هل انتهت أزمة الأردن رسميا، بإعلان ولاء الأمير حمزة لأخيه الملك عبد الله؟ سؤال طرحته صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية حول “مؤامرة” عمان، مشيرة إلى خوف السعودية من الاعترافات التي سيدلي بها  رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق باسم عوض الله الذي أصبح فيما بعد مستشار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وقال الكاتب في الصحيفة جورج مالبرونو: رسمياً، انصاع الأمير حمزة للتعليمات، وأكد الأخ غير الشقيق لملك الأردن عبد الله الثاني، ولاءه بعد أن وضع قيد الإقامة الجبرية منذ يوم السبت لأنه حاول، بحسب القصر الملكي، زعزعة استقرار الأردن.

وأوضح أنه في ختام وساطة جرت في منزل عمه الأمير حسن، البالغ من العمر 74 عامًا، من العائلة الهاشمية، وبمشاركة أربعة أمراء آخرين، أصدر القصر الملكي بيانًا صحفيًا مساء الاثنين تلى فيه رسالة موقعة من الأمير حمزة جاء فيها “كرس الهاشميون عبر تاريخهم المجيد نهج حكم أساسه العدل والرحمة والتراحم، وهدفه خدمة الأمة ورسالتها وثوابتها. فلم يكن الهاشميون يوما إلا أصحاب رسالة، وبناة نهضة، نذروا أنفسهم لخدمة الوطن وشعبه”.

 وأضاف “يحمل جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين اليوم الأمانة، ماضيا على نهج الآباء والأجداد، معززا بنيان وطن عزيز محكوم بدستوره وقوانينه، محصن بوعي شعبه وتماسكه، ومنيع بمؤسساته الوطنية الراسخة، وهو ما مكن الأردن من مواجهة كل الأخطار والتحديات والانتصار عليها بعون الله ورعايته”.

 وتابع “لا بد أن تبقى مصالح الوطن فوق كل اعتبار، وأن نقف جميعا خلف جلالة الملك، في جهوده لحماية الأردن ومصالحه الوطنية، وتحقيق الأفضل للشعب الأردني، التزاما بإرث الهاشميين نذر أنفسهم لخدمة الأمة، والالتفاف حول عميد الأسرة، وقائد الوطن حفظه الله”.

 واختتم الأمير حمزة رسالته بالقول ” في ضوء تطورات اليومين الماضيين، فإنني أضع نفسي بين يدي جلالة الملك، مؤكدا أنني سأبقى على عهد الآباء والأجداد، وفيا لإرثهم، سائرا على دربهم، مخلصا لمسيرتهم ورسالتهم ولجلالة الملك، وملتزما بدستور المملكة الأردنية الهاشمية العزيزة. وسأكون دوما لجلالة الملك وولي عهده عونا وسندا”.

وأشار مالبرونو إلى أن هذه الرسالة تضع، في الوقت الحالي، نهاية لما كان أول انقسام عام داخل أسرة حكمت الأردن لأكثر من نصف قرن.

ومن جهته رد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الأربعاء على الأحداث التي شهدها الأردن قائلا “قررت التعامل مع موضوع الأمير حمزة في إطار الأسرة الهاشمية، وأوكلت هذا المسار إلى عمي صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال”.

وأكد أن الأمير حمزة ” التزم أمام الأسرة أن يسير على نهج الآباء والأجداد، وأن يكون مخلصا لرسالتهم، وأن يضع مصلحة الأردن ودستوره وقوانينه فوق أي اعتبارات أخرى”.

ولفت العاهل الأردني إلى أن “تحدي الأيام الماضية لم يكن هو الأصعب أو الأخطر على استقرار وطننا، لكنه كان لي الأكثر إيلاما، ذلك أن أطراف الفتنة كانت من داخل بيتنا الواحد وخارجه، ولا شيء يقترب مما شعرت به من صدمة وألم وغضب، كأخ وكولي أمر العائلة الهاشمية، وكقائد لهذا الشعب العزيز”.

الوساطة العائلية 

ونوه مالبرونو بأنه قبل 24 ساعة فقط من التطورات الأخيرة، بدا أن الأمير حمزة كان يريد الوقوف في وجه الملك الذي يتهمه بالتحريض على “مؤامرة شريرة”، ففي حديث تم تسجيله وبثه مساء الأحد على موقع تويتر، قال لمحاور مجهول: “من المؤكد أنني لن أطيع (أوامر رئيس الأركان اللواء يوسف الحنيطي) عندما يخبرني أنه غير مسموح لي بذلك” أي الخروج والتغريد والتواصل مع الناس و”أنه لا يُسمح لي إلا برؤية عائلتي “.

وصباح يوم السبت أخبر رئيس الأركان حمزة بأنه قيد الإقامة الجبرية، وتم اعتقال الوزير السابق باسم عوض الله، والأمير الشريف حسن بن زيد، إضافة إلى عشرات الأشخاص الآخرين.

وأكد الكاتب أنه أمام الأردنيين المذهولين، كشفت العائلة المالكة عن انقساماتها في وضح النهار، لكن بسرعة، بينما بدت الاتهامات بمؤامرة حقيقية تهدد سلطة عبد الله غير مرجحة، أراد الملك “التعامل” مع الفتنة المزعومة لأخيه غير الشقيق في إطار “الأسرة الهاشمية”، دون إهانة مفرطة ومن هنا كانت الوساطة التي عهد بها إلى عمه الأمير الحسن.

غير أنه من المفارقات، أنه مثل حمزة، أطيح بالأمير الحسن من العرش عام 1999 عندما فضل شقيقه الملك حسين وهو يحتضر ابنه عبد الله عليه، ثم أصبح حمزة وليًا للعهد، ولكن لمدة خمس سنوات فقط، ففي عام 2004، استبدله الملك بابنه الأكبر حسين، وهو جرح لم يلتئم بالنسبة لحمزة.

السعودية في ورطة

ووفقا للكاتب فإن الأزمة التي شهدها الأردن لم تنته، لأن مآخذ الأمير حمزة على الفساد وسوء الإدارة والقمع هي لسان حال الكثير من الأردنيين، لكن الأهم في هذا الأمر هو دخول وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان على الخط.

وأشار إلى أن فيصل بن فرحان وصل إلى عمان الاثنين إلى جانب العديد من المسؤولين، لاستعادة باسم عوض الله، الوزير السابق للملك عبد الله، الذي أصبح فيما بعد مستشارًا لولي العهد محمد بن سلمان الذي منحه الجنسية السعودية.

ونقلت “لوفيجارو” عن خبير أردني “السعوديون يخشون ما قد يقوله عوض الله أثناء استجوابه”، مضيفا “الأجهزة الامنية لن تطلق سراحه حتى يتوفر لديها كل المعلومات عن عوض الله”.

وأنهى كاتب المقال حديثه بالقول: إنها مواجهة مصغرة، فالسعودية كانت من أوائل الدول التي قدمت دعمها للأردن الهشة مساء السبت، لكن بما أن الرياض لعبت مع إسرائيل على حساب الفلسطينيين، وهي قضية ترتبط أيضا بعمان، لم تعد المصالح السعودية الأردنية تتلاقى بعد.

للإطلاع على النص الأصلي اضغط هنا

اقرأ أيضًا: عقابا على عرقلة التطبيع.. تقارير: السعودية دبرت انقلاب الأردن