العدسة – إبراهيم سمعان
مع أتباعهم في مصر والبحرين، أراد السعوديون والإماراتيون -قبل عام- معاقبة قطر على علاقاتها بإيران وجماعة الإخوان المسلمين، لكن الحصار الذي فرض من قبل هذا الرباعي فشل حتى الآن.
كان هذا ملخص تقرير نشرته صحيفة “لوسوار” البلجيكية، عن الذكرى الأولى للحصار المفروض على قطر، مشيرة إلى أن السعودية هي أكبر الخاسرين.
وقالت الصحيفة الناطقة بالفرنسية: في 5 يونيو 2017، قاطعت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر قطر دبلوماسيًّا، وفوق ذلك كله، فرضوا حظرًا اقتصاديًّا شديدًا على الدوحة جويًّا وبريًّا وبحريًّا.
وأشارت إلى أنه رغم وساطة الكويت والولايات المتحدة، إلا أن الأزمة يبدوا أنها ستطول؛ فليس هناك شيء يدل على العكس أو ينبئ بإمكانية انتهائها قريبًا، فوفقًا لتقارير إخبارية عالمية، هدد السعوديون قطر مؤخرًا بتدخل عسكري إذا حصلوا على نظام الدفاع الجوي المتطور جدًّا (S-400) من روسيا.
وأوضحت الصحيفة أنه على حين غرة قبل اثني عشر شهرًا، اتهمت الدول الأربع قطر “بدعم الإرهاب”، وإقامة “علاقات مع إيران”، وقطعت الرياض وأبو ظبي والمنامة والقاهرة -بفظاظة- كل العلاقات مع الدوحة، ما أغرق المنطقة في ذهول.
وبعد سبعة عشر يومًا، نشرت الدول الأربع قائمة تتضمن ثلاثة عشر مطلبًا موجهة إلى قطر -تكتب الصحيفة- بدءًا بطرد العشرات من الشخصيات الإسلامية، وحتى إغلاق قناة “الجزيرة” الفضائية الشهيرة، وتخفيض العلاقات مع إيران، وإغلاق قاعدة عسكرية تركية صغيرة.
وتابعت: لكن “رُفضت القائمة بسرعة من قبل سلطات الدوحة، الذين اعتبروها تدخلًا يهدف للاعتداء على سيادة الإمارة”.
ذهول عام!
ولفتت إلى أنه بعد إغلاق السعودية مجالها الجوي والحدود البرية الوحيدة للإمارة، تبعه ذعر قصير في قطر لأن إمدادات البلاد تعتمد إلى حد كبير على الجار السعودي، وهكذا تم إنشاء حصار بري وجوي وبحري صارم لم يسبق له مثيل بين “الإخوة” في الخليج.
وفي إطار ذلك كله حرص “المدعون الأربعة” على ضمان موافقة الرئيس دونالد ترامب، الذي اختار الرياض (في مايو) كأول وجهة أجنبية يزورها بعد تنصيبه قبل بضعة أشهر، وفي الواقع، الملياردير الغريب، سرعان ما طالب قطر بوقف تمويلها للإرهاب الدولي.
لكن بالنسبة لبقية المجتمع الدولي، كان الأمر سوء تفاهم، وذلك لأنه بالنسبة للغربيين، هذه الممالك البترولية تجسد الأسواق التجارية والصناعية بشكل خاص، وهذا النوع من الخلافات يثير الكثير من الانزعاج.
رباطة جأش في الدوحة
وقالت “لوسوار”: من جهتها، تعاملت السلطة في الدوحة برباطة جأش واستبصار، فالهدف الأول، على المدى القصير، كان إعادة تنظيم إمدادات شبه الجزيرة، بفضل الحلفاء المحتملين، إيران وتركيا، حتى لا يؤدي الحصار إلى تفاقم الأزمة.
من ناحية أخرى، تحدثوا مع واشنطن، مؤكدين أن الإمارة هي المقر الرئيسي للمقر الإقليمي للجيش الأمريكي، كما قاموا بعقد صفقات أسلحة من جميع الأنواع، ونفس الشيء مع العواصم الأوروبية الرئيسية؛ لندن وباريس وروما.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدوحة نجحت في تحقيق أهدافها؛ حيث استقبل “ترامب” أمير قطر تميم آل ثاني، بحفاوة في البيت الأبيض، الأمر الذي أثار الغضب في الرياض وأبوظبي، المحرضين الرئيسيين على الأزمة، حيث أنفقوا عشرات المليارات من الدولارات في الولايات المتحدة بلا كلل، وتعاقدوا مع شركات علاقات عامة أمريكية لتشويه صورة قطر، لكن يبدو أن كل ذلك كان بلا فائدة.
وأكدت الصحيفة أن القطريين نجحوا في امتصاص الصدمة، صحيح أنهم اضطروا للاستفادة من احتياطياتهم (43 مليار دولار، وفقًا لـ”بلومبرج”) ، لكنهم عادوا إلى الحياة، والأفضل من ذلك، تعزيز القومية والاستقلال.
وفي نهاية التقرير تساءلت “لوسوار”: لماذا أثارت عواصم الخليج هذه الأزمة التي يبدو أنها تتحول ضدها؟ وأجابت بالقول: على ما يبدو غضبت الرياض من العلاقات القطرية مع إيران الشيعية، التي تنظر إليها السعودية على أنها تهديد وجودي، في حين أن أبوظبي تخشى جماعة الإخوان المسلمين، التي تجسد الإسلام السياسي.
وبينت أن محمد بن سلمان في الرياض، ومحمد بن زيد في أبوظبي، الحاكمين الفعليين لبلادهما، لديهما الكثير من القواسم المشتركة، خاصة في عدائهما لرياح “الربيع العربي” التي دعمتها قطر بجرأة من البداية، لكن المشكلة أن الحيلة التي نفذاها لتحقيق ذلك فشلت تمامًا حتى الآن.
اضف تعليقا