شارفت السلطات في مصر على الانتهاء من إنشاء جدار إسمنتي كبير جنوبي مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، وسط تكتم رسمي وإعلامي.

وقال مصدر صحفي في سيناء لـ”عربي21″، إن القوات المسلحة على وشك الانتهاء من الجدار الذي بدأت العمل فيه قبل أكثر من عام، وتحديدا في كانون الثاني/ يناير 2018.

وشرعت القوات المسلحة في بناء جدار العريش الجنوبي لفصل الكتلة السكانية للمدينة، عاصمة محافظة شمال سيناء، عن ظهيرها الصحراوي من  قرية الطوَيل شرق المدينة حتى جنوب حي الصفا بغربها بطول 10 كيلومتر.

وتعرض الجدار لعدة هجمات مسلحة من قبل تنظيم ولاية سيناء، آخرها كان في آذار/ مارس 2019، عندما استهدفوا عمالا مدنيين مع القوات المسلحة، ما أسفر عن مقتل اثنين وإصابة ثلاثة آخرين، وفق موقع مدى مصر.

ووفق وكالة الأسوشيتد برس؛ كان الاستهداف الأول في 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2018 عندما قتل المسلحون ثلاثة عمال وأصابوا آخر، والاستهداف الثاني في الشهر نفسه من العام ذاته، كان بتفجير عبوة ناسفة في سيارة تقل عمالا على الطريق الدائري، ما أسفر عن مقتل اثنين وإصابة عشرة آخرين.

 

أسوار وحرم سيناء

وكان قائد الانقلاب العسكري، عبدالفتاح السيسي، قد أمر بإقامة حرم آمن لمطار العريش يمتد لمساحة خمسة كيلو مترات في الاتجاهات الأربعة للمطار؛ وذلك في أعقاب حادثة استهداف طائرة وزيري الدفاع والداخلية السابقين بصاروخ في أثناء وجودهما بالمطار في كانون الأول/ ديسمبر 2017.

في غضون ذلك، شرعت السلطات المصرية في بناء سور من منطقة خليج نبق إلى محميّة رأس محمّد، على امتداد طريق المنتجعات السياحيّة بمدينة شرم الشيخ  على البحر الأحمر جنوبيّ سيناء، بعرض 37 كيلومترا، حيث يمتد الجدار من الشرق إلى الغرب.

وزعم رئيس مدينة شرم الشيخ اللواء محمود السولية، في تصريحات صحفية أن السور الذي سيتم إقامته على الطريق من ناحية منطقة الرويسات، “عبارة عن سور شبكي بشكل جمالي؛ لمنع عبور الأغنام والماعز في اتجاه خليج نعمة، ولصد الأوراق والبلاستيك المتطاير في اتجاه البحر وخليج نعمة”.

وحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية، فإن السلطات المصرية تسعى من وراء بناء الجدار الإسمنتي إلى عزل المنتجعات السياحية عن محيطها في منتجع شرم الشيخ.

وتداول نشطاء صورا، لما قالوا إنها أسوار تبنى حول مدينة شرم الشيخ السياحية؛ بهدف عزلها.

 

بوابات العريش

الصحفي السيناوي، أحمد أبو دراع، أكد أن “الجدار الذي تبنيه القوات المسلحة شارف على الانتهاء”، مشيرا إلى أن “عملية البناء ربما تكتمل خلال شهور على أقصى تقدير”.

وأوضح في تصريحات لـ”عربي21″، أن “هذا الجدار بدأ البناء فيه بعد قرار إعلان إنشاء حرم آمن حول مطار مدينة العريش في 2018 بعد استهداف طائرة وزيري الدفاع والداخلية السابقين”.

وكشف أبو دراع أنه “لا أحد يعرف تفاصيل هذا الجدار على وجه التحديد، سواء التكلفة، أو الهدف من تشييده، الذي من المقرر له الوصول إلى الطريق الدولي على ساحل العريش”.

ولكنه رجح أن يكون الهدف من بناء هذا الجدار هو “تحديد عملية الدخول والخروج، واقتصارها على ثلاث بوابات للمدينة فقط”.

 

نصائح الصهاينة

من جهته قال الناشط السيناوي أبو الفاتح الأخرسي، إن “بناء هذه الجدر هو بناء على نصائح أصدقائهم الصهاينة لتشديد عزلة سيناء، بعد عقود من الإهمال والتهميش، ثم التهجير القسري للمواطنين بوسائل مختلفة، آخرها مع العملية الشاملة 2018، خاصة في مناطق الشيخ زويد ورفح وجزء من العريش”.

ولم يستبعد في تصريحات لـ”عربي21″ أن يكون الجدار “استعدادا لصفقة القرن في منطقة شرق العريش، سواء من خلال إحلال للفلسطنيين في هذه المنطقة بشكل مباشر أو غير مباشر، أو من خلال إقامة مشروعات ومناطق وموانئ لصالح الفلسطينيين، أو ما قد يسمى غزة الكبرى”.

وبشأن حدود الجدار، أوضح أن “الجدار يفصل مدينة العريش عن الامتداد البدوي لها (ظهيرها الصحراوي) من قرية الطويل وحتى حي الصفا جنوب العريش، وهذا يثير تساؤلات هل سيكون هذا هو الحد الغربي لمنطقة صفقة القرن، أم أنه في ظل عجز الجيش عن منع الهجمات هل يحمي نفسه منها؛ لأن الهجمات تأتي من العمق الصحراوي.”.

وانتقد الأخرسي حالة الغموض والتكتم التي تفرضها الدولة حول الجدار، قائلا: “الأمور لا تزال غامضة، والدولة لا تعير المواطنين أي اهتمام ولا تخبرهم بما يجري على أراضيهم، والسيناويون هم آخر من يعلم”.

وكان النائب السابق عن شمال سيناء يحيى عقيل، قد أكد في تصريحات متلفزة لقناة الجزيرة مباشر، شروع السلطات المصرية في بناء الجدار، وقال إن “بناء السور مرتبط بما يسمى بصفقة القرن من خلال إقامة دولة في غزة وأراض من سيناء المصرية”.