إبراهيم سمعان

يجسد الهجوم على المحكمة الجنائية الدولية، من قبل جون بولتون، مستشار الأمن القومي لدونالد ترامب، الرؤية أحادية الجانب لرئيسه، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى تقوية المحكمة الجنائية الدولية أو الإسراع بنهايتها.

 

وقال جون بولتون في الجمعية الاتحادية، وهي منظمة محافظة، الاثنين 10 سبتمبر في واشنطن: ستستخدم الولايات المتحدة كل الوسائل الضرورية لحماية مواطنينا وحلفائنا من مقاضاة هذه المحكمة غير الشرعية.

“هذه المحكمة غير الشرعية” التي يهددها مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي هي المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، حيث ذكرت الإذاعة العامة NPR بأن المدعي العام، فاتو بنسودة، لا يستبعد التحقيق في جرائم الحرب المحتملة التي ارتكبت في أفغانستان حيث يوجد الجيش الأمريكي منذ عام 2001.

 

وقالت صحيفة “كورييه إنترناسيونال” الفرنسية، المختصة في ترجمة المقالات من الصحف العالمية، في هذا الإطار، إن الولايات المتحدة الأمريكية يمكنها على سبيل المثال حظر إقامة قضاة المحكمة الجنائية الدولية.

 

وأوضحت أن صحيفة “ذا هيل”، أشارت إلى أن هذا التصريح كان أول خطاب لبولتون في دوره الجديد، والذي بدأ في أبريل، ويضيف “تصريحات بولتون، الصقر الشهير، تضع بصمته على نهج إدارة السياسة الخارجية”.

 

من جهتها أشارت صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن العداء تجاه المحكمة الجنائية الدولية لم يكن “مفاجأة كبيرة”، فبولتون خصم معروف للمنظمة منذ دخولها حيز النفاذ عام 2002 بينما كان يعمل بجانب جورج دبليو بوش، فالولايات المتحدة الأمريكية لم تصادق على نظام روما الأساسي.

“سليت” الفرنسية وصفت بولتون بالـ “مهووس” حتى من المحكمة التي يوجد مقرها في لاهاي، فبالنسبة له، جوهر القانون الدولي بمثابة وهم خيالي، حماية السيادة الأمريكية من تدخل المؤسسات الأجنبية كان أمر مهيمن على حياته.

واستطردت قائلة: قد يقدم بولتون حجته دفاعاً عن السيادة، لكنه يبدو في كثير من الأحيان مثالاً على الإفلات من العقاب إذا فعلت الولايات المتحدة ذلك، فهو ليس جريمة حرب”.

 

مهووس بالدماء

تصريحات مستشار دونالد ترامب أثارت غضب مجلة إسكوير الأمريكية، منتقدة “المهووس المتعطش للدماء”، الذي هو على استعداد لمقاضاة منظمة “أطباء بلا حدود” ، أو منظمة “العفو الدولية”، أو حتى سويسرا لتعاونهم مع المحكمة، مؤكدة أنه “في الأساس، يدعي بولتون الحق في مقاضاة أي شخص بالعالم بتهمة خيانة الولايات المتحدة، إنه مجنون”.

في برنامجها في إذاعة “نيوشور” ، أجرت “بي بي سي” مقابلة مع أوونا هاثاوي، أستاذ في القانون الدولي، فعلى حد علمه، لم يسبق أن هاجم مسؤول أمريكي أعضاء منظمة دولية يقومون بعملهم فقط.

ويشير الأكاديمي أيضاً إلى “السخرية” في انتقاد بولتون، حيث سخر من المحكمة الجنائية الدولية “غير الفعالة” ووصفها بأنها “تهديد خطير لسيادة الولايات المتحدة”، لكنه حذر البيت الأبيض من تمادي بولتون ودمج هذا في سياسته الخارجية.

وسائل إعلام بريطانية أعربت أيضا عن  قلقها من الخطاب الذي ألقاه بولتون وقالت صحيفة “الجارديان”: أمريكا تحاول قتل العدالة الدولية”، وشبهت بولتون بــ “الرجل الذي يحمل السكين”، لقد اختار دونالد ترامب رجال أحادي الجانب، فالهجوم على المحكمة الجنائية الدولية يظهر للعالم “الوجه غير المقبول للاستثنائية الأمريكية”.

وأوضحت الآن أصبح هناك الضغط على المحكمة الجنائية الدولية، وهي مؤسسة غالبا ما تتهم بالعمل فقط في مواجهة الدول الأفريقية الفقيرة على وجه الخصوص.

وتلخص “ذا هيل” ما حدث بالقول: اذا واصل تحقيقاتها في أفغانستان، فإن المحكمة ستزيد رصيدها بين المتشككين الذين يعتقدون أنها تلاحق القوى العالمية، لكن إذا خضع قضاتها للتهديدات الأمريكية، يمكن أن تنتهي المحكمة، وهو الهدف المعلن لجون بولتون.