العدسة: محمد العربي

خيب صندوق النقد الدولي آمال الحكومة المصرية، نتيجة عدم صرف الشريحة الخامسة، من القرض الموقع في 2016، والمقدرة بـ 2 مليار دولار خلال العام الحالي، وهو القرض الذي كانت تعول عليه الحكومة والبنك المركزي المصري كثيرا لسداد بعض الاستحقاقات العاجلة.

ويشير الخبراء إلى أنه مع بداية عام 2019 ستكون أمام محافظ البنك المركزي ووزارة المالية قائمة متنوعة من الالتزامات واجبة السداد خلال شهر يناير. وقد بلغت التزامات الحكومة لسداد أقساط الديون الخارجية خلال العام الحالي أكثر من 10 مليارات دولار، وهو ما يعني أن أكثر من 180 مليار جنيه من الثروات القومية لمصر قد تم تحويلها إلى الدول والبنوك الدائنة.

ووفقا لنفس الرأي فإن الحكومة المصرية تقترض الآن من السوق المحلي بأسعار فائدة تتجاوز 19%، وتستعد لإصدار سندات دولية بالدولار واليورو، لطرحها في أسواق المال في الربع الأول من السنة الجديدة في تكرار لما حدث في العام الماضي. ومع زيادة رصيد الدين المحلي والخارجي، وفشل السياسة الاقتصادية في تطوير قطاعات الإنتاج العيني الزراعي والصناعي، فإن الحكومة ستلجأ إلى المزيد من الاقتراض لسداد أقساط وفوائد الديون.

وحسب تحليلات أخري فإن الصندوق ربط صرف الشريحة الخامسة وقبل الأخيرة من القرض البالغ 12 مليار دولار بعدة إجراءات منها التخلص من 3 ملايين موظف حكومي، ورفع الدعم العيني والنقدي كاملا من الموازنة العامة للدولة، وفرض المزيد من الضرائب على الشرائح الفقيرة والمتوسطة، بهدف علاج الخلل في الموازنة العامة للدولة.

أزمة أخرى

وعلى صعيد الأزمات الاقتصادية التي تمر بها مصر فقد أطلقت وكالة التصنيف الائتماني “فيتش” جرس إندار حول الديون المصرية المستحقة السداد، مؤكدة أن أكثر من 50% من هذه الديون مستحقة السداد قبل نهاية 2020، وهو ما لم تتمكن منه مصر.

وحسب تقرير الوكالة الخاص بتقييم الديون المصرية فإن تكاليف خدمة الديون مرتفعة، وتعني أن مصر ستستمر في إدارة العجز المالي الإجمالي في السنوات القادمة، موضحة أن جدول استحقاق الدين في مصر قصير نسبيًا، ما يزيد من مخاطر تمديد الآجال، وإن نحو 50% من ديون مصر تستحق السداد بحلول نهاية عام 2020، مشيرة إلى أن تشدد شروط التمويل العالمية، يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض بالنسبة لمصر. وبحسب بيانات البنك المركزي فإن الدين الخارجي ارتفع بنهاية العام المالي الماضي إلى 92.7 مليار دولار بزيادة نسبتها 17.2% عن العام المالي الأسبق. وتتوقع الحكومة أن يبلغ إجمالي الدين الخارجي نحو 102.863 مليار دولار في السنة المالية المقبلة، مقابل 98.863 مليار دولار متوقعة في السنة الحالية.

وتوقعت فيتش، أن ينخفض الدين العام الحكومي من ما يقدر بنحو 89.4% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي الماضي إلى 84.3% في العام المالي الحالي، و78.6% في العام المالي المقبل.

ووفقا لـ “فيتش”، فإنَّ مصر وسعت من منظومة الضرائب، وهو ما يساعدها في انخفاض عجز الموازنة، حيث أدخلت مصر ضريبة القيمة المضافة، قامت بزيادة ضرائب التبغ وأسعار المترو، وتخفيضات دعم الوقود والكهرباء، ما أدى لتحقيق فائض أولي بنسبة 0.2% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي الماضي، وذلك للمرة الأولى منذ العام المالي 2003- 2004.

ووفقا لتقارير أخرى فإنه يجب على الحكومة المصرية سداد قروض أجنبية بقيمة 32.3 مليار جنيه، وقروض محلية بقيمة 243.7 مليار جنيه قبل انتهاء العام المالى الجارى 2018-2019.

خيارات ضد المواطن

وتشير العديد من التقارير أن نظام عبد الفتاح السيسي سوف يسير لمواجهة هذه التطورات بخيارين، وكلاهما ضد المواطن على المدى القصير والبعيد.

أما الخيار الأول فقد بدأته الحكومة بالفعل منذ مطلع ديسمبر الجاري، حيث وقعت على اتفاقيات بقروض خارجية لعام 2019 بقيمة 8 مليارات دولار و300 مليون دولار، جاءت كالآتي:

أما الخيار الثاني للسيسي والذي أشار إليه الخبراء فيتمثل في فرض المزيد من الضرائب، ورفع المزيد من الأسعار، وهو ما أكدته مكالمته الهاتفية لبرنامج يحدث في مصر مساء الخميس الماضي، والتي رفض فيها تناول الإعلام للأحداث في أوروبا آخرها المظاهرات في فرنسا، قائلًا: «لدي ملاحظات على تناول الإعلام المصري لما حدث في بعض الدول الأوروبية، مينفعش نقارن بين أسعار الوقود هناك وهنا، وبين نسبة الضرائب هناك وهنا، والإعلام غرضه التنوير والإيضاح».

وأضاف السيسي قائلا: «ساعات الإعلام يوجه صورة مغايرة للواقع أحيانًا، وأنا ألتقي الكثير من العمالة، وعمرهم ما اشتكوا من صعوبة الظروف وراضية عن الأحوال الاقتصادية، ولقاءاتنا تكون فيها شكل جميل من التقدير».

تكلفة باهظة

وحسب بيانات مؤسسة ماركت فقد ارتفعت تكلفة التأمين على السندات الحكومية المصرية باستخدام عقود مبادلة الائتمان إلى أعلى مستوى في 16 شهرا في النصف الأول من ديسمبر الماضي، لأسباب من بينها اضطراب الأسواق الناشئة حول العالم ومخاوف تحيط بالجنيه المصري، كما أظهرت بيانات “ماركت” أن تكلفة التأمين على الديون المصرية التي أجلها خمسة أعوام ارتفعت إلى 379 نقطة أساس، وهو أعلى مستوى منذ أغسطس 2017.

ووفقا لذلك فقد أكدت تحليلات أخري أن خدمة الدين الخارجي، لن تتوقف في ظل حصول الحكومة المصرية على المزيد من القروض، التي تضاعفت خمس مرات منذ 2011، ما أدى لتجاوز الدين الخارجي لـ 120% من الناتج المحلي.

وحسب صندوق النقد الدولى فى تقرير المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الإقتصادى، فقد توقع أن يصل حجم الدين الخارجي لمصر الى 91.5 مليار دولار بنهاية العام المالي الجاري 2018-2019، وهي المرة الثانية التي يرفع فيها صندوق النقد توقعاته للدين الخارجي، والذى كان من المتوقع وصوله إلى 85.2 مليار دولار بحسب تقرير المراجعة الثانية لأداء الإقتصاد المصري، بينما كانت تقديراته فى تقرير المراجعة الأولى، وصول حجم الدين الخارجي إلى 73.5 مليار دولار بنهاية العام المالي الحالي 2018-2019.

ووفقًا لبيانات البنك المركزي، فقد سجل إجمالي رصيد الدين الخارجي لمصر نحو82.9 مليار دولار بنهاية شهر ديسمبر الماضى، وهو ما يمثل نحو34.2% من الناتج المحلي الإجمالي، فى مقابل79 مليار دولار خلال شهر يونيو2017، أى بزيادة بلغت نحو 3.9 مليار دولار.

وطبقا لتقارير صحفية فقد أظهرت بيانات الموازنة العامة للدولة، ارتفاع فوائد القروض الخارجية لتبلغ نحو31.4 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي2018-2019، فى مقابل نحو25.5 مليار جنيه خلال العام المالي الماضي2017-2018. وكانت فوائد القروض الخارجية قد سجلت نحو7.6 مليار جنيه خلال العام المالي السابق2016-2017، ومن المتوقع ارتفاع حجم الفوائد الخارجية لتصل إلى52.8 مليار جنيه خلال العام المالي2019-2020.