بلغة حاسمة لا تقبل التأويل، لم يعد التطبيع الإماراتي الإسرائيلي سرا، بعدما أكد محمد حمد الكويتي، رئيس الأمن السيبراني في دولة الإمارات، أن أبوظبي وإسرائيل تبادلتا معلومات استخباراتية مرتبطة بالأنشطة السيبرانية للجماعات المسلحة المناهضة لإسرائيل في إطار التعاون المتنامي بين الدولتين، كان آخرها الهجوم الأخير الذي وقع مع حزب الله، في إشارة إلى ذلك الذي نفذته مجموعة تطلق على نفسها Lebanese Cedar (الأرز اللبناني) في يناير الجاري.
وفي تصريح خص به صحيفة Haaretz الإسرائيلية، فإن هذا الهجوم، الذي اكتشفته شركة دفاع سيبراني إسرائيلية، شهد استخدام المجموعة التي تتبع الجماعة المسلحة برمجيات وتقنيات مرتبطة بالقراصنة التابعين لحكومة إيران من أجل اختراق خوادم في الولايات المتحدة وبريطانيا ومصر والأردن ولبنان وإسرائيل ومناطق الضفة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون.
وأوضح رئيس الأمن السيبراني في الإمارات، أن بلاده استُهدفت هي الأخرى، وقال: “في حادثة مجموعة Lebanese Cedar، كان القطاع الخاص هو أول من اكتشف الأمر، وبعد ذلك، من خلال تعاوننا، جرى تعميم اكتشافاته، وبحثنا ووجدنا بعض الإشارات بأن هذا حدث هنا كذلك”، كما شدد على أنه “هناك مزيد من التبادل من جانب الشريك الإسرائيلي، مما يسمح لنا بتبادل المزيد على صعيد هذه الجوانب كذلك”.
في لقاء عبر تطبيق Zoom، بين صحيفة Haaretz والكويتي ونظيره الإسرائيلي يغئال أونا، رئيس شبكة السايبر الوطنية في إسرائيل، وصف كلاهما كيف تحولت العلاقات التي صيغت بموجب الاتفاقيات الإبراهيمية في أغسطس الماضي، إلى علاقة “أخوّة” بين البلدين في المجال الرقمي، وفي إشارة لما يقول عنه الكويتي إنه دليل على العلاقات الوثيقة مع إسرائيل، تستضيف دبي حالياً مؤتمراً سيبرانياً إسرائيلياً بارزاً، وهو مؤتمر يُعقد للمرة الأول خارج إسرائيل.
تعاون دائم
المسؤول الإماراتي رفض التأكيد على أن المعلومات الاستخباراتية العسكرية التي يجري تبادلها مع إسرائيل تتعلق بإيران، لكنه أكد على أنه “لا يهم من الذي يهاجمنا. فما نحتاجه جميعاً هو تبادل المعلومات حول الآليات الدفاعية والتكتيكات والتقنيات والإجراءات التي يستخدمها القراصنة، ونماذج الهجوم، بل وأيضاً التوقيعات الفريدة” التي تتيح إسناد الأمر إلى منفذيه.
بدوره، شدد مسؤول إسرائيلي على أن التركيز اليوم في التعاون بين الإمارات وإسرائيل يُسلَّط على “الهجوم، وليس على المهاجم”، وقال المسؤول الإسرائيلي إن مثل هذه العلاقات الدفاعية كانت تتطلب في الماضي الوصول إلى معلومات سرية، ولكن في الوقت الحالي لم يعد الأمر هكذا في عالم الأمن السيبراني. كما أوضح قائلاً: “لا أحتاج استخدام بروتوكولات الإفصاح التي تعود إلى السبعينيات والثمانينيات، لأن أكبر الهيئات الاستخباراتية في العالم السيبراني هي كيانات خاصة، لدى شركة FireEye وشركة Kaspersky معلومات أكبر من أي وكالة استخباراتية حكومية”.
المسؤول الإسرائيلي، أثنى على الإمارات قائلاً إنه عندما تتعرض دولة ما لنوع ما من الهجمات السيبرانية، فإن هذه الهجمات سوف تضرب الدولة الأخرى بسرعة البرق. وأضاف: “وجدنا أن الإمارات تستوعب هذا أفضل من الدول الأخرى”.
زبون رئيس
كانت صحيفة Haaretz نشرت من قبل تقريراً يشير إلى أن الإمارات صارت زبوناً رئيسياً لشركة NSO، المتخصصة في أعمال القرصنة المدفوعة، وذلك بتشجيع من إسرائيل. وأوضحت الصحيفة أن برمجيات Pegasus الخاصة بالشركة تسمح لمشغليها بقرصنة الهواتف الخلوية، بل إن الشركة لديها قسم خاص مُكرَّس لدول الخليج. كذلك ذكرت تقارير أن شركة Cellebrite، التي تقدم خدمات قرصنة الهواتف، قدمت هي الأخرى خدمات إلى الإمارات.
وعندما سُئل المسؤولان عن هذه الشركات السيبرانية والشركات الأخرى التي تعاملت معها الإمارات، فضَّل كلاهما التشديد على الانعكاسات الأوسع للشراكة الإسرائيلية الإماراتية، وهو ما يتضح عبر ما يبدو علاقات دافئة صادقة بين الرجلين.
وبعد طرح السؤال المتعلق بصفقات الإمارات مع شركات هجمات سيبرانية إسرائيلية مثيرة للجدل، ومع شركات تقنيات التجسس، قال أونا: “أنا مدين لك بقهوة يا محمد. لقد راهنته على أنك ستسأل عن شركة NSO بعد 5 دقائق. استغرق ذلك منك 18 دقيقة!”.
واختتم أونا حديثه بتسليط الضوء على المدى الذي وصلت إليه العلاقات بين البلدين في وقت قصير. إذ قال: “الحقيقة التي تقول إنه في أقل من عام، بعد توقيع الاتفاقيات وفي حقبة كوفيد-19، يُعقد مؤتمر سيبراني إسرائيلي بارز في دبي -هي أنه قبل عام، كان هذا سيبدو ضرباً من ضروب الخيال العلمي”.
وبينما شهد العام الماضي حديثاً عن تعاون محتمل بين إسرائيل وشركاتها السيبرانية والإمارات حول “المصالح المشتركة” -وهو مصطلح يرمي عادة إيران- كانت الدولتان أكثر صراحة بشأن التعاون هذا العام.
اقرأ أيضًا: كيف يدعم بن زايد حلفاءه بيد ويطعنهم في ظهورهم بالأخرى؟
اضف تعليقا