كتب- باسم الشجاعي:

منذ اندلاع الأزمة الخليجية التي وقعت في مايو من العام 2017، شرعت دولة الإمارات العربية في الدفع بمنظمات حقوقية مرتشية، من أجل تنفيذ أجندات خاصة رسم ملامحها ولي عهد أبو ظبي الأمير “محمد بن زايد”، وعلى رأس تلك الأولويات تشوية صورة قطر في المحافل الدولية، وتضليل الرأي العام الدولي، ولكنها دائما ما تبوء بالفشل، كونها تستند إلى اتهمامات مرسلة، لا أساس لها من الصحة.

وكان آخر تلك المحاولات، ماتقوم به مؤسسة “ماعت” حاليا ضد دولة قطر في محاولة لتشوية صورتها أمام العالم، تحت مزاعم أنها تحاول إنقاذ المواطن المصري المحتجز في الدوحة “نبيل مصطفى حسين”، التي تقول إنه يدفع ثمن مواقفه السياسية السلمية.

إفلاس حقوقي

وقضية “حسين”، ليست بجديدة، فقد سبق وأن أثارها اللوبي الحقوقي الموالي للنظام المصري، في نوفمبر من العام 2016، وهي ما تحاول “ماعت”، حاليا بإيعاز من دولة الإمارات إعادة طرحها على الساحة الدولية، وخاصة على هامش انعقاد الدورة 39 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة حاليا بجنيف.

وهذه المحاولة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة من محاولات دول الحصار لانتزاع إدانات حقوقية دولية، ضد دولة قطر، من خلال “ماعت”، وخاصة بعد الفشل الذريع الذي منيت به المنظمات الحقوقية التي جندتها دول حصار قطر، من أجل تشويه صورة الدوحة في المنابر الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وفضيحة التمويل، التي كشفت في سبتمبر الماضي.

ولتفادي هذه الفضائح المتكررة، فكر الرباعي العربي وعلى رأسهم الإمارات، في البحث عن مؤسسة حقوقية تتمتع بتواجد دولي كبير وبعيدة كل البعد عن تلك الفضيحة، فكانت مؤسسة “ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان” المصرية.

والملفت للانتباه، أن الإمارات دفعت بالعديد من المنظمات الحقوقية المصرية الموالية لها، لتصدر المشهد الحقوقي خلال انعقاد الدورة 39 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة حاليا، والذي تركز نشاطه على تشوية صورة قطر، ولكن دون جدوى.

ومنظمة “ماعت”، تأسست عام 2005، ويقبع مقرها في إحدى البنايات السكنية بحي دار السلام الشعبي جنوب القاهرة، وتتمتع بالمركز الاستشاري بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة.

فـ”المنظمة” تتوفر فيها الشروط التي تبحث عنها الإمارات دائما، العداء لدولة قطر ولجماعة الإخوان المسلمين، وتؤيد قائد الانقلاب “عبد الفتاح السيسي”.

وهذا ما أظهرته التقارير التي أصدرتها “ماعت” خلال الآونة الأخيرة؛ حيث كشفت مدى حرصها الشديد على تبرير ممارسات السلطة المصرية، ومحاولة إضفاء الشرعية القانونية عليها، من خلال التقارير التي تصدرها المؤسسة، وذلك على الرغم من الإدانات الحقوقية المتعددة للنظام.

ممول إماراتي

أما مؤسس ورئيس “ماعت”، “أيمن عقيل”، فهو شاب صاعد بسرعة الصاروخ في مجال حقوق الإنسان في مصر وخارجها وهو ما أثار الشكوك حوله؛ حيث برز اسمه بقوة في الفترة الأخيرة، فيما بدا وكأنه إعداد لما هو قادم.

“عقيل”، فتحت له الأذرع الإعلامية للنظام المصري ذراعيها لمهاجمة زملائه والتشكيك في نزاهتهم واتهامهم بالعمالة لقطر وللإخوان، ولكنه اعترف في طيات اتهاماته، أنه يتلقى تمويلا أجنبيا من 18 جهة دولية، لكن بموافقة أمنية.

وفي يونيو 2015، كان “عقيل” على موعد مع فضيحة كبرى عندما تعرضت الشبكة الدولية للحقوق والتنمية ومقرها النرويج لحملة أمنية، أسفرت عن اعتقال رئيسها “لؤي محمد ديب” فلسطيني الجنسية، بتهمة غسيل الأموال، ومازالت زالت الفضية تنظر أمام القضاء النرويجي.

ووفق تقارير إعلامية فإن “ديب” مقرب من القيادي الفتحاوي المفصول “محمد دحلان”، والذي يعمل كمستشار أمني لولي عهد أبو ظبي الشيخ “محمد بن زايد”.

ومن المعروف في الأوساط الحقوقية المصرية أن “الشبكة الدولية”، هي الشريك المحلي لمؤسسة “ماعت”، وذلك بحسب ما أكد الحقوقي المصري البارز “جمال عيد”، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، في تصريحات صحفية له، نشرت في أغسطس من العام 2015.

“عيد”، اتهم “عقيل”، بالتورط في الحصول على تمويل إماراتي مشبوه، وصف “ماعت”، بأنها “ليست منظمة صاحبة مصداقية كبيرة لسبق تعاملها مع نظام مبارك الذي من شأنه وضع علامات الاستفهام حولها”، فضلا عن أنها “غير واضحة التوجهات بالإضافة إلى تمويلاتها غير المعروفة سواء من خلال تعاملها مع الشبكة الدولية أو غيرها”.

كما سبق، وأن كشف عنها المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط، عن فضيحة أخرى تورطت فيها “مؤسسة ماعت”؛ وذلك من خلال حصولها على أموال إماراتية، مقابل الترويج لوقفة احتجاجية وهمية، قالت إنه تم تنظيمها أمام مقر الأمم المتحدة بجنيف ضد قطر وتركيا، وذلك على هامش انعقاد الدورة 37 لمجلس حقوق الإنسان.

الحرث في الماء

رغم عدم قدرة دول الرباعي العربي المحاصر لقطر، في تشوية صورة الدوحة، إلا أنه لا ييأس في المضي قدما، في هذا الأمر، مما يثير الشفقة.

وبعد محاولات استغلال أمر المصري المحتجز في قطر، وتضخيم الأمر، دون جدوى، اتجهت أنظارهم إلى تجهيزات كأس العالم التي تقام في الدوحة حاليا.

وأفردت وسائل الإعلام في دول الحصار، مساحات كبيرة لتقرير حقوقي أصدرته، منظمة العفو الدولية الحقوقية، عن قيام شركة هندسية تشارك في تشييد البنية التحتية لكأس العالم 2022، بعدم دفع رواتب العاملين منذ 2016.

ولكن الغريب في الأمر، أن الشركة التي اتهمتها منظمة العفو الدولية، بالتقاعس عن دفع أجور العمال العاملين في منشآت كأس العالم 2022، “لم تعد تعمل في قطر”، وذلك بحسب ما قالت وزارة التنمية الإدارية والعمل القطرية.

وزعم تقرير “المنظمة” أن قطر، تتمتع بسلطة منع العمال من مغادرة البلاد أو تغيير وظائفهم، ما يحد من خياراتهم للهروب من المعاملة السيئة، أو الاعتراض على سوء معاملتهم، وفق قانون “الكفالة”.

وهذا يأتي عكس ما قامت به دولة قطر في سبتمبر الحالي؛ حيث عدلت الدوحة قوانين الإقامة، وصار بمقدور معظم العمال الأجانب مغادرة البلاد دون الحصول على تصاريح للمغادرة، ويكون لصاحب العمل الحق في مطالبة ما يصل إلى خمسة في المائة من العاملين في مؤسسته بالحصول على إذن لمغادرة البلاد على أن يقدم قائمة بأسمائهم إلى الحكومة، مع مبررات للطلب معتمدة على طبيعة أعمالهم في المؤسسة.

كما سبق وأن صادقت قطر في شهر يونيو الماضي، على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ما يجعلها ملزمة قانونا باحترام وحماية وتطبيق مجموعة الحقوق المكفولة من قبل المعاهدتين على كل شخص في أراضيها، دون تمييز، والتي تشمل مئات الآلاف من العمال الأجانب الذين يقومون حاليا ببناء البنية التحتية لكأس العالم، أو يعملون في المنازل.