كتب – باسم الشجاعي:

فاجأ الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” الأوساط السياسية بإعلانه عن إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة في 24 يونيو المقبل، أي قبل عام ونصف من موعدها المقرر.

وبذلك تشهد تركيا 7 انتخابات خلال أقل من 5 سنوات؛ 4 انتخابات واستفتاء واحد على تعديلات دستورية في الفترة منذ مارس 2014 حتى أبريل 2017.

وقال “أردوغان” في لقاء صحفي في أنقرة، “الأربعاء” 18 أبريل: “قررنا إجراء هذه الانتخابات يوم الأحد في 24 يونيو 2018″، وذلك إثر لقاء مع زعيم الحزب القومي وحليفه الأساسي “دولت بهجلي” والذي كان دعا “الثلاثاء” الماضي إلى إجراء انتخابات مبكرة.

وأوضح أنَّ اللجنة الانتخابية العليا ستبدأ فورًا الإعداد لهذه الانتخابات”، مشيرًا إلى “تسارع التطورات في سوريا” وضرورة اتخاذ “قرارات مهمة سريعًا” حول الاقتصاد، وذلك لتبرير تسريع جدول الانتخابات.

وسيخوض حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، وحزب “الحركة القومية” المعارض، الانتخابات المقبلة تحت مظلة تحالف انتخابي تشكل في فبراير الماضي، وأقرَّ البرلمان تعديلات في قانون الانتخابات والأحزاب السياسية في مارس الماضي، تتيح للتحالفات الانتخابية خوض الانتخابات.

وستجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية معًا في يوم واحد، بموجب تعديلات دستورية لإقرار النظام الرئاسي بدلًا عن النظام البرلماني، ما يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة أقرّت في استفتاء شعبي في 16 أبريل2017.

ولكن يبقى التساؤل الأبرز على الساحة السياسية التركية لماذا خاطر “أردوغان” وقرر إجراء الانتخابات المبكرة، لا سيما أنَّه ما زال هناك عام ونصف العام على إجراء تلك الانتخابات في موعدها الطبيعي؟ وماذا يعني فوز الرئيس الحالي في الانتخابات المقبلة؟

هل “الليرة” السبب؟

يأتي الإعلان عن الانتخابات المبكرة في الوقت الذي تواجه فيه تركيا وضعًا إقليميًا صعبًا مع اتساع رقعة النزاع في سوريا والوضع الاقتصادي الحساس للبلاد.

ولا شكَّ أن قرار الانتخابات المبكرة سيكون له بالغ الأثر في خلط الأوراق في الأروقة السياسية بالعاصمة أنقرة، وتعرض الأسواق لحالة من الاهتزاز وعدم التوازن.

ويرى محللون أنَّ الأوضاع الاقتصادية في تركيا هى السبب الرئيسي الذي دفع “أردوغان” إلى الموافقة على إجراء انتخابات مبكرة لاستباق أي تدهور اقتصادي كبير.

ورغم أنَّ الاقتصاد التركي سجل نموًا بلغ 7.4 % في 2017، فإنَّ تسجيل التضخم نسبة تفوق 10%، وازدياد عجز الحساب الجاري والحاجة لإعادة هيكلة ديون شركات كبرى قد تشكل مؤشرًا لمشاكل اقتصادية في المستقبل.

والأسابيع الأخيرة شهدت تراجع الليرة التركية مقابل الدولار واليورو على نحو حادّ مع تنامي قلق المستثمرين بشأن توقعات السياسة النقدية والتضخم.

وسبق وأن قالت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني، إنَّ الضعف المُزْمِن في الليرة التركية يؤثر سلبًا على تصنيف ديون تركيا السيادية وإشكالية للاقتصاد.

البحث عن الاستقرار

يبدو أن “أردوغان” يبحث عن مزيد من الاستقرار (وفق خبراء)؛ حيث إن تبكير الانتخابات يعني البدء بشكل مباشر في تطبيق النظام الرئاسي الذي يفترض أن يكون أكثر استقرارًا من النظام البرلماني، وتجنّب أي اهتزازات أو استهدافات للحكومة حتى موعد الانتخابات خصوصًا في المجال الاقتصادي.

لكن في المقابل، يرى المعارضون لتقديم الانتخابات أنها سترسل رسالة سلبية عن وضع تركيا، وهو ما قد يسرّع من أية ضغوط اقتصادية قد تكون موجودة.

البورصة تنتعش

بعيدًا عن حالة الارتباك التي انتابات الشارع السياسي التركي وخاصة المعارضين لـ”أردوغان”، شهدت الليرة التركية وكذلك الأسهم التركية ارتفاعًا هامًا خلال تعاملات اليوم “الأربعاء”، كأول ردة فعل على دعوة الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” لإجراء انتخابات عامة مبكرة؛ حيث ارتفع مؤشر “بي.أي.إس.تي 30” بنحو 1.3% إلى 134845.6 نقطة.

كما صعدت الليرة التركية مقابل الدولار بنحو 2% عند 4.02 ليرة.

انتخابات حاسمة

من المؤكد أن الانتخابات المقبلة ستكون “حاسمة” لكل الأطراف السياسية في تركيا وعلى رأسهم “أردوغان” حيث إنه سيحصل على مزيد من السلطات بحسب استفتاء أبريل 2017.

ويتيح هذا التعديل الدستوري لـ”أردوغان” (64 عامًا) الترشح لولايتين رئاسيتين أخريين من خمس سنوات.

ويشار إلى أن “أردوغان” في السلطة منذ 2003، أولاً كرئيس للحكومة ثم كرئيس للبلاد.

هل يفعلها “عبدالله جول”؟

رئيس الجمهورية التركي السابق “عبد الله جول” من الأسماء التي تتداولها وسائل الإعلام المحلية والأوساط السياسية كمرشح محتمل في الانتخابات الرئاسية كمنافس قوي ضد الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان.

ولكن، هل يمكن أن يتنافس “أردوغان” و”جول” في الانتخابات الرئاسية القادمة، كمرشح حزب “العدالة والتنمية” الحاكم ومرشح المعارضة؟

بالطبع المعادلة صعبة؛ حيث إنه في حالة إعلان “جول” المنتمي لحزب “العدالة والتنمية”، ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية– وهذا أمر مستبعد كما أعلن بنفسه “سابقًا”- فلن يحق له الترشح في الانتخابات البرلمانية.

فقد سبق وأنّ أكد “جول”، في تعليقه على تصريحات بايكال، أنه لا يرغب في العودة إلى ممارسة العمل السياسي مجددًا، فضلًا عن أن هناك أصواتًا في صفوف قادة الحزب ترفض بشدة تكرار تجربة “أكمل الدين إحسان أوغلو” الذي قام حزب الشعب الجمهوري بترشيحه في الانتخابات الرئاسية السابقة.

هل تنجح المعارضة فى تقديم منافس لـ”أردوغان؟

إعلان “أردوغان” من المؤكد أنه أربك حسابات المعارضة التركية؛ حيث دأب المسؤولون خلال الفترة الماضية على نفي التبكير للانتخابات الرئاسية، وهو ما يجعلها أمام اختبار قوي على قدرتها على توفير منافس قوي خلال 70 يومًا فقط.

لم يتقصر الأمر على ذلك، فهناك معضلة أخرى أمام المعارضة، فبحسب التعديلات الدستورية الأخيرة، تمنع الأحزاب والتكتلات التي شكلت حديثًا من المشاركة في الانتخابات إلا بعد مُضِي ستة أشهر من عقد مؤتمرها التأسيسي الأول، وهو ما يعدّ عقبة كبيرة، تصعب مهمتها في إيجاد منافس قوي للرئيس الحالي.

يبقى أمام المعارضة عمل اتفاق أو تفاهمات من “الباطن”، مثلما حدث بين حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطية مثلما أشيع خلال الفترة الماضية، بحسب مصادر صحفية.

فقد عقد الحزبان تفاهمًا سريًا يقضي بمنح مناصري الأخير أصواتًا للأول في محافظات الشرق بعد ضمانه دخول البرلمان في الانتخابات الأخيرة.