العدسة – إبراهيم سمعان
يشهد اليمن مأساة إنسانية واسعة النطاق للسكان المدنيين، شجبتها المنظمات غير الحكومية؛ فهذا البلد الأشد فقرًا في المنطقة وقع تحت احتلال سعودي- إماراتي بمساعدة الغربيين.
هذا ما خلصت إليه صحيفة “لوبينيون” الفرنسية التي سلطت الضوء على الأزمة التي يمر بها اليمن، وسط تقارير عن تورط فرنسا في جرائم الحرب التي تُرتَكب هناك من خلال تسليحها للسعودية والإمارات.
وفق تقرير صادر عن مكتب المحاماة Ancile بتفويض من منظمتي العفو الدولية والحركة المسيحية من أجل إلغاء التعذيب المعروفة اختصارًا بـ “ACAT” ، تقدم فرنسا أسلحة (مدافع القيصر وبنادق قنص وعربات مدرعة وذخيرة…) ومساعدات (استخبارات، وصيانة ميراج 2000) إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
بالنسبة لهاتين المنظمتين غير الحكوميتين، من المحتمل أن تنتهك هذه الأسلحة، المستخدمة في الحرب اليمينة، القانون الإنساني الدولي، وقد تتحمّل الدولة المصنعة المسؤولية الجنائية بتهمة “القتل الخطأ” و”التواطؤ في جرائم الحرب”.
خمسة عشر ألف ضحية، 3 ملايين نازح، مليونا طفل بلا مدارس، مليون شخص مصاب بالكوليرا، 17 مليونًا يعاني من المجاعة، ومتوسط الراتب مقسوم على أربعة (100 دولار شهريًا) … هذا هو السجل المحزن للصراع اليمني منذ شن السعودية والإمارات الحرب على جارتهم العربية في مارس 2015 لمساعدة الحكومة “الشرعية” التي فرت إلى الجنوب.
يوم الثلاثاء الماضي، ندَّدت منظمة العفو الدولية بفرنسا والحركة المسيحية من أجل إلغاء التعذيب بالدعم العسكري من الغرب (الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا) إلى الرياض وأبو ظبي، مشيرة إلى أن هذه المساعدات قد تنتهك القانون الإنساني الدولي.
ويأتي هذا بينما كان دونالد ترامب يستقبل الثلاثاء في البيت الأبيض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وقبل أن يتجه إلى فرنسا منتصف أبريل المقبل.
في اليمن، شجب لوران بونفوا، الباحث في مركز البحوث الدولية بمعهد الدراسات السياسية في باريس، الهجمات التي تشنها الطائرات الأمريكية بدون طيار والقوات الخاصة الأجنبية واستخدام القوة لاستعادة “السلطة الشرعية ضد ما يسمى التمرد الذي تدعمه إيران”، مطلقًا جرس إنذار حو المأساة الإنسانية المستمرة وفي ازدياد.
من جهته قال فادي باعوم، رئيس الحركة الشبابية في الحراك اليمني الجنوبي: “التحالف يشن بانتظام غارات جوية ولهم ضباط يتولون قيادة مقاتلين جنوبيين وأجانب على الأرض يوفّرهم أريك برنس، مؤسس بلاكووتر للقتال البري”، لافتًا إلى أن المقاتلين الجنوبيين يتقاضون 400 دولار في الشهر.
على الصعيد السياسي، تمكنت السعودية أواخر عام 2017 من التصالح مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، حليف الحوثيين، وقد قام الأخير بقتله في 4 ديسمبر وأصبح له اليد العليا على المقاتلين الذين كانوا موالين له. يدور القتال حاليًا في محيط مأرب وتعز وعلى الحدود مع السعودية، لكن الائتلاف فشل في صدّ الحوثيين في شمال اليمن.
“السعوديون والإماراتيون يستخدمون الآن المجاعة كسلاح في الحرب من خلال فرض حصار برّي وبحري وجوي” يضيف باعوم، الذي أوضح أنهم يراهنون على انقلاب السكان ضد الحوثيين، مع الزوارق الدورية التابعة له، يمنع التحالف وصول المساعدات إلى ميناء الحديدة، آخر ميناء رئيسي تحت سيطرة الحوثيين.
التحالف يسيطر بالفعل على موانئ عدن وحضرموت، ومضيق باب المندب، ومأرب المنطقة النفطية (أكثر من 100 000 برميل يوميًا تصدر منها قبل الحرب)، ومحطة الغاز في بلحاف، ويقول باعوم إنَّ “الرياض وأبو ظبي تمولان الحرب بشكل كبير غير قانوني من خلال استغلال الهيدروكربونات في البلاد”، منددًا أيضًا باحتلال سقطرى، الجزيرة اليمنية الواقعة عند مدخل خليج عدن، من قبل الجيش الإماراتي الذي ينوي إقامة قاعدة هناك، كما يمنع التحالف الأشخاص من الفرار إلى عمان ومصر، وهما الدولتان المضيفتان الرئيسيتان.
بعد فشل وساطة الأمم المتحدة والكويت يقوم الأوروبيون بالتعبئة، في 26 مارس، سيجتمع ممثلون عن الحوثيين ومختلف الحركات الجنوبية في لندن لإجراء محادثات مباشرة برعاية بريطانية.
سيقوم العديد من أعضاء البرلمان الأوروبي، بمبادرة من النائبة الفرنسية باتريشيا لالوند، بإطلاق مبادرة سلام، وفي حين فشل مشروع الهيكلة الإقليمية في الماضي، فإن بعض الحركات في الجنوب تريد العودة إلى الانفصال، لكن الرياض ليست على وشك قبول حكومة حوثية على عتبة بابها شمال اليمن.
اضف تعليقا