوتها الأولى في شرق أفريقيا، وبالتحديد في جيبوتي والصومال وإريتريا، وهي تحركات إفسادية سرعان ما تبددت أمام تفطن السلطات الصومالية التي منعت بقرار برلماني أي تواجد للشركات الإماراتية في البلاد.

وفي ثورة ضد النفوذ الإماراتي في الصومال، وخاصة الاتفاق الذي منح أبوظبي حقّ استغلال ميناء بربرة الحيوي، خرجت تظاهرات غاضبة قادها متمرِّدون هددوا بانفصال مناطقهم عن تبعية الحكومة الحالية التي يقودها الرئيس موسى بيهي، المدعوم بشكل سياسي واقتصادي من حكومة أبوظبي، ليجد الرجل نفسه مضطرا لحرمان أبو ظبي من تنفيذ التعاقد.

أما في اليمن، فلم يعد خافيا أن الإمارات التي دخلت البلد الجنوبي لم تكن تبحث إلا عن السيطرة على الموانئ اليمنية القريبة من مضيق باب المندب الاستراتيجي، وبالفعل باتت الإمارات اليوم تبسط سيطرتها على أغلب الموانئ اليمنية والتي تتعرض لحملة تشويه وتدمير مستمر أفقدها ما كان قد تبقى لها من سمعة عالمية.

العقبة الكبرى

لكن العقبة الكبرى أمام الإمارات كانت قناة السويس المصرية، والتي يصعب للغاية السيطرة عليها عسكريا، لكن وجدت الإمارات فرصتها السانحة في حكومة الانقلاب العسكري الذي دعمته في 2013 والذي أسفر عن صعود قائد الجيش عبد الفتاح السيسي لسدة الحكم في مصر، بدعم مباشر ومعلن من أبو ظبي، والذي رده السيسي لداعميه بمنحهم حق التصرف عرفيا في تعطيل تنمية القناة.

وبهذه الرؤية يرى كثير من المحللين أن أزمة انسداد القناة جاءت فرصة مثالية للإمارات لتوظيف أبواقها الإعلامية الدولية، لا سيما الناطقة بغير اللغة العربية، لشن حملة ممنهجة تطعن في صلاحية القناة للاستمرار كنافذة رئيسة لحركة التجارة العالمية، ومُقدمة في الوقت نفسه مشروعها البديل.. والقادم من تل أبيب.

مشروع إسرائيلي

ويبرز المشروع الإسرائيلي الجديد الذي ستدعمه الإمارات ماليا وسياسيا، كأحد أهم المشاريع التي تهدد مستقبل قناة السويس.. فالمشروع الإسرائيلي، من خلال حفر قناة موازية لقناة السويس تربط بين مينائي إيلات وعسقلان، كان مطويا في السنوات الماضية بسبب نقص التمويل، لكن تم إحياء فكرته من جديد في ظل تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات.

وبالفعل، وقعت الإمارات وإسرائيل اتفاقا يستهدف نقل نفط الخليج إلى أوروبا، وذلك عبر خط أنابيب يربط بين ميناء إيلات على البحر الأحمر، وميناء عسقلان على البحر المتوسط، والذي يمر معظمه حاليا عبر قناة السويس، في خط أسسته إسرائيل في ستينيات القرن الماضي لنقل النفط الإيراني من البحر الأحمر إلى المتوسط، عقب تقييد مصر المرور في قناة السويس إثر العدوان الثلاثي (فرنسا وإسرائيل وبريطانيا عام 1956) لضمان إمدادات الطاقة.

تهديد حقيقي

مشروع دولة الاحتلال إذا تحول إلى حقيقة، فإنه سيهدد قناة السويس لكون البضائع والسلع التي تمر عبر القناة المصرية حاليا هي نفسها ستمر عبر القناة الإسرائيلية المحتملة، خاصة سفن النفط والغاز العملاقة من منطقة الخليج وإيران والعراق لأسواق العالم ونفط أذربيجان ودول الاتحاد السوفياتي سابقا لأفريقيا.

ووفق مجلة “فورين بوليسي” (Foreign Policy) الأميركية، فإن حركة التجارة في قناة السويس مرشحة للتناقص بأكثر من 17% بموجب الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، مما حدا برئيس هيئة قناة السويس بالتحذير في أكثر من مناسبة من تداعيات تدشين أي مشروع مواز للنقل البحري على المصالح المصرية، وأوضح أن المشروع سيؤثر على عدد السفن التي تعبر القناة بنسبة تتراوح بين 12% و16%.

وهكذا، ففي حال عجزت مصر عن الوفاء بالتزاماتها في قناة السويس رغم أنها تتمتع بمسافة أقرب بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، فإن الحل الآخر سيكون في إسرائيل رغم ارتفاع التكلفة، فالبعد الاقتصادي والإستراتيجي جعل إسرائيل تحيي مشروع القناة البديلة؛ لأن العوائد ستكون كبيرة رغم تكاليف إنشائها، لكن الذي شجعها بشكل أكبر هو انهيار بنية الدولة المصرية وسيطرة العسكر عليها.

اقرأ أيضًا: تعليمات لنواب البرلمان المصري بالهجوم على وزير النقل.. فما الهدف؟

شارك المقال...

اضف تعليقا


اذهب إلى الأعلى